البنوك تخشى تزايد عدد قضايا الصحة العقلية والأمراض المرتبطة بالتوتر فى القوى العاملة لديها حيث إن المصرفيين ذوى الطبقة المتوسطة تكافح من أجل التأقلم مع المزيد من العمل تزامناً مع مستويات الأمن الوظيفى الضعيفة.
وعززت تلك المخاوف حالات الانتحار فى القطاع المصرفى فى الشهور القليلة الماضية التى أطلقت أيضاً مخاوف بأن الارتفاع فى الإيرادات فى بعض المناطق أدت بالفعل إلى تفاقم مستويات التوتر، خاصة بعد تخفيض عدد الموظفين فى السنوات القليلة الماضية.
قال «بيت رودجرز» رئيس تحالف الصحة العقلية وهو ائتلاف بين أرباب العمل للتركيز على الحالات الصحة العقلية فى مدينة لندن، إن تكثيف العمل وزيادة انعدام الأمن الوظيفى بعد الأزمة المالية يضع الموظفين تحت ضغوطات ومستويات عالية من التوتر.
أضافت أنه مجرد وجود تحالف لمناقشة قضايا الصحة العقلية فهذا يعنى أن البنوك بدأت تتحقق من حجم المشكلة، فقد تشكلت تلك المنظمة العام الماضى بين عدة شركات أبرزها «بنك أوف أميركا» و«جولدمان ساكس» و«مجموعة ليودز المصرفية» لرفع الوعى بقضايا الصحة النفسية وإيجاد سبل للوقاية منها.
وقال المصرفيون إن تلك التوترات فى العمل تدمر حجم أعمالهم لأنها تفقد العمال صاحبة الكفاءة وتواجه زيادة فى نسب الغياب بالإضافة إلى أن العمال تعمل لساعات طويلة دون تزايد فى معدلات الإنتاج.
قال «كارى كوبر» أستاذ علم النفس التنظيمى والصحة فى جامعة لانكستر إن المشكلة ضخمة، حيث إن الإيرادات ترتفع من جديد وهناك المزيد من الصفقات ولكن البنوك لاتزال متحفظة جدا للتوظيف مرة أخرى.
و تشهد البنوك المزيد من الأمراض المرتبطة بالتوتر حاليا مقارنة بما قبل الازمة، حيث إن الافراد كانت تعمل قبل الأزمة كثيرا وتجتهد باختيارها لكسب المزيد من المال ولكن حاليا تعمل بالضرورة لإظهار الذات ولإثبات انها ليست بحاجة لمزيد من القوى العاملة.
حتى الآن فإن الرأى العام يركز على حالات الاكتئاب والقلق والمشكلات المرتبطة بالتوتر بين جميع مستويات العاملين بالبنوك.
هناك حالات رفيعة المستوى فى العاميين الماضيين من بينهم السيد «هيكتور سانتس» والذى استقال من وظيفته كرئيس للشئون التنظيمية فى باركليز وذلك بعد اعلانه أخذ إجازة بسبب الإرهاق والإجهاد، بالإضافة إلى «أنطونيو هورتا أوسوريو» الرئيس التنفيذى لمجموعة ليودز الذى أخذ فترة إجازة بسبب الأرق المرتبط بالتوتر.
وذكرت الكثير من الصحف وفاة متدربة فى «بنك أوف أمريكا ميريل لينش» فى لندن ولكن الخبراء أكدوا أن الطبقة المتوسطة من العمال وذوى المناصب المتوسطة فى البنوك هم الأكثر تضررا من ارتفاع فى حالات الضغط.
واكتشف بحث دولى هذا العام أن %60 من المصرفيين يعانون من قلة النوم والنوم المتقطع والخليط من الإجهاد المتعلق بالوظيفة والصعوبة فى تحقيق التوازن بين العمل مع الأطفال ورعاية المسنين بالإضافة إلى المشاكل المالية المدمرة للرفاهية.
وقال محامى أحد العمال إن عمليات الفحص العام والتدقيق التنظيمى من العوامل التى رفعت من مستويات الإجهاد للمصرفيين التى تجرى لتحديد عما اذا كان العامل منضبطا أو يتم رفده أو التحقيق ضده.
تعد تكاليف اعتلال الصحة النفسية ضخمة، ومقدر للقضايا مثل الضغوط أن تكلف الاقتصاد البريطانى 70 مليار يورو سنويا أو %4.5 من الناتج المحلى الاجمالى، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وقدرت منظمة دولية أنه بالنسبة لعمال جميع البنوك فى بريطانيا فإنه سيكون هناك فائدة انتاجية 17.1 مليون يورو حال اتخاذ البنوك الإجراءات الهادفة لتحسين الصحة النفسية لموظفيها.
و قامت الكثير من البنوك بتكثيف جهودها لمواجهة هذه الأمراض مع برامج التوعية وتوفير فرص الحصول على العلاج.
فعلى سبيل المثال، فى بنك «جولدمان ساكس» هناك لمناقشات تجرى مع الموظفين حول مواضيع متعلقة بالصحة البدنية، ولكن هذه الأيام يهيمن البرنامج على مواضيع الصحة النفسية والوقاية من الإجهاد والتوازن بين العمل والحياة.
و قال «كوبر» إنه تمت دراسة جدوى حول برامج للصحة النفسية.