لم تنتظر الحكومة الحالية مجيء رئيس جديد بعد أيام لإقرار الموازنة العامة التى ستطبق فى أول سنوات حكمه، وأحالتها إلى الرئيس المؤقت عدلى منصور والذى سيرحل عن منصبه الأسبوع المقبل لإقرارها.
وتضمنت الموازنة خطوات حذرة على طريق إصلاح الخلل المالى الذى تفاقم على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، شملت خفضا جريئا لأسعار المواد البترولية بقيمة 30 مليار جنيه، لكنها رفعت فى المقابل الدعم الموجه للكهرباء بقيمة 15 مليار جنيه.
كما خفضت من مخصصات عدد من برامج الدعم الأخرى فى مقابل رفعها لمخصصات برنامج الضمان الاجتماعى لاستيعاب مزيد من الأسر التى ستتضرر من رفع أسعار المحروقات.
وتسعى الموازنة لتوسيع قاعدة دافعى الضرائب وفرض ضريبة مؤقتة على الأثرياء بمعدل %5 لتمويل تغيير هيكل الانفاق الحكومى ليتماشى مع الحدود التى أقرها الدستور الجديد فيما يتعلق بالانفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى.
«حلمى»: خفض دعم المزارعين خطأ وضبط المجتمع الضريبى سيلعب دوراً فى خفض العجز
انتقدت أمنية حلمى، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومدير البحوث فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية خفض دعم المزارعين فى موازنة العام المالى الجديد. وقالت إنه يمكن أن يؤثر سلبا على الانتاج خاصة أن المزارعين الفئة الاكثر تأثرا بارتفاع الاسعار العالمية.
وأوضحت أن خفض دعم المزارعين سيعمل على تثبيط عزيمتهم للانتاج خاصة أن مصر دولة غذائية وتعتمد على المواد الزراعية فى استيرادها ايضا.
وخفضت الحكومة مخصصات عدد من برامج الدعم من بينها دعم المزارعين الذى فقد 1.2 مليار جنيه ليصل إلى 3.4 مليار جنيه، وبلغت نسبة التخفيض %27.
وفيما يتعلق بزيادة دعم الكهرباء، أشارت حلمى الى أنه من الضرورى التأكد من وصوله الى الفئة الأقل استهلاكا للكهرباء وللأسر والمواطنين وليس الى المصانع الأكثر استهلاكا.
وأوضحت أن استهداف معدل نمو %3.2 فى الموازنة الجديدة نسبة واقعية وجيدة، مشيرة الى أن تحقيقه يتوقف على رفع معدلات الاستثمارات العامة والخاصة ما سيتطلب الفترة القادمة العمل على تحسين وضع وجذب الاستثمار.
وتابعت أن رفع معدلات الاستثمار أمر يتطلب وقتاً وبالتالى الاسراع فى إجراءاته أمر ضرورى خلال الفترة المقبلة للوصول الى معدل النمو المستهدف مؤكدة أن معدل الاستثمار سيعمل على زيادة فرص العمل.
وأوضحت أن رصد مبلغ 62.2 مليار جنيه الاستثمارات العامة فى الموازنة مازال غير كافٍ ومازالت مصر بحاجة الى استثمارات خارجية
وتراجعت مخصصات الاستثمارات الحكومية نتيجة الإنفاق الاستثنائي الحكومى العام المالى الحالى ضمن خطط الحكومة السابقة باتباع سياسات توسعية لدعم النمو.
وأضافت أن خفض دعم المواد البترولية سيساعد بنسبة كبيرة على تخفيض عجز الموازنة العامة فى الدولة والمستهدف لها %12 من الناتج المحلى الاجمالى ولكن ذلك ستقابله زيادة فى مخصصات الضمان الاجتماعى ما يتطلب المزيد من الاصلاحات الاقتصادية.
وتابعت حلمى أن استهداف خفض عجز الموازنة اتجاه جيد خاصة بسبب الظروف التى تمر بها مصر فى الوقت الراهن ولكن تحقيقه يتطلب المزيد من الاصلاحات من بينها ضبط المجتمع الضريبى.
فخرى الفقى: الموازنة الجديدة واقعية وتتسم بالتحوط
قال فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الوفد، إن الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد والمعدة بها تحوط وحرص شديد.
وقال إن الدليل على ذلك هو معدل النمو المتحفظ الذى تستهدفه موازنة العام المالى المقبل البالغ %3.2 على الرغم من أنها صرحت من قبل بأن النمو المستهدف %3.5.
وتابع أن الموازنة تعتبر خطوة أولى لمواجهة الاختلالات المالية والاقتصادية وليست برنامج لاصلاح اقتصادى شامل وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من الفقر والعمل لوصول الدعم إلى مستحقيه.
وأوضح أن استهداف معدل النمو بنسبة %3.2 قليل ولكنه واقعياً فى ضوء الاستثمارات المنخفضة سواء من القطاعين الخاص أو العام.
وانتقد الفقى أن يصل اجمالى الاستثمارات العامة فى الموازنة 62.2 مليار جنيه فقط أى ما يعادل %7.7 من اجمالى الانفاق الحكومى خلال العام المالى المقبل.
وأشار إلى أهمية الانفاق الاستثمارى الذى من شأنه خلق المزيد من فرص العمل وبالتالى انتعاش الانتاج والنمو من جديد.
وتوقع الفقى ارتفاع معدل النمو الاقتصادى عن المستهدف العام المقبل ليزيد على %3.5 خاصة بعد الاستقرار المتوقع عقب الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن الدولة لم تضع فى اعتبارها هذه الزيادة ولم تفترض التفاؤل وتعاملت فى استهداف النمو على الاستثمارات المتوقعة الاجمالية فقط.
وأضاف الفقى أن خفض دعم المواد البترولية بحوالى 30 مليار جنيه من شأنه أن يعمل على اصلاح الاختلال المالى المتمثل فى عجز الموازنة بالاضافة إلى تطبيق الضرائب التصاعدية والضريبة على من تزيد رواتبهم على مليون جنيه.
وأوضح فخرى أن استهداف العجز فى الموازنة ليصل إلى 288 مليار جنيه ليصل معدل العجز %12 من الناتج المحلى الإجمالى واقعى خاصة مع الإصلاحات الاقتصادية المزمع تطبيقها وأهمها خفض الدعم ورفع الضريبة.
خطة الحكومة الاستثمارية للعام المالى المقبل
قال وزير المالية هانى قدرى إن مشروع الموازنة الذى تمت إحالته إلى رئيس الجمهورية يتضمن 62.2 مليار جنيه لتمويل الاستثمارات العامة التى تم إعدادها بالتنسيق مع وزارة التخطيط. وأوضح ان هناك عدة برامج ذات طبيعة استثمارية وهى برامج الإسكان الاجتماعى وخصص له 9.5 مليار جنيه بزيادة 1.5 مليار جنيه عن العام الحالى بنسبة نمو %19، وأشار إلى ان الحكومة تخطط لتمويل 3 مشروعات اساسية ضمن برامج الإسكان الاجتماعى الاول لإنشاء مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل على مدار الخمس سنوات المقبلة، وبرنامج لتوفير 250 ألف قطعة ارض سكنية للعائلات بمساحات صغيرة لتلبية احتياجات متوسطى الدخل، والثالث طرح 50 ألف قطعة ارض عائلية للقادرين، كما تشمل المخصصات مبلغ 7.9 مليار جنيه لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحى لمدها للمناطق المحرومة بانحاء الجمهورية.
كما تشمل الاستثمارات الحكومية مشروع تطوير وتنمية القرى الأكثر فقرا ورصد له نحو 848 مليون جنيه، وكشف الوزير عن تحديد 1153 قرية بمحافظات الشرقية والبحيرة والجيزة وبنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان للبدء فى تنميتها. كما تتضمن الخطة تطوير 24 منطقة عشوائية رصد لها 1.6 مليار جنيه وذلك لتمويل خطط امدادها بالمرافق الاساسية من مياه وصرف صحى وكهرباء.
وحول آلية التمويل من خارج الموازنة العامة اكد الوزير ان الحكومة وترسى علاقة مشاركة مجتمعية جديدة تقوم بالتوسع فى الاعتماد على آليات تمويل من خارج الموازنة العامة مثل نظام المشاركة مع القطاع الخاص PPP حيث يجرى حاليا طرح عدد من المشروعات البنية التحتية بهذا النظام، سواء موانئ نهرية للبضائع ومحطات صرف وغيرها من المشروعات
مدير مرفق الكهرباء: يجب خفض دعم أسعار المستهلكين والإبقاء عليه فى المدخلات البترولية للمحطات
فى الوقت الذى خفضت فيه الحكومة الدعم الموجه للمواد البترولية بمعدل %22 أقدمت على رفع مخصصات الدعم التى تحصل عليها الكهرباء بمعدل %83 فى مشروع موازنة العام المالى المقبل.
وتبلغ تلك المخصصات فى مشروع الموازنة الجديدة 33.4 مليار جنيه مقابل 18 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الحالى.
قال الدكتور حافظ سلماوى، مدير تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، إن شركات الكهرباء خارج الموازنة العامة للدولة، وهناك موازنة لوزارة الكهرباء وموازنات الهيئات الاقتصادية التابعة لها «الطاقة المتجددة، هيئة الطاقة الذرية، هيئة المحطات المائية، موضحاً أن الدعم لابد ان يكون مبنياً على أسس معينة والاصل فى الدعم للمستهلك وليس المنتج.
وأوضح أن دعم الكهرباء ينقسم الى نوعين، الأول هو دعم الوقود المستخدم فى توليد الكهرباء، حيث يمثل %40 من إجمالى تكلفة إنتاج الكيلو وات/ساعة، بالإضافة إلى دعم بعض شرائح استهلاك الكهرباء فى بعض القطاعات، مشيرا إلى أن القطاع المنزلى يعد أكبر القطاعات التى تحصل على الدعم، حيث يستحوذ على حوالى %91.7 من إجمالى دعم الطاقة الكهربائية.
واقترح سلماوى ترشيد دعم الكهرباء للاستهلاك المنزلي، من خلال الإبقاء على دعم المدخلات البترولية الداخلة فى إنتاج الكهرباء مع تخفيض دعم الكهرباء بطرق مختلفة مثل زيادة الأسعار أو تغيير طريقة حساب الفاتورة أو تعديل الشرائح الحالية.
وأضاف أنه يجب تحسين كفاءة أداء شركات الكهرباء والمشروعات المملوكة للدولة الذى سيخفض التكلفة، ووضع استراتيجية للاتصال بالجمهور وأصحاب المصالح لبحث الأفكار اللازمة للتطبيق، مع مراعاة عدم ربط أسعار الكهرباء والطاقة عموماً بأمور سياسية لأن تأجيل اتخاذ القرار السليم فى العصور السابقة هو الذى فاقم المشكلة.
وتابع مدير تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، أنه عندما يذهب الدعم لمستحقيه فإن الفقر لا يمكن أن يزيد ولكن واقع الحال إن %80 من الدعم يذهب إلى %20 من المواطنين.
«المواد البترولية»: تخفيض الدعم يجبر الحكومة على تطبيق منظومة كروت البنزين والسولار
قال حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية إن تخفيض الدعم خلال العام المالى المقبل يعنى ان الحكومة الحالية تعتزم تطبيق منظومة الكروت الذكية لصرف البنزين والسولار خلال العام المالى المقبل.
واشار الى ان تطبيق منظومة الكروت الذكية بصورة صحيحة يسهم بشكل كبير فى الحد من تهريب المواد البترولية للسوق السوداء وتوفير مخصصات الدعم. وحذر من تخفيض الكميات ونقص المعروض من المواد البترولية بالتزامن مع خفض الدعم نظرا إلى أنها مرتبطة بالعديد من القطاعات الحيوية الاخرى مثل المواصلات ونقل المواد الغذائية وغيرهما.
واوضح ان حجم استهلاك السولار يقدر بنحو 30 مليون لتر يوميا ينتج منها 20 مليون لتر محلياً أى ما يعادل %75 من الاستهلاك ويتم استيراد حوالى 10 ملايين لتر.
وعن اسطوانات الغاز قال عرفات إن احتياجات السوق المحلى تبلغ مليوناً و100 الف أسطوانة بوتاجاز يوميا، كما أن إنتاج مصر من الغاز ـ والذى يبلغ 6 آلاف طن يوميا لا يكفى حاجة الاستهلاك التى تتراوح من 12 إلى 13 ألف طن يومياً.
رفعت وزارة المالية امس الأول مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2014ـ2015 لرئيس الجمهورية متضمنا خفضا لدعم المواد البترولية بنحو 30 مليار جنيه لتصبح 104 مليارات جنيه مقابل 134 مليار جنيه فى العام المالى الجاري.
وقالت النقابة العامة للمواد البترولية إن تخفيض الدعم للمنتجات البترولية فى الموازنة العامة للعام المالى المقبل يأتى فى اطار سعى الحكومة الى رفع الدعم عن المواد البترولية بصورة تدريجية خلال السنوات المقبلة.
أشار وحيد أبو زيد، رئيس النقابة العامة لاصحاب محطات البنزين إلى ان تخفيض الدعم المخصص للمواد البترولية فى الموازنة العامة للدولة من 134 مليار جنيه الى 104 مليارات جنيه يعد خطوة فى الاتجاه الصحيح.
أضاف أبو زيد ان النقابة تقدمت منذ نحو 3 أشهر بمقترح لخفض الدعم عن المواد البترولية يقضى بزيادة الاسعار بنسبة %20 سنويا ليصبح الدعم «صفرا» خلال 5 سنوات وبدون تأثير على الاسواق.
%22.6 زيادة فى الإنفاق على الصحة للتوافق مع الاستحقاقات الدستورية خلال ثلاثة أعوام
«أباظة»: مخصصات الوزارة غير كافية لحل مشاكل الكادر وتطبيق التأمين الصحى الجديد
قال عبدالحميد أباظة، مساعد وزير الصحة للشئون الفنية والسياسية، إن زيادة مخصصات الصحة فى الموازنة الجديدة للدولة غير كافية بشكل كامل لتلبية احتياجات الوزارة خاصة فيما يتعلق بتطبيق كادر الاطباء ونظام التأمين الصحى الجديد وتطوير وتقوية البنية الأساسية لمستشفيات الوزارة.
كانت وزارة المالية قد رفعت مخصصات الانفاق على الصحة فى الموازنة العامة للدولة بنحو 9.5 مليار جنيه خلال العام المالى المقبل،حيث حددت نسبة الانفاق بـ51.6 مليار مقابل 42.1 مليار العام الماضى بنمو %22.6، وتشمل تلك المخصصات 3.3 مليار جنيه لدعم ألبان الأطفال وأدوية العلاج المجانى فى المستشفيات و2.5 مليار جنيه لبرنامج العلاج على نفقة الدولة و168 مليوناً لبرنامج التأمين الصحى على الاطفال دون السن المدرسى و104 ملايين لبرنامج المرأة المعيلة و239 مليون جنيه لبرنامج التأمين الصحى على الطلاب.
وأكد اباظة لـ”البورصة” ان تخصيص 2.5 مليار جنيه فقط للعلاج على نفقة الدولة غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين فى ظل انتشار عدد كبير من الامراض خاصة فيروس التهاب الكبد الوبائى سي، مشددا على ضرورة رفع تلك المخصصات إلى 4 مليارات جنيه.
وتخطط الحكومة لبدء علاج فيروس التهاب الكبد الوبائى سى فى مستشفياتها مقابل تكلفة منخفضة خلال العام المالى الجديد.
وكان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد اعلن الشهر الماضى أن إجمالى عدد المرضى الذين تم علاجهم على نفقة الدولة بالخارج والداخل العام الماضى بلغ 1.4 مليون مريض بتكلفة 2.6 مليار جنيه.
يأتى ذلك فيما اشاد اباظة بزيادة مخصصات البان الاطفال إلى 3.3 مليار جنيه بما يساهم فى حل ازمة نقص الألبان التى تفاقمت العام الماضى بشكل كبير.
واشار إلى ان مخصصات التأمين الصحى لطلاب المدارس والاطفال دون سن المدرسة ستساهم بشكل قوى فى حل %70 من عجز الحكومة فى توفير التأمين الصحى المناسب للأطفال.
فى سياق متصل اكد اباظة انه لا مساس بأسعار الأدوية الأساسية البالغة نحو 442 دواء والتى تشمل امراض القلب والضغط والسكر خلال الفترة المقبلة، فيما لم يستبعد تحريك اسعار الأدوية “الترفيهية” التى تشمل المكملات الغذائية ومستحضرات التجميل العلاجي.