ارتفاع دخل الطبقة المتوسطة يعزز الطلب على رعاية صحية أفضل
تنبعث نسمة رطبة من خلال أجنحة مستشفى «سلوام جينيرال» فى مدينة تانجيرانج بالقرب من العاصمة الإندونيسية جاكارتا، فلا يوجد تكييف هواء، مما يعد إحدى الطرق العديدة التى تحد بها المستشفى من تكاليفها، وتحتوى كل غرفة على عشرات السرائر مُرتبة فى ممرات نظيفة والخصوصية متوفرة من خلال ستائر بنية اللون، ويعنى هذا المكان المفتوح أن عددا أقل من الممرضات يستطيعوا رعاية عدد أكثر من المرضي، وتنتظر العائلات مرضاها فى ممرات طويلة مفتوحة على موقف السيارات.
ويختلف الوضع إلى حد ما فى مستشفى “ليبو فيليدج”، حيث تنتظر العائلات مرضاها فى البهو وهى تحتسى القهوة التى تشتريها من “ستارباكس” الموجود فى المستشفي، كما تباع الحلويات فى محل آخر، حتى إن الرعاية الصحية هناك للبيع أيضاً، فتتم معالجة المرضى الأثرياء فى جناح رئاسى حيث لا يوجد سرير فقط بل أريكة وثلاجة وتلفاز أيضا.
وتمتلك مستشفيات سلوام، وهى شركة إندونيسية، المستشفيين، والفرق بينهما أنه فى مستشفى “جينيرال” تدفع الحكومة لسلوام سعراً معيناً لكل مريض، بينما فى مستشفى “ليبو فيليدج” يدفع غالبية المرضى لأنفسهم.
وتعد “سلوام” جزءا من أعمال القطاع الخاص المزدهرة فى مجال الرعاية الصحية فى المستشفيات فى آسيا، فالمستشفيات الخاصة فى المنطقة لديها كل الأسباب ليشعروا بالتفاؤل، فعلى الرغم من أن الاقتصادات الناشئة فى آسيا آخذة فى التباطؤ، فإن ازدياد حجم الطبقة المتوسطة مستمر، وتتوقع مجموعة بوسطون للاستشارات، أن تزداد أعداد الزبائن من ذوى الدخل المتوسط وفوق المتوسط فى إندونيسيا من 74 مليوناً فى عام 2013 إلى 141 مليوناً بحلول عام 2020، وارتفاع الدخل يعنى ازدياد الطلب على الرعاية الصحية.
وتحاول الحكومات مواجهة هذا الارتفاع فى الطلب، فماليزيا وتايلاند لديهما بالفعل نظم رعاية صحية حكومية واسعة النطاق، والصين، التى تفتخر بأنها زادت التغطية الطبية الأساسية إلى %97، مستمرة فى الإصلاحات، كما أن الفلبين فى خضم توسع سريع فى التـأمين، فى حين تعد اندونيسيا فى السنة الأولى من خطة توفير التغطية الصحية لجميع السكان بحلول عام 2019.
ومع ذلك، هناك نقص شديد فى سرائر المستشفيات فى العديد من بلدان آسيا، فعلى سبيل المثال، لا يوجد فى إندونيسيا سوى تسعة أسرة لكل 10 آلاف مريض، كما تختلف جودة المستشفيات الحكومية اختلافاً كبيراً، وتقول الحكومات فى جميع أنحاء المنطقة إنها سوف تفتتح المزيد من المستشفيات، ولكن مالكى المستشفيات الخاصة يرون أنه سيكون هناك عجز دائم فى المستشفيات الحكومية ليملأوه.
وعلى الرغم من ذلك، هناك ثلاثة عوائق على الأقل تقف فى طريق مستشفيات القطاع الخاص الطموحة فى آسيا، ويكمن العائق الأول بكل بساطة فى قلة الأطباء والممرضين، إذ تواجه المستشفيات الخاصة فى الصين مشكلة فى جذب الأطباء من المستشفيات الحكومية التى تدفع لهم أجوراً ومعاشات جيدة، وتنص القواعد فى إندونيسيا على حظر تعيين الأطباء الأجانب فى المستشفيات الخاصة.
ثانيا، فإن القواعد التنظيمية معقدة، ويقول جيرشو بول، الرئيس السابق لسلوام، إن الوقت اللازم لاستخراج التراخيص والتصاريح يقيد التوسع، حتى أن القواعد تدفع الشركات فى بعض الأحيان للتوقف عن الاستثمار على الإطلاق.
ويكمن العائق الثالث فى عامل الغموض، فبيع الرعاية الصحية إلى الطبقة الوسطى الآخذة فى الازدياد ليس بالمهمة السهلة، ففى هذا السوق الجديد تجد المستشفيات الخاصة صعوبة فى تقييم ما الذى سيدفع الناس من أجله أكثر، فهل سيدفعون مثلا لعملية استبدال مفصل الورك أم أنهم سيدفعون أكثر للرعاية الصحية لوالديهم المسنين أم لأطفالهم.
وعلى الرغم من تلك العوائق، مما لا شك فيه أن المستشفيات الخاصة سوف تلعب دورا فى نظم الرعاية الصحية الناشئة فى آسيا، ولكن الأمر الذى يعتبر غير مؤكد هو حجم هذا الدور.