على الرغم من توسع البنوك الإسلامية الفترة الماضية فى تنويع صيغ التمويل الإسلامى لمختلف القطاعات التمويلية، فإنها تواجه صعوبة فى التوسع بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، نظراً لتدنى عدد فروعها بالمحافظات والأقاليم التى تعد الأماكن الأكثر طلبا على التمويل الصغير والمتوسط.
قال محمد البلتاجى، خبير الصيرفة الإسلامية ورئيس مجلس ادارة جمعية التمويل الإسلامى إن الصندوق الاجتماعى يتجاهل الدور الذى تقوم به المصارف الإسلامية فى التمويل الذى يخضع لآليات شرعية غير تقليدية.
وأشار البلتاجى إلى أن التمويل الإسلامى يتميز بتنوع وتعدد صيغه بالشكل الذى يجعل لديه القدرة على تمويل المشروعات سواء كانت كبيرة أم متوسطة أم صغيرة فهناك صيغ المضاربة والمشاركة والسلم وغيرها من الصيغ التى تجعلها أكثر مرونة فى مواجهة التمويل التقليدى الذى يعتمد على صيغة واحدة وهى نظام الاقتراض بالفائدة، والذى يمثل عبئا على المشروعات فى حال تعثرها مما يعرضها للافلاس.
وبحسب رئيس جمعية التمويل الإسلامى فإن فروع البنوك الإسلامية ينبغى أن يكون لديها تواجد قوى خلال الفترة القادمة بالمشاركة مع الصندوق الاجتماعى للتنمية.
كشف تقرير صادر عن الصندوق الاجتماعى للتنمية أن حجم العقود التى تم توقيعها مع القطاع المصرفى بلغ 855 مليون جنيه بنهاية العام الماضى ويستحوذ البنك الأهلى المصرى أكبر بنوك مصر على 735 مليون جنيه وهى القيمة الأكبر فى العقود بين البنوك الأخرى.
ويأتى بنكا التنمية الصناعية والتجارى الدولى فى المرتبة الثانية، فى حين جاء بنكا البركة والمصرف فى المرتبة الأخيرة فى توقيع العقود ليستحوذا على نسبة قليلة.
قالت هناء الهلالى الأمين العام للصندوق الاجتماعى للتنمية إن الصندوق لا يتحفظ على توقيع عقود تمويلية مع البنوك الإسلامية، ولكن هناك عدة اعتبارات تحكم الصندوق فى التعامل مع معظم البنوك يأتى على رأسها الانتشار الجغرافى للفروع البنكية فى جميع الأماكن بما فيها القرى والنجوع والأرياف.
وأشارت الهلالى إلى أن البنوك الإسلامية ليس لها تواجد قوى فى الأماكن التى يريد الصندوق الوصول إليها لتمويل الشرائح المستهدفة من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر تماشيا مع أهداف الصندوق فى تشغيل القوى البشرية ومحاربة البطالة والتحفيز على الانتاج.
وأوضحت الهلالى أن قيمة توقيع العقد تتحدد من خلال حجم السقف الائتمانى للبنك وقوائمه المالية وهو ماتتفوق فيه البنوك الوطنية على البنوك الأخرى.
قالت أن الصندوق يعتزم التوقيع على عقود تمويلية مع بنك مصر خلال الفترة القادمة بالإضافة إلى التعمير والاسكان على اعتبار الانتشار الجغرافى لهما.
وكان الصندوق قد تحفظ خلال الفترة الماضية على توقيع عقود مع بنك مصر على خلفية الاجراءات الصارمة التى وضعها البنك فى التمويل.
وبحسب الهلالى فقد قام الصندوق بتوقيع عدة عقود إسلامية خلال 2013 على صيغة المرابحة ولكن من خلال بنوك محددة لها انتشار جغرافى.
وقال سيد على، مدير التوظيف الإسلامى بأحد البنوك التقليدية التى تمتلك رخصة لمزاولة الصيرفة الإسلامية أن العمل الإسلامى للبنوك يحتاج إلى تعديلات تشريعية تحفز الاستثمار المباشر فى جميع الأنشطة دون استثناءات، لافتا إلى أن عدم وجود تشريعات واضحة يحد من نشاط المصارف الإسلامية ويحول دون انتشار جغرافى لها.
وأوضح على أن الصندوق الاجتماعى للتنمية يقف موقف المتحفظ إزاء هذه العوائق التى تواجه المصرفية الإسلامية حتى إن قام بتوقيع عقود فإنها تكون ضئيلة لا ترقى لدرجة المنافسة على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع البنوك الأخرى تبعا للسقف الائتمانى للبنوك.
وبحسب مدير التوظيف الإسلامى فإن المركزى يفرض على البنوك الإسلامية محددات وقيود لا يمكن تجاوزها أو حتى مخالفتها.
ودعا على إلى ضرورة أن يعيد الصندوق الاجتماعى النظر فى صلاحية البنوك الإسلامية لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر باعتبار أنها البنوك المعنية بالتمويل وفقاً لأحكام الشريعة مما سيزيد من فرص الانتشار والتوسع لمثل هذا النوع من التمويل مستقبلا.
وفى سياق متصل قال مسئول قطاع المعاملات الإسلامية بالبنك الأهلى المصرى إن الصندوق يتحفظ على التعامل مع المصارف الإسلامية بسبب عدم وجود كوادر مؤهلة ومدربة على المعاملات الشرعية بالإضافة إلى أن البنك المركزى لا يدعم هذا النوع من الصيرفة الإسلامية وهذا يقود إلى عدم الاعتراف بها من قبل مؤسسات الدولة.
وأشار إلى أن المصارف الإسلامية ليس لها ضوابط تحكم توسعاتها الجغرافية مما يفرض عليها عدم التوسع والانتشار بسبب عدم وجود آليات لتدشين فروع جديدة. وبحسب المسئول بقطاع المعاملات الإسلامية فإن هذه القضية المثارة لها أبعاد مصنفة سياسياً ودينياً وإعلامياً تفرض عليها أن تخرج من كونها عملية تمويل، لأن تكون موضع جدل دائماً ونقاش لا ينتهى مما يحد من فاعليتها أمام نظيرتها التقليدية.