«البيئة الألمانية» منحت القليوبية 35 مليون دولار لتطويرها عام 2006 لم ينفق منها دولار على المنطقة
أصحاب المصانع: توصيل الغاز الطبيعى للمنطقة يضاعف الإنتاجية ويعظّم قدرتها التنافسية
التلوث البيئى دفع الأطباء لرفض العمل فى الوحدة الصحية بالمنطقة
فى الوقت الذى تحاول فيه الحكومة تسهيل قروض للمصانع المتوقفة وبحث آليات تشغيلها تضم المنطقة الصناعية بالعكرشة مركز الخانكة محافظة القليوبية نحو 1300 مصنع، تعمل فى سحب ودرفلة الحديد ومسابك وانتاج قطن واكياس البلاستيك والكرتون والورق، تعانى جميعها انعدام الخدمات وعدم قدرتها على الحصول على ترخيص تشغيل رغم انشائها منذ 20 عاماً.
قال هانى حسن التهامى، صاحب مصنع سحب ودرفلة حديد، إن المحافظة وفرت الاراضى لاصحاب المصانع نهاية التسعينيات من القرن الماضى بسعر 80 جنيهاً للمتر المربع، تدفع على اقساط لتشجيع المستثمرين على نقل مصانعهم من منطقتى شبرا الخيمة وقليوب إلى العكرشة.
اوضح التهامى، ان الحكومة لم توفر خدمات البنية الاساسية للمنطقة، فتم تعميرها عشوائياً، حيث اعتمد اصحاب المصانع على انفسهم فى حفر الآبار الجوفية لتوفير المياه اللازمة لتبريد مصانعهم، كما اضطروا إلى استخدام المازوت والسولار فى توفير الطاقة اللازمة لتشغيل أفرانهم بعد رفض شركة الغاز ادخال الغاز الطبيعى للمنطقة لافتقارها للصرف الصحى.
واشار التهامى إلى ان التلوث البيئى الناتج عن المصانع دفع الاطباء إلى رفض العمل فى الوحدة الصحية بالمنطقة ما أدى إلى رفع معدلات اصابة العاملين بأمراض صدرية، مؤكداً ضرورة تدخل الحكومة لتوفير الغاز للحد من تلوث البيئة والحفاظ على استثمارات المصانع التى تستوعب نحو 20 الف عامل.
فى سياق متصل، قال محمد عبدالجواد، صاحب مصنع نحاس بالمنطقة، إن وزارة البيئة الالمانية سبق لها منح محافظة القليوبية 35 مليون دولار عام 2006 لتحسين الظروف البيئية بالمنطقة ورصف الطرق وادخال الصرف الصحى ومياه الشرب النقية، لكن المحافظة قامت بضم هذه الاموال لميزانيتها ولم تنفق دولارا واحدا على المنطقة.
طالب عبدالجواد الحكومة بالتنسيق مع الشركات الكبيرة لإنشاء سوق لتسويق منتجات المنطقة ومواجهة حالة الركود التى تعانى منها صناعة النحاس خلال السنوات الأخيرة، قائلاً: “الشركات الكبيرة قادرة على فتح اسواق خارجية لمنتجاتها وترك السوق المحلى للشركات الصغيرة التى اوشكت على الافلاس بسبب ضعف الطلب على منتجاتها”.
وقال محمد شريف، صاحب مصنع سحب ودرفلة حديد، ان المنطقة تضم 1300 مصنع حصل 50 مصنعاً منها فقط على ترخيص لمزاولة النشاط، وتقوم وزارة البيئة بتحرير محاضر تتراوح قيمتها بين 5 و20 الف جنيه للمخالفين لبيئة دون ان تقدم الدولة أى حلول بديلة، مؤكدا استعداد اصحاب المصانع لتحمل تكاليف توفيق أوضاعها بشرط وضع حل جذرى لمشاكل البيئة.
طالب شريف، بتوفير نقطة أمن فى المنطقة وفتح فرع لبنك التنمية الصناعية بالعكرشة لتوفير السيولة اللازمة للمستثمرين، مشيراًً إلى ان المنطقة تضم نحو 70 مصنع حديد تنتج %50 من احتياجات مصر من بوابات العمارات، أوشكت جميعها على الافلاس بسبب كثرة الغرامات عليها فى ظل ركود السوق وضعف المبيعات منذ قيام ثورة يناير.
اكد شريف عدم قيام أى مسئول منذ انشائها خلال فترة التسعينيات بزيارة العكرشة، حتى الآن، مشيراً إلى استمرار العشوائية فى المنطقة حتى بعد صدور قرار المحافظ الاسبق عدلى حسين عام 2008 باعتمادها منطقة صناعية ، لافتا إلى انه لم يفكر فى زيارتها مرة واحدة وأن زيارة المهندس محمد عبدالظاهر محافظ القليوبية خلال شهر يوليو 2014 هى الاولى من نوعها على مدى عشرين عاماً.
وقال جمال أبوالسعود، صاحب مصنع سحب ودرفلة حديد، إنه تقدم مع 4 من اصحاب المصانع بطلب إلى شركة الغاز بمنطقة الوراق شهر مارس الماضى لإدخال الغاز على نفقتهم الخاصة ولم يتلقوا أى رد حتى الآن.
اوضح ابوالسعود، ان ادخال الصرف الصحى سيشجع شركة الغاز على سرعة ادخال الغاز الطبيعى للمصانع، ما يضاعف من انتاجية المصانع الحالية ويحد من تلوث البيئة الذى اصاب الكثيرين بالامراض المزمنة.
وتابع: ان متوسط مساحة المصنع الواحد يبلغ نحو1000 متر مربع، وتتراوح انتاجيته بين 3 و5 أطنان من الحديد يومياً، يمكن زيادتها فور ادخال الغاز بنفس عدد العمال لما بين 6 و10 أطنان يومياً، الأمر الذى سيحدث طفرة حقيقية فى انتاجية هذه المصانع ويرفع قدرتها على استغلال الموارد المتاحة بالمنطقة.
فى السياق ذاته، أشار أبو السعود إلى ان المنطقة تعانى كثرة المخلفات التى تلقيها مصانع القطن فى مصرف العكرشة، ما يؤدى إلى غرق الشوارع بمياه المصرف من وقت لآخر.
وأردف أن المنطقة باتت معرضة بشكل كبير للحرائق المتكررة نتيجة أن خطوط ضغط الكهرباء مكشوفة وتمر فوق المجارى المائية بدون أى ضوابط فنية.
يأتى ذلك فيما قال هانى عجبان، صاحب مسبك لانتاج قوائم المصاعد الكهربائية وغرف الصرف الصحى، ان مصنعه غير قادر على التصدير للخارج او الدخول فى مناقصات حكومية محلية، لعدم حصوله على رخصة مزاولة المهنة باعتباره مصنفاً كصناعة ملوثة للبيئة، ما يضطره إلى تسويق منتجاته من خلال وسطاء بسعر يقل %25 عن سعر السوق.
أوضح عجبان ان معدلات مبيعات المسابك المعدنية تراجعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة توقف كثير من المشاريع الحكومية المستهلك الرئيسى لمنتجات المسابك.
وقال عيسى عطا رزق، صاحب مصنع كرتون، إن ضعف الخدمات بالمنطقة دفع العمالة المدربة إلى الهروب إلى المناطق الصناعية المجاورة ما أجبر اصحاب المصانع إلى الاعتماد على عمالة غير مدربة بأجرة مرتفعة تصل إلى 70 جنيهاً يومياً.
اوضح عيسى ان ادخال المرافق للمنطقة سيسمح بالاقامة الدائمة لاصحاب المصانع والعمال، ما يوفر نفقات انتقالهم من مقر اقامتهم فى أبو زعبل أو شبرا الخيمة وقليوب للعكرشة، وكذلك توفير الوقت الضائع فى الذهاب والإياب.