على الرغم من ازدياد متوسط الأعمار المتوقع وفرص الحصول على التعليم وانخفاض معدلات الفقر والجوع، فإن العالم أمامه طريق طويل لتحسين نوعية معيشة الناس، فلايزال ما يقرب من مليار شخص ينامون جائعين، و1.2 مليار شخص يعيشون فى فقر مدقع، و2.6 مليار شخص لا يحصلون على مياه شرب نظيفة وليس لديهم صرف صحي، وحوالى ثلاثة مليارات شخص يحرقون مواد ضارة داخل منازلهم من أجل التدفئة.
ويموت عشرة ملايين شخص سنويا من الأمراض المعدية مثل الملاريا وفيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» والسل والالتهاب الرئوى والإسهال، ويقدر عدد الأشخاص الذين يموتون سنويا جراء نقص المياه والصرف الصحى بـ300 ألف شخص على الأقل، كما يتسبب سوء التغذية فى قتل 1.4 مليون طفل على الأقل.
ويقول بجورن لومبورج مدير مركز إجماع كوبنهاجن المهتم بالمشاكل البيئية فى مقال له على موقع بروجيكت سينديكيت إن الفقر يعتبر أحد القتلة الرئيسيين، فهو السبب وراء عدم حصول الأطفال على التغذية المناسبة والعيش فى أحياء لا توجد بها مياه نظيفة أو صرف صحي، كما أنه السبب فى أن مرضا يمكن الوقاية منه تماما مثل الملاريا يقتل 600 الف شخص سنويا، والعديد من هؤلاء الضحايا فقراء جدا حتى إنهم لا يستطيعون شراء الأدوية، وفى الوقت ذاته فإن الحكومات عادة ما تكون فقيرة للحد الذى يجعلها غير قادرة على القضاء على البعوض الحامل للمرض أو احتواء أو معالجة الأوبئة عند انتشارها.
ويرى لومبورج أن التجارة إحدى أفضل الأدوات لمكافحة الفقر، فقد نشلت الصين 680 مليون مواطن من الفقر على مدار العقود الثلاثة الماضية من خلال استراتيجية الاندماج السريع فى الاقتصاد العالمي، وتوسيع التجارة الحرة، ولاسيما للزراعة، عبر دول العالم النامى من المرجح أن يكون أهم إجراءات مكافحة الفقر التى يستطيع صانعو السياسة تبنيها خلال العقد الجاري.
ومن المشجع أيضاً أن العالم ينفق المزيد من الأموال لمساعدة فقراء العالم، مع تضاعف المساعدات التنموية من حيث القيمة الحقيقية خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، مما زاد من الموارد لمساعدة الأشخاص الذين يعانون الملاريا ونقص المناعة المكتسبة وسوء التغذية.
ويقول لومبورج إنه من الواضح أن العالم ينفق أكثر على البيئة، إذ ازدادت المساعدات للمشروعات البيئية من %5 عام 1980 إلى %30 تقريبا اليوم، ليبلغ إجمالى المساعدات السنوى حوالى 25 مليار دولار.
وتبدو هذه الأخبار عظيمة، فالعالم يستطيع بشكل متزايد أن يركز المساعدات على المشاكل البيئية الرئيسية – التلوث الهوائى الداخلى والخارجى بالاضافة إلى تلوث الرصاص والأوزون – والذى يتسبب فى جميع الوفيات المرتبطة بالبيئة تقريباً، وللأسف فإن هذا لا يحصل فمعظم المساعدات البيئية تقريباً تنفق على تغيير المناخ حيث أفادت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادى بأن حوالى 21.5 مليار دولار تنفق على المناخ.
ومما لا شك فيه أن ظاهرة الاحتباس الحرارى مشكلة ينبغى التعامل معها بذكاء، وهذا يتطلب طاقة خضراء رخيصة، خاصة فى الدول المتقدمة، وليس إنفاق أموال المساعدات لتخفيض انبعاثات الغاز الدفيئة مثل ثانى أكسيد الكربون فى الدول النامية.
وتقدر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن العالم ينفق على الاقل 11 مليار دولار من إجمالى النقود المخصصة للمشاريع التنموية لتخفيض انبعاثات الغاز الدفيئة.
ويرى لومبرج أنه إذا تم إنفاق هذه النقود فى توليد الكهرباء بالغاز، سنتمكن من نشل 100 مليون شخص من الظلام والفقر.
وتظهر تقديرات مركز اجماع كوبنهاجن انه من الممكن انقاذ حياة ثلاثة ملايين انسان سنويا إذا تم توجيه هذا المبلغ من اجل الوقاية من الملاريا والسل وزيادة تطعيم الاطفال.
ومن الممكن استخدام هذا المبلغ فى زيادة الإنتاجية الزراعية مما ينقذ 200 مليون شخص من المجاعة على المدى الطويل مع التخفيف من الكوارث الطبيعية من خلال انظمة الانذار المبكر، وسوف تكون هناك أموال متبقية يمكن استخدامها فى تطوير لقاح فيروس نقص المناعة المكتسبة وتوفير الأدوية لعلاج النوبات القلبية وتوفير لقاح لمرض التهاب الكبد للدول النامية وانقاذ 31 مليون طفل من المجاعة سنويا.
ويختتم لومبورج مقاله قائلا إنه حتى مع الاستمرار فى إنفاق 11 مليار دولار بهدف تجنب زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة لمائة عام فإننا سوف نؤجل الاحتباس الحرارى لفترة تقل عن شهر واحد بحلول نهاية القرن، ما يعد انجازاً ليس له تأثير فعلى على أى شخص على هذا الكوكب.