كشف تقرير صادر عن المركز العالمى للدراسات التنموية فى لندن، أن إجمالى صفقات الأسلحة فى العالم العربى خلال العام الماضى، بلغ نحو 165 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن الإنفاق على التسليح فى المنطقة زاد فى أعقاب أحداث الربيع العربى بمعدل مرتفع. حيث بلغ متوسط الإنفاق على الأسلحة خلال الفترة من 2002 إلى 2010 مبلغ 70 مليار دولار سنوياً، ولكنه زادٍ على ذلك بكثير فى العامين الماضيين ووصل إلى 100 مليار دولار سنويا. وتسارعت صفقات السلاح خلال العام الماضى بزيادة %65 على 2012.
165 مليار دولار فاتورة السلاح فى المنطقة العربية خلال 2013
ويشير التقرير إلى أن الإنفاق على التسليح فى المنطقة العربية لا يتناسب مع احتياجات تنميتها.
وتفرض الزيادة الكبيرة فى عدد السكان، والتى من المتوقع أن تصل إلى أكثر من 450 مليون نسمة عام 2025، تحديات كبيرة للحكومات فى المنطقة العربية.
و تجبر الفجوة الغذائية التى تقدر بحوالى 145 مليار دولار الحاجة إلى العناية بتطوير الاستثمارات فى مجال الزراعة والموارد المائية.
تحتاج الدول العربية إلى استثمار أكثر من 200 مليار دولار فى الرى وتأمين مصادر المياه العذبة حتى عام 2023، وهو ما يعادل %20 فقط من نسبة الإنفاق المتوقع على الأسلحة خلال تلك الفترة.
يشير التقرير إلى وجود تناقض كبير وملحوظ بين حجم الإنفاق على التسليح فى العالم العربى ومعدّلات الفقر والبطالة التى تشهدها المنطقة.
زادت أعداد الشباب العربى من العاطلين عن العمل إلى أكثر من 20 مليون نسمة ما قد يؤدى إلى زيادة فى معدلات الفقر تصل إلى نسبة %40، حيث بلغ عدد الفقراء فى المنطقة العربية 140 مليون نسمة.
ووفقا للتقرير، فإن ميزانية الأسلحة لعام 2013 تكفى لإعطاء جميع الفقراء والعاطلين عن العمل فى المنطقة العربية مبلغ ألف دولار وفائضاً بقيمة 5 مليارات دولار يكفى لعدد من مشاريع التنمية. تنفق الدول العربية ما يقرب من %7.2 من ناتجها المحلى الإجمالى على التسليح، فى حين أن الإنفاق على التعليم يمثل فقط %2.5 من الناتج المحلى الإجمالي.
وارتفعت ظاهرة الأمية فى العالم العربى ووصلت إلى نسبة %27.7 من اجمالى السكان على الرغم من الجهود الرامية إلى مكافحة الأمية هناك.
بالإضافة إلى الزيادة فى الإنفاق على التسليح، توقع المركز الدولى للدراسات الإنمائية سباق تسليح نووياً فى المنطقة، خصوصا بعد الاتفاق النووى مع ايران.
ووفقا للتقرير، فإن صفقات السلاح سوف تزيد فى العام المقبل بنسبة %25 تصل إلى 170 مليار دولار، وسوف يتم إنفاق %72 منها من قبل دول الخليج.
فمع انخفاض أسعار البترول، ورفع العقوبات الاقتصادية على ايران وارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري، فإن الإنفاق على التسليح يمكن أن يضغط بشكل واضح على ميزانيات دول الخليج. حيث يتوجب على هذه البلدان إيجاد مشاريع وخدمات إنتاجية لمواكبة الزيادة فى عدد السكان المقدّرة بحوالى %4 سنوياً ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن تصل اعداد الباحثين عن العمل من الشباب إلى 3.1 مليون فى عام 2020.
أشار التقرير إلى أن الإنفاق على التسليح فى العالم العربى بشكل عام وفى منطقة الخليج على وجه الخصوص يعادل أكثر من %10 من الاستثمارات.
أموال الخيلج تعطى «قُبلة الحياة» لشركات التسليح الأمريكية
الربيع العربى يرفع مشترياتها ويعوض تخفيض ميزانية البنتاجون
42.9 مليار دولار قيمة صفقات التسليح السعودية 2013
17.7 مليار دولار ميزانية التسليح فى إيران 2013
%10 الاستثمارات فى المشروعات من إجمالى مشتريات السلاح العربى
200 مليار دولار مطلوب استثمارها فى قطاعى الزراعة والرى فى 2023
أصبح الشرق الأوسط على مدار العقد الماضى نقطةً محوريةً لتراكم أسلحة العالم، ونظرا للتوترات الاقليمية ونقص الشفافية بالمنطقة، فإنها تعتبر أحد أهم أسواق السلاح فى العالم، إذ تزداد سنويا الترسانة الإقليمية حيث تشحن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى وفرنسا وبريطانيا وغيرهما أسلحة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات إلى هذه الدول، وفى الوقت الذى تضاعفت فيه تجارة الأسلحة العالمية خلال سبعينيات القرن الماضي، ارتفعت واردات الشرق الأوسط من الأسلحة أربعة أضعاف، وتستورد المنطقة الان أكثر من نصف إجمالى واردات الأسلحة إلى ثلث العالم، وما يزيد على ربع إجمالى شاحنات الأسلحة العالمية.
وعندما يتم تصنيف الدول من حيث الإنفاق العسكرى للفرد، فنجد أن ستة من بين أكبر سبع دول من حيث إنفاقها العسكرى من دول الشرق الأوسط وهى قطر والسعودية واسرائيل والامارات العربية المتحدة وعمان والكويت.
وأفادت بيانات معهد ستوكهولم الدولى لبحوث السلام فى تقريره بعنوان «اتجاهات النفقات العسكرية فى العالم» الصادر فى ابريل 2014، أن هناك ارتفاعاً ضخماً فى النفقات العسكرية فى الشرق الأوسط، بزيادة %8.3 على عام 2011.
وذكر التقرير أن دول المنطقة التى تمثل تلك الزيادة الضخمة فى النفقات العسكرية بالمنطقة هى عمان التى ارتفعت نفقاتها العسكرية بنسبة %51 والمملكة السعودية بنسبة %12 والكويت بنسبة %10، وعلى الرغم من نقص البيانات بالنسبة لبعض الدول، يقدر المعهد أن النفقات العسكرية فى الشرق الأوسط تجاوزت 130 مليار دولار فى عام 2012 مع استحواذ دول التعاون الخليجى على نصيب الأسد من صفقات الأسلحة العسكرية.
ولا تزال المملكة العربية السعودية تعتبر نفسها القوة العسكرية الرئيسية فى وجه ايران وغيرها من التهديدات الاقليمية، ويقول محللو الخليج إن السعودية جعلت من نفسها لاعباً مهماً بشأن الأمن الإقليمى وازدياد مبيعات الأسلحة أكبر دليل على ذلك، إذ أفاد تقرير معهد ستوكهولهم الدولى لبحوث السلام بأن السعودية أنفقت 56.7 مليار دولار على الأسلحة فى عام 2012، كما ازدادت وارداتها من الأسلحة فى عام 2013 ليرتفع إنفاقها على الأسلحة بنحو 1.6 مليار دولار من خلال مشترياتها من طائرات “يوروفايتر تايفون” و”إيرباص A330-200 متعددة المهام”، ومن المتوقع أن تصبح السعودية واحدة من أكبر خمس دول مستوردة للأسلحة فى الفترة ما بين 2013 و2017.
وقد أفاد تقرير ” أى إتش إس جين”، وهو مركز أبحاث فى انغلوود فى ولاية كولورادو الأمريكية، بأن واردات دولة الامارات العربية المتحدة من الأسلحة ارتفعت من 122 مليون دولار إلى 3.12 مليار دولار العام الماضي، جراء شراء الدولة لنظام “ثاد”، الذى يضم رادارات وأنظمة لاعتراض الصواريخ، من مجموعة «لوكهيد مارتن الأمريكية للصناعات الدفاعية، بالاضافة إلى طائرات «إيرباص A330 متعددة المهام» و«سيكورسكى يو إتش 60 بلاك هوك».
كما أبرمت المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة العام الماضى صفقة أسلحة مع وزارة الدفاع الامريكية بلغت قيمتها 10.5 مليار دولار، وتعد هذه الصفقة واحدة من أكبر صفقات السلاح فى الشرق الأوسط فى السنوات الأخيرة وتضمنت 26 طائرة F16 للامارات وصواريخ أرض جو للسعودية.
ومن أحدث صفقات الأسلحة بين البنتاجون ودول الشرق الأوسط، الصفقة التى أبرمها وزير الدفاع الأمريكى تشاك هيجل ونظيره القطرى حمد بن على العطية يوم الثلاثاء الماضي، وتبلغ قيمة الصفقة 11 مليار دولار وسوف تحصل من خلال الصفقة على 10 أجهزة رادار و34 نظام صواريخ “باتريوت” لاعتراض أى صواريخ هجومية، إلى جانب 24 مروحية “أباتشي” قتالية وصواريخ “جافيلين” المضادة للدبابات.
ومع ازدياد صفقات الأسلحة فى الشرق الأوسط تزداد معها أرباح شركات الأسلحة الأمريكية، فلا تزال الولايات المتحدة المستفيد الأكبر من قوة سوق الأسلحة فى الشرق الأوسط، إذ ارتفعت قيمة واردات الأسلحة إلى المنطقة من 7.2 مليار دولار فى عام 2012 إلى 8.7 مليار دولار عام 2013.
وأوضحت صحيفة “ذا ناشيونال” أن %7 من مبيعات شركة “لوكهيد مارتن”، واحدة من كبرى شركات أنظمة الدفاع فى الولايات المتحدة، فى عام 2012 وبلغت قيمتها 47.2 مليار دولار كانت للشرق الأوسط.
وذكر تقرير لصحيفة “بوسطن جلوب” أن شركة “ريثيون” الأمريكية، التى تعد واحدة من أكبر عشر شركات الدفاع فى العالم، أبرمت العام الماضى صفقات فى الشرق الأوسط بقيمة 5 مليارات دولار.
وأصبحت تلك الطفرة فى صادرات الأسلحة مصدراً مهماً لتمويل شركات الدفاع الأمريكية التى تعانى وطأة تخفيض ميزانية الدفاع المحلية، وتتوقع شركة “ايبيس وورلد” للأبحاث أن إنفاق الحكومة الفيدرالية على الدفاع سيتراجع بنسبة %2 سنويا على مدار الخمس سنوات المقبلة، ما سيؤدي، على سبيل المثال، إلى تراجع عائدات شركات صناعة الدبابات والمدرعات بنسبة %15.9 سنويا، لكن الطلب على الصادرات سيظل قويا خلال تلك الفترة مما سيؤدى إلى ارتفاع حصة الصادرات من العائدات إلى %16.1 العام الحالي، ومن المتوقع أن تزداد الصادرات بنسبة %2.4 سنوياً على مدار الخمس سنوات المقبلة.