تعد المؤسسات الحكومية، التى تتمتع بموارد مالية دائمة، من أكبر حاملى سندات الحكومة الأمريكية، وتحركاتها المقبلة ستكون حاسمة مع اقترب ميعاد أصعب اختبار ممكن أن يواجهه سوق سندات الخزانة.
وتعنى سنوات من شراء بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى للسندات من خلال برنامج «التيسير الكمي» والتراكم الضخم لسندات الخزانة من قبل البنوك المركزية الأخرى ومدراء احتياطى العملة، أن هؤلاء المستثمرين يشكلون الان حوالى %60 من أذون الخزانة المصدرة التى تبلغ قيمتها 10.544 تريليون دولار.
وتسلط هذه النسبة الضوء على جزء مهم من أكبر سوق للديون السيادية فى العالم الملىء حاليا بمستثمرين لا يأبوا بالأسعار الأساسية التى تتحرك فى اتجاه عكسى مع العائدات، وبالتالى تعمل كغطاء لأسعار الفائدة الأمريكية طويلة الأجل.
ومما أثار استغراب العديد من مديرى السندات أن السندات طويلة الأجل قد حققت بالفعل اجمالى عائدات تزيد على %14 العام الجاري، مع اقتراب عائدات أذون الخزانة لأجل 30 عاما من أدنى مستوى لها منذ ثلاثة عشر شهرا التى انخفضت بنسبة %3.24 يوم الاثنين الماضي.
ويقول ديفيد ادير، خبير استراتيجى لدى « سى آر تى كابيتال»، بمجرد انخراط بنك الاحتياطى الفيدرالى والبنوك المركزية الأخرى ومدراء احتياطى العملة، فان لديك جزء كبير من أذون الخزانة تحملها كيانات احتمالية بيعهم للأذون أقل من غيرهم من المستثمرين.
ويلعب الطلب من المشترين الأجانب، مع تحويل الصين، على سبيل المثال، المزيد من أذون الخزانة الى استحقاقات طويلة الأجل، دورا هاما فى الحفاظ على عائدات منخفضة على المدى الطويل.
ويقول ريتشارد ماديجان، رئيس الاستثمار لدى جى بى مورجان، هناك العديد ممن يطلق عليهم مستثمرون غير اقتصادين يستثمرون فى أسواق الدخل الثابت التى يركز عليها المستثمرون الذين لديهم موارد مالية دائمة ليمتلكوا أصولاً آمنة أو سعيا للتنسيق بين الاستحقاقات والأصول.
وتقدر مجموعة «آر بى اس للأوراق المالية» أن بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى يمتلك 2.4 تريليون دولار من قيمة أذون الخزانة المصدرة التى تبلغ 10.544 تريليون دولار، ليشكل البنك بذلك ما يقرب من ربع القيمة الاجمالية لأذون الخزانة.
ومع ذلك، فان حصة الاحتياطى الفيدرالى من السندات طويلة الأجل تزداد ازديادا كبيرا، ويسير المستثمرون الأجانب أيضا على هذا المنهج فى السنوات الأخيرة، مما ساعد على الحد من ارتفاع أسعار الفائدة الطويلة الأجل فى الولايات المتحدة.
وتوضح بيانات وزارة الخزانة لشهر مايو أن الجهات الرسمية الأجنبية تحمل 4.09 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية، مع 3.73 تريليون دولار للأذون والسندات، وتأتى الصين فى المقدمة حيث تحمل سندات بقيمة 1.27 تريليون دولار، وتليها اليابان الى تمتلك سندات بقيمة 1.22 تريليون دولار.
ويقدر بنك باركليز أن الحيازات الأجنبية لسندات الخزانة التى تم شراؤها فى المزادات العلنية قد ارتفعت بنحو 268 مليار دولار على مدار الستة أشهر حتى مايو المقبل وارتفعت بنحو 343 مليار دولار على مدار عام حتى مايو.
وقال البنك ان المستثمرين الأجانب قد ضاعفوا شرائهم للأذون لأجل عشر سنوات الى ثلاثة أضعاف منذ عام 2007 لترتفع من %11 الى %33 ويخصصوا %7 للسندات لأجل 30 عاما، بعد أن كانوا يخصصوا %3.
والى متى سيستمر الطلب الأجنبى بات سؤالا يلوح فى الأفق، وذكر تقرير بصحيفة الفاينانشيال تايمز أنه ستوضع اتجاهات المستثمرين تحت الاختبار بمجرد أن ينهى بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى برنامج التيسير الكمى كما هو مخطط له فى اكتوبر المقبل ويبدأ اصدار سندات الخزانة فى الارتفاع بعد انخفاض الاصدارات أوائل العام الجاري.
وعند حدوث ذلك فان التوقعات بعائدات أعلى وأسعار أقل لسندات الخزانة سيعتمد حتميا على أداء الاقتصاد، ويقول ماديجان إن العائدات ستظل منخفضة ما لم نتفاجأ بحدوث تغير فى معدلات التضخم، فاذا ارتفع التضخم والنمو الاقتصادى تدريجيا، لن يتحدث الاحتياطى الفيدرالى بشأن رفع أسعار الفائدة حتى منصف عام 2015.