تواجه جانيت يلين، رئيس البنك الاحتياطى الفيدرالى أول اختبار حقيقى لاستقلال مؤسستها خلال فترة ولايتها، عقب مشروع القانون الذى عرضه الجمهوريون لتوسيع نطاق رقابة الكونجرس من البنك المركزى ووضع قيود على السياسة النقدية.
يقاوم البنك الفيدرالى منذ نشأته حروباً كثيرة للحفاظ على استقلاليته عن الكونجرس والنفوذ السياسى.
ولكن يلين تواجه تهديداً كبيراً فى إطار خطة الحزب الجمهوري، التى يمكن أن تكتسب زخماً إضافياً حال استيلاء الجمهوريين على مجلس الشيوخ بعد انتخابات نوفمبر القادم.
وقالت كارين شو بيترو، شريكة فى إدارة شركة الفيدرالية الاتحادية للتحليلات المالية إنه يوجد هناك دائما ضعف فى الثقة الشعبية العميقة بالبنك المركزى وهو ما يشكل تحديا طويل الأمد للبنك الاحتياطى الفيدرالي.
ذكرت الأمريكان بانكر أن الضغوط السياسية على البنك المركزى تضاءلت على مر الأعوام الماضية ولكن الأمر متوقف على قوة الاقتصاد الأمريكى، مشيرة إلى أنه بالنسبة ليلين، فإن الخطر الحالى يأتى وسط خلفية من عدم اليقين وضعف الاقتصاد خاصة لأنها تقود الفيدرالى ضمن برنامج التحفيز الاقتصادى غير المسبوق والمعروف بسياسات التيسير الكمى، ويدرس البنك الفيدرالى حالياً رفع معدلات الفائدة.
قال بريان جاردنر، محلل سياسات فى بريت آند وودز أن الضغط الراهن عن الاحتياطى الفيدرالى مرهون بتحسين ميزانيته العمومية واختبار مدى السرعة التى يمكن الخروج بها للانتهاء من السياسة.
قالت الأمريكان إن الكثير من أعضاء الجونكرس يروا أن يلين مستمرة فى سياسات الرئيس السابق بن برنانكى، ولكن التدقيق فى تلك السياسات والتعليق عليها زاد منذ تولى يلين رئاسة الفيدرالى.
قال كورنيليوس هيرلى، مدير مركز جامعة بوسطن للشئون المالية والقانونية والسياسية إن مسألة استقلالية البنك المركزى مطروحة فى تلك الفترة بسبب سياسة التيسير الكمى وتحويل البنك إلى منظمة حكومية.
تابع تقرير الامريكان أن مشروع القانون الجمهورى تحت مسمى «قانون الشفافية والمحاسبة للبنك الفيدرالى» مدعوم من قبل الجمهوريين، ويتطلب إعادة صياغة لسياسات البنك الفيدرالى لوصف كيفية تغييره لسعر الفائدة، ويمكن للجنة السوق المفتوح فى وقت لاحق تغيير تلك الحكم ولكن اى تغيير يجب ان يتم مراجعته من قبل مكتب المحاسبة الحكومية.
بحسب التقرير فإن مشروع القانون يتطلب أيضاً المزيد من الشفافية بشأن رقابة البنك الاحتياطى الفيدرالى وامتثال رئيس البنك أمام الكونجرس كل ثلاثة شهور بدلاً من مرتين فى السنة كما هو منصوص فى القانون الحالى.
أشار الكثير من المراقبين أنه مع ذلك فإن الهدف من مشروع قانون الحزب الجمهورى ليس تطبيق الشفافية ولكن السيطرة على البنك المركزى.
قال مصدر – رفض ذكر اسمه – إن البنك الاحتياطى الفيدرالى سيظل مؤسسة تنشأ عليها جدال مشيرا إلى أن هناك أكثر من سبب لاستطاعته القول بأن مشروع القانون لا يستهدف سوى السيطرة على البنك المركزى.
ووصف آلان بليندر، استاذ الاقتصاد فى جامعة برنستون ونائب الرئيس السابق للبنك الاحتياطى الفيدرالى مشروع القانون بالمروع.
أوضح أنه على الرغم من أن التشريع عرض خطوات جادة لزيادة مسألة المساءلة والشفافية ولكنه قدم أيضاً إجراءات مشكوك فيها مثل الكشف علناً مسبقاً قبل الدخول فى أى مفاوضات دولية.
كتب بليندر فى مقال افتتاحى فى صحيفة وول ستريت جورنال أن مشروع قانون مجلس النواب ليس له علاقة تذكر بأى من الشفافية أو المساءلة ولكنها تسعى للتدخل فى قدرة الاحتياطى لإجراء سياسة نقدية مستقلة خالية من التدخل السياسى.
فى حين أن لجنة الخدمات المالية وافقت على مشروع القانون بتصويت من 32 إلى 26 الأسبوع الماضى إلا أن فرص تصديق القانون مازالت ضئيلة، ولكنه سيكتسب المزيد من القوة حال خسارة الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ.
يعتبر السناتور ريتشارد شيلبى، الذى يتوقع أن يصبح رئيسا للجنة المصرفية حال فوز الحزب الجمهورى فى مجلس الشيوخ، ناقداً قديما للبنك الاحتياطى الفيدرالى وصوت ضد ترشيح يلين لاسباب أيديولوجية.
قال هيرلى إن مشروع القانون من ناحية مؤثر سلباً ولكن من ناحية أخرى يمكن أن لا يترك هذا التأثير لأن الانتخابات القادمة ستعقد فى نوفمبر المقبل وهناك نسبة %60 سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ.
عبرت يلين بالفعل عن معارضتها لمشروع القانون، قائلة إنه خطأ ربط السياسة النقدية بصيغة قاعدة رياضية جامدة.
أضافت يلين أنه خطأ فادح للبنك الفيدرالى الالتزام بإدارة السياسة النقدية وفقاً لقاعدة رياضية، مشيرة إلى أنه لا يوجد أى بنك مركزى يفعل ذلك.
قالت يلين إنه على الرغم من أن مشروع القانون سيسمح للبنك الفيدرالى الخروج عن القاعدة حال إذا كان مبرر له ذلك، ولكن هذا الإجراء لايزال ضار لاستقلالية البنك.
أوضحت أن التدقيق السياسى ينقص من استقلالية البنك المركزى فى إدارة السياسة النقدية مضيفة أنها تعتقد بأن التجربة العالمية أظهرت أن لدينا أداء جيد فى اقتصادنا الكلى عندما تخف حدة الضغط السياسى على المدى القصير.
ذكرت الأمريكان بانكر أن هذه هى ليست المرة الأولى التى يسعى رئيس البنك الاحتياطى الفيدرالى لمحاربة الجهود التشريعية لإشراف الكونجرس مباشرة على وضع السياسات المركزى الأمريكى.
عانى برنانكى مراراً من جهود «رون بول» النائب الجمهورى السابق فى مراجعة قرارات البنك المركزى فى السياسة النقدية للحصول على قدر أكبر من الرقابة على قرارات البنك الفيدرالى، خاصة فيما يتعلق بتحديد أسعار الفائدة.
قال برنانكى فى خطابه نوفمبر الماضى إن البنك الفيدرالى يجب أن يتخذ قرارات السياسة النقدية بشكل مستقل عن التأثيرات السياسية قصيرة الأجل مع التركيز على الأهداف طويلة الأجل للاقتصاد.