إعداد: سعيد عباس جمعة
خبير مصرفى
تشهد السوق المصرفية المصرية توسعا متزايدا فى تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية الا أنها فى ذات الوقت تواجه تحديات كبيرة ومن أهم تلك التحديات التى تواجه البنوك الإسلامية نذكر منها: أولا: مدى قدرة البنوك الإسلامية على تلبية احتياجات ومتطلبات عملائها من الخدمات والمنتجات الإسلامية من خلال ابتكار العديد من الخدمات والمنتجات المصرفية التى تلبى احتياجات جميع الشرائح والقطاعات الاقتصادية.
ثانيا: ومن التحديات الداخلية ايضا قيام العديد من البنوك التقليدية بتقديم المنتجات المصرفية الإسلامية إلى جانب منتجاتها التقليدية وذلك من خلال انشاء فروع إسلامية إلى جانب الفروع التقليدية أو انشاء إدارات متخصصة فى الصيرفة الإسلامية أو تقديم منتجات إسلامية من خلال فروعها العادية أو انشاء صناديق استثمار إسلامية. ثالثا: كما تواجه المصارف الإسلامية تحدياً خارجيا يتمثل فى زيادة حجم التعامل مع المؤسسات المالية الدولية والمحافظة على السمعة الطيبة التى اكتسبتها خلال الازمة العالمية بعدم تعرض أى بنك إسلامى لمخاطر الافلاس ونجاح فكرة التمويل الإسلامى القائم على مقابلة النقود بالسلع والخدمات وليس على تجارة الديون، رابعا: ومن أهم التحديات الاساسية التى تواجه المصارف الإسلامية تطوير المنتجات والخدمات المصرفية خاصة فى مجال التمويل الإسلامى بأشكاله المختلفة ومن أهم صيغ التمويل الإسلامى المستخدمة هى المرابحة – المشاركة بأنواعها – المضاربة – الايجارة المنتهية بالتمليك – وبيع السلم – الاستصناع – والاستزراع وغيرها من صيغ التمويل الإسلامية التى يتم ابتكار الجديد منها بما يتفق مع احكام الشريعة الإسلامية وبما يلبى الاحتياجات المتطورة للعملاء فى كل زمان ومكان.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هل استطاعت البنوك الإسلامية تحقيق أهدافها وتلبية جميع احتياجات شرائح المجتمع من الخدمات المصرفية والتمويلية ؟ ونعتقد أن البنوك الإسلامية مازال أمامها الكثير لتحقيق تلك الاهداف وذلك بسبب التحديات سالفة الذكر بالاضافة إلى نقص البيئة التشريعية والمناخ المطلوبين حتى تنطلق البنوك الإسلامية وحتى تتمكن من تطبيق صيغ التمويل الإسلامية وتسهم فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فعلى سبيل المثال فى مجال تطبيق صيغ التمويل الإسلامى فى برامج التمويل العقارى نظرا لأهمية هذه البرامج حيث تعمل على تنشيط السوق العقارى ودفع عجلة التنمية وتنشيط صناعة البناء والتشييد وتشغيل عدد كبير من الايدى العاملة وتوفير المسكن الملائم لمحدودى الدخل بالسعر المناسب والقضاء على ظاهرة المناطق العشوائية. ويرجع ذلك إلى أن البنوك الإسلامية يكون أساس تعاملها هو المشاركة فى الربح والخسارة وتجنب التعامل بالفائدة أخذا أو عطاء، وبالتالى فان علاقة العملاء بالبنك علاقة مشاركة ومتاجرة وليست علاقة دائن ومدين، وجوهر تعامل البنوك الإسلامية ينصب على الاقتصاد الحقيقى من سلع وخدمات بعيدا عن الغش والخداع والاحتكار وعدم الوضوح وليس الاقتصاد الوهمى القائم على مبادلة مال بمال واستغلال الاخرين، كما أن البنوك التقليدية عليها محاذير قانونية تحد من حجم استثماراتها فى نشاط معين مثل الاستثمار فى العقارات كما جاء فى قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الاجنبى رقم 88 لسنة 2003 فى المادة 60 فى البند الخامس منها يحظر على البنوك التعامل فى المنقول أو العقارات بالشراء أو البيع أو المقابضة عدا – العقار المخصص لادارة أعمال البنك أو الترفيه عن العاملين به – المنقول أو العقار الذى تؤول ملكيته إلى البنك وفاء لدين له قبل الغير على أن يقوم البنك بالتصرف فيه خلال سنة من تاريخ أيلولة الملكية بالنسبة للمنقول وخمس سنوات بالنسبة للعقار ولمجلس ادارة البنك المركزى مد المدة اذا اقتضت الظروف ذلك وله استثناء بعض البنوك من هذا الحظر وفقا لطبيعة نشاطها. ونحن هنا نطالب البنك المركزى باستخدام سلطته فى استثناء البنوك الإسلامية من هذا الحظر حيث إن طبيعة نشاطها يتطلب عدم وجود قيود على استثمارات البنوك الإسلامية خاصة فى مجال التمويل العقارى سوى مدى توافق النشاط الاستثمارى مع أحكام الشريعة الإسلامية من عدمه لان البنوك الإسلامية وكما ذكرنا سالفا مجال نشاطها الاقتصاد والاستثمار الحقيقى، كما نطالبه بتعديل قانون التمويل العقارى بحيث يأخذ فى الاعتبار وجود بنوك إسلامية تعمل فى مجال التمويل العقارى وفقا لصيغ التمويل الإسلامى التى تتطلب أحكامها تملك السلعة أولا ثم بيعها للعميل بعد ذلك. وبحيث تأخذ ايضا فى الاعتبار طول وكثرة الاجراءات اللازمة للرهن العقارى وهو شرط قانونى جاء فى نص المادة الأولى من القانون رقم 148 لسنة 2001 قانون التمويل العقارى ونصها.. تسرى أحكام هذا القانون على نشاط اقراض الاموال لغرض شراء مسكن خاص أو لغير ذلك من الاغراض التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص وذلك بضمان رهن العقار رهنا رسمياً فهنا القانون اشترط الرهن الرسمى على الرغم من تعقيد الاجراءات وعلى الرغم من أن نسبة العقارات المسجلة تسجيلا رسميا بالشهر العقارى لا تتجاوز نسبة %10 وأن حوالى %90 من العقارات غير مسجلة فى مصر مما يصعب من الإجراءات ويحد من مزايا قانون التمويل العقارى أو على أقل تقدير تطلب البنوك احلال حق امتياز البائع محل الرهن الرسمى للعقار. ونحن فى هذا الصدد نرى أن أنسب صيغ التمويل الإسلامى تطبيقا فى مجال التمويل العقارى هى:
1 ــ صيغة الايجارة مع الوعد بالتمليك: حيث فى ظل هذه الصيغة يقوم البنك بشراء العقار وتأجيره للعميل مقابل ايجار محدد مع الوعد بتمليك العميل العقار عند الانتهاء من سداد الاقساط المتفق عليها بعقد جديد وهنا يظل البنك محتفظا بالملكية لحين سداد العميل لآخر قسط ثم ينقل له الملكية مما يحد من مخاطر مماطلة العميل أو تعثره فى السداد.
2 ــ صيغة المشاركة المنتهية بالتمليك: حيث يدخل البنك شريكا للعميل فى شراء العقار بحيث يدفع العميل نسبة من ثمن شراء العقار تتراوح من 20 و%30 ويقوم البنك بتمويل النسبة الباقية ثم يقوم بتأجيرها للعميل مقابل سداد العميل لقيمة ايجارية متفق عليها ويتم تخفيض حصة البنك تدريجيا بحيث تصل نسبة العميل %100 فى نهاية العقد.
3 ــ صيغة المرابحة للامر بالشراء: حيث يقوم البنك بشراء العقار حسب المواصفات المحددة من العميل أو يوكل العميل فى الشراء على أن يقوم البنك بسداد قيمة العقار ثم يقوم ببيع العقار للعميل وفقا لعقد بيع المرابحة الآجل الذى هو بيع بمثل الثمن الاول زائد ربح معلوم مقدما سواء فى شكل نسبة أو مبلغ مقطوع يضاف على ثمن العقار الاصلى ليعطى القيمة البيعية للعقار.