للاعلام دور كبير فى تشكيل الرأي العام وزادت هذا الدور بشكل كبير عقب اندلاع ثورات الربيع العربية قبل نحو 4 سنوات، ما دفع كافة الجهات سواء على صعيد المسئولين أو الكتل السياسية أو بعض جهات المصالح للسعي لفرض سيطرتها على الاعلام.
قال محسن محمود الصحفي بوكالة أنباء الشرق الاوسط إن دور الاعلام في تشكيل الرأي العام العربي تزايد بعد إندلاع ثورات الربيع العربي قبل نحو 4 سنوات، ليس فقط على الصعيد السياسي ولكن تجاه القضايا الاقتصادية والمجتمعية أيضا.
وقال في محاضرة ألقاها حول دور الاعلام في الاصلاح الاقتصادي أمام المؤتمر الاقليمي لتحديث النظام القانوني للافلاس ومواجهة الاعسار والاضطراب المالي الذي تستضيفه العاصمة الاردنية عمان ونظمه مركز النيل للاستشارات القانونية بالتعاون مع المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة ودعم المبادرة الشرق اوسطية لاصلاح نظم الافلاس، إن دور الاعلام في ايصال الرؤى والسياسات الاقتصادية في فترة ما بعد الربيع العربي كان أكثر تأثيرا عما قبل.
واضاف أن العالم العربي كما شهد ثورة في الاوضاع السياسة والحكام شهد ايضا ثورة ايضا في دور الاعلام في قضايا الاقتصاد وكان هذا واضحا في مسيرة مصر الاقتصادية على وجه التحديد في السنوات الاخيرة، مشيرا إلى أن الجميع لمس هذا الدور الكبير للاعلام.
وأوضح أن الاعلام كان له دوره في توضيح الموقف الحقيقي للاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير، حيث خلق حالة مكاشفة لم تكن موجودة من قبل وأصبح كل مواطن على دراية بأوضاع اقتصاد بلده من حجم مديونيات على الدولة وعجز في موازنتها وميزانها التجاري والتضخم وتراجع ايرادات الدولة مقابل زيادة مصروفاتها وغير ذلك. ولفت أيضا إلى الدور الذي قام به الاعلام في التمهيد لطرح مشروع قناة السويس وطرح شهادات استثمار القناة وما صاحب ذلك من تغطيات ساعدت في اقبال غير قياسي للمصريين على شراء شهادات القناة بما تجاوز 50 مليار جنيه في نحو اسبوع واحد.
وأشار إلى أن الاهمية المتعاظمة التي اكتسبتها وسائل الاعلام بشقيها التقليدي من صحافة وفضائيات واذاعة والجديد من صحافة الكترونية ومواقع تواصل اجتماعي ومدونات أعادت الى هذه الوسائل تأثيرها السحري الذي عرفته عند ظهورها الاول قبل عقود بعيدة.
ونوه إلى أنه كما كان للشأن السياسي حظه الوافر في الاجندة الاعلامية المصرية والعربية فإن الشئون الاقتصادية مثلت الضلع الثاني في مثلث تكونت أضلاعه من السياسة والاقتصاد والأمن ظل مسيطرا وحاضرا على الساحة الاعلامية العربية طيلة السنوات الاربع الماضية على وجه التحديد. وأكد أن الشأن الاقتصادي في معظم الاحيان كان هو المحرك الحقيقي لمجريات الامور في الكثير من الدول العربية وهي قاعدة ذات بعد عالمي ايضا حيث إذا أردت السيطرة على العالم فأحكم قبضتك على الاعلام والاقتصاد، ومن ثم يمكن التأكيد على أن الاعلام والاقتصاد في الجبهة ذاتها لموجهة التحديات المشتركة ويمكن للاقتصاد أن يصنع اعلاما ناجحا وبالمثل فإن الاعلام يمكن أن يصنع اقتصادا ناجحا.
وشدد على أهمية عدم اغفال وجود بعض القصور في الرسالة الاعلامية من حيث عدم تقديم المادة الاقتصادية في بعض الاحيان في صورة بسيطة تتناسب مع واقع الشعوب العربية والشعب المصرية على وجه التحديد حيث تنتشر الامية. ولفت إلى أن موجهي الرسائل الاعلامية في خطأ كبير ومتكرر من خلال استخدام مصطلحات وتعبيرات اقتصادية يصعب على شرائح عديدة من المتلقين فهمها او استيعابها ما يؤدي الى نفور الكثيرين من استقبال تلك الرسائل الاعلامية المتعلقة بالاقتصاد على وجه التحديد وبالتي تفقد الرسالة هدفها.
وقال إنه وسط كل الاحداث التي تشهدها مصر خلال السنوات الماضية باتت المطالبة بالاصلاح التشريعي السياسي والاقتصادي من أهم مطالب المرحلة التي نعيشها ،ولكن الواقع الان فلا يمكن للحكومة ان تعمل بمفردها دون مصارحة ومكاشفة مع الرأي العام والحصول على تأييده ومن هنا يأتي الدور الكبير الذي يلعبه الاعلام في أن يكون حلقة الوصل بين الطرفين حيث لن تؤتي جهود الحكومة ثمارها دون التواصل مع الرأي العام.
وأشار إلى أن للاعلام دور مهم فى التواصل بين أطراف المجتمع ، ليس فقط بين حكومة ومواطنيين بل ايضا مع منظمات المجتمع المدني التي بات لها دورا هاما ورئيسا في تحريك الطرفين “الرأي العام والمسئولين” وتقوم مؤسسات المجتمع المدني بكافة أشكالها عبر وسائل الاعلام بدور مهم في تنبيه الحكومة للعديد من القضايا الاقتصادية ومنها الحاجة لسن التشريعات أو تعديلها .
ونبه إلى أن المشرع أو الحكومة قد يسهو عليها في بعض الاحيان بعض القضايا حتى عند اهتمامها بها قد يسهو عليها بعض الجوانب، ومن هنا يأتي دور الاعلام وحدث ذلك بالفعل فى نماذج عديدة فى مصر سياسية واقتصادية وغيرها طوال الفترة الماضية.. مثل قوانين الاستثمار والخصخصة والحد الادني والاقصي للأجور… وكان للاعلام دور كبير في مراجعتها وتعديلها وأحيانا تأجيلها.
وأكد أن للاعلام دور مهم فى تعزيز الثقة الاقتصادية والتجارية في مجتمع المال والاعمال … ولنا تجربة طويلة مع رجال الاعمال فى مصر حيث اتسمت علاقة رجال الاعمال بالشد والجذب مع الرأي العام بحسب تناول الاعلام لها، حيث كانت العلاقة سلبية ومتوترة قبل نحو عقد من الزمان قبل أن يفطن رجال الاعمال وتفتح الحكومة المجال أمام تملك رجال الاعمال لوسائل الاعلام والصحف والفضائيات التي كان لها دور كبير في تحسين الصورة الذهنية لهم وكسب ثقة المجتمع..
وأشار إلى أن للاعلام ايضا دور مهم في إقناع الرأي العام بالقرارات التي تتخذ والاجراءات حتي لو كانت صعبة وهذا حدث عندما اقبلت الحكومة المصرية على اتخاذ قرارات قاسية على المواطن مثل رفع اسعار الكهرباء والوقود … ورغم الاوضاع المعيشية السيئة لشرائح عديدة من المواطنين الا ان حملة التوعية التي قام بها الاعلام .. نجحت في تقبل الشارع لتلك القرارات.