ذكر تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الاحتياطى الفيدرالى مطالب بالتخطيط سريعاً، واتخاذ خطوات تدريجية لرفع الفائدة، كى تعود السياسة النقدية لطبيعتها السابقة.
قال التقرير، إن اقتصاد الولايات المتحدة يتحسن بسرعة، وبناء على الخبرة السابقة، فإن البنك المركزى لديه تخوفات من حدوث أزمة مالية مجدداً، مما آخر قراراته برفع أسعار الفائدة.
أضاف أنه بالنظر إلى آخر ثلاث حملات مشددة كبرى من قبل الاحتياطى الفيدرالي، فإن الظروف الحالية قابلة للمقارنة فى كثير من الحالات، وفى بعض المناطق أفضل بكثير.
وتتمثل الحملة الأولى عندما قرر البنك الفيدرالى فى فبراير 1994 رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 5 سنوات.. ومن بين العوامل الأخرى التى دفعته للرفع، أن واضعى السياسة استشهدوا بالمكاسب القوية فى الإنتاج الصناعي، ومبيعات السيارات وأوامر العمل للآلات الجديدة وغيرها من السلع الرأسمالية.
اليوم، كل هذه التدابير لديها أكثر من دليل على تعافى الاقتصاد من الركود.
تتمثل الحملة الثانية فى يونيو 1999، حينما بدأ بنك الاحتياطى الفيدرالى فى رفع أسعار الفائدة أقل من عام، عقب عجز روسيا عن السداد وانهيار صندوق التحوط LTCM مما أغضب الأسواق المالية، إذ تم الاستشهاد حينها بتخفيف الضغوط المالية.. وفى الوقت الحالى فإن الظروف المالية الأمريكية أسهل مما كانت عليه من أى وقت مضى وأفضل من منتصف عام 1999.
بينما الحملة الثالثة كانت فى يونيو 2004، حيث اعتقد «الفيدرالى» أن الزيادات الحديثة فى معدلات التضخم جاءت بفعل عوامل مؤقتة وقرر الإبقاء على معدلات أسعار الفائدة، استشهادا بالتوسع الاقتصادى القوى والتحسن فى ظروف سوق العمل.
وأضاف التقرير: بالتأكيد فإن كل دورة اقتصادية وسياسية مختلفة، ولهذا تختلف الدورة الحالية عن الدورات السابقة فى بعض الجوانب المهمة، حيث إنه على وجه التحديد فإن معدلات التضخم مازالت ضعيفة والبطالة لا تزال مرتفعة، مما يشير إلى أنه مازالت هناك بعض مؤشرات الركود فى الاقتصاد.
ومجلس الاحتياطى الفيدرالى، يمكن أن يبقى متحفظاً لفترة أطول من الدورات السابقة، بالإضافة إلى أن ضعف النمو فى أوروبا والاضطرابات الجيوسياسية فى الآونة الأخيرة أسباب تحد من النمو الاقتصادى للولايات المتحدة.
ومع ذلك، تشير التوجيهات الحالية للفيدرالى، أن البنك المركزى ما زال لعدة شهور بعيداً عن الشروع فى رفع أسعار الفائدة ويخطط للمضى تدريجياً بعد ذلك، فى حين أن هذه السياسة ليست معقولة نظراً للظروف الحالية، لأنها تزيد من المخاطر التى يمكن أن يتعرض لها البنك الفيدرالى فى وقت لاحق.. وبالتالى سيتحرك بقرارات عنيفة عن المتبعة فى التوقيت الجارى، مما يخلق مجموعة جديدة من التحديات.
وأوضح التقرير أن أداة السياسة النقدية الرئيسية لمجلس الاحتياطى حاليا تتمثل فى التزامه بالتحرك تدريجياً، مما ساعد على إبقاء أسعار الفائدة منخفضة واتباع سياسة مالية متحفظة. ولكن رغم ذلك، وبالنظر إلى المسار الاقتصادى الحالى، فإن وقت «الاحتياطى الفيدرالى» اللازم للبدء فى عملية تحريك أسعار الفائدة لمعدلات أكثر طبيعية، اقترب.
وحال اتخاذ القرار بالرفع مفاجئ وبطريقة غير منضبطة بدلا من اتباع السياسة التدريجية، فإن احتمال وقوع أضرار جانبية ستكون أعلى بكثير.
بحسب التقرير، فإن تقلبات السوق ارتفعت العام الماضى بالإضافة إلى تواجد مجموعة واسعة من الأصول المالية التى شهدت تصحيحات هبوطية حادة، بجانب أن نشاط سوق الإسكان والبناء حتى الآن لم يتعاف تماماً من الارتفاع الحاد فى معدلات الرهن العقاري.
ذكر التقرير، أنه عندما يقوم مجلس الاحتياطى لأول مرة برفع أسعار الفائدة، فإن الالتزام الموثوق الذى يعتمد عليه، هى أن تصبح السياسة متدرجة وهى الأفضل للحد من مخاطر أى صدمات أخرى.
وكلما انتظر «الفيدرالى» طويلا للإشارة إلى التحريك الأول فى بيئة يتحسن نموها الاقتصادى، كلما كان السوق أكثر قدرة على التحرك تدريجيا، خاصة حال استمرار معدلات التضخم فى الارتفاع، مما يعنى أن التقلبات الكبيرة، لاسيما فى قطاع ائتمان الشركات والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقارى، يمكن لها -خاصة اذا كانت مرتفعة – أن تكون لها تأثيرات اقتصادية حقيقية.
أضاف التقرير، أن الاجتماع فى نهاية يوليو الماضى، يشير إلى التخوف المتزايد من قبل عدد من مسئولى مجلس الاحتياطى الاتحادي، إزاء الخطر المنتظر على المدى البعيد.
رفع بنك إنجلترا احتمالية أنه بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة فى وقت سابق للحفاظ على المسار التدريجى لرفع الأسعار على المدى الطويل.
اتخذ مجلس الاحتياطى الفيدرالى حتى الآن، نهجاً مختلفاً جعله يحافظ على موقفه الرسمى المتمثل فى أن المعدلات ستبقى معلقة «وقتاً طويلاً» عقب برنامج شراء الأصول المنتهى فى أكتوبر. وأن رفع أسعار الفائدة سيكون تدريجيا عند اتخاذ هذا القرار.
مع ذلك، وبالنظر إلى البيانات الاقتصادية الواردة، فإن بنك الاحتياطى الفيدرالى قد يجد صعوبة فى الحفاظ على كل تلك الالتزامات.. وأفضل طريقة للحفاظ على التزامه بسياسة التدرج قد يكون التحرك عاجلاً وليس آجلاً.