الصراع فى أوكرانيا و«إيبولا» فى غرب أفريقيا وراء ضعف الطلب
قفزت مؤشرات أسعار السلع الأساسية، ثلاثة أضعاف بين عامى 2000 و2011 متجاوزة بسهولة معدّلات النمو العالمى.. وبعدها انخفضت الأسعار بنحو الربع.
وذكرت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، أن الانعكاس فى الثروات، بطبيعة الحال أفضل بكثير بالنسبة للمستهلكين.. وانخفاض سعر الغاز الطبيعى أو الأرز مثل خفض الضرائب يترك الأسر مع مزيد من الدخل المتاح.
ويشير ارتفاع أسعار البترول فى كثير من الأحيان، إلى أن البلدان المستوردة، قد تتعرض لمخاطر الركود، ويمكن من خلالها الضغط على العملات وتوسيع العجز فى الحساب الجارى، فالموارد الرخيصة منذ التسعينات ساعدت على تعويم الأجور الحقيقية فى العالم الغنى.
وتعانى البلدان المنتجة عندما تنخفض الأسعار، لأن كثيرا من هذه الدول فقيرة نسبيا. وكان الإفلاس العظيم الذى بدأ أواخر السبعينات عبئا على الاقتصادات النامية لعقدين من الزمن، حتى بدأت طفرة السلع منذ بداية عام 2000 والتى ساهمت بشكل كبير فى دخول الدول النامية سريعة النمو. فانخفاض الأسعار يمكن أن يعنى الاضطراب المالى للحكومات التى تعتمد على ارتفاعها لتمويل الإنفاق السخى.
وعلى المدى القصير تمثّل أسعار السلع دوراً أساسياً فى تحولات توقعات الطلب العالمى، بجانب انقطاع الإمدادات.
فعندما وقعت الأزمة المالية أواخر عام 2008 انخفضت أسعار المواد الخام. وعلى سبيل المثال انخفض البترول من 144 دولاراً للبرميل فى صيف 2008 إلى 33 دولاراً للبرميل فى ديسمبر من العام نفسه. ولكن بحلول أواخر عام 2010، ومع تعافى النمو العالمى على خلفية التوسع السريع فى الأسواق الناشئة، اقترب سعره من 100 دولار مرة أخرى.
وتعكس شريحة الأسعار الحالية ضعف الاقتصاد العالمي. فمنذ عام 2010 يتم قياس الناتج المحلى الإجمالى العالمى على أساس القوة الشرائية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى توسع فيه الاقتصاد الصينى بوتيرة مزدوجة عام 2010 ولكن قد يواجه صعوبات فى النمو بنسبة %7 هذا العام.
وتوقعت منظمة التجارة العالمية نمواً بنسبة %4.7 للعام الجارى، ولكن انخفض المعدل إلى %3.1 فى سبتمبر. وكان أحد الجناة الرئيسيين هو ضعف نمو الواردات فى البلدان المصدرة للسلع الأساسية نظراً لظروفها الصعبة.
وتتوقع منظمة التجارة العالمية حدوث انتعاش فى النمو والتجارة العام المقبل.. ولكن من غير المحتمل العودة إلى معدلات النمو فى 2000، مع ازدياد المخاطر جرّاء الصراع فى أوكرانيا إلى «إيبولا» فى غرب أفريقيا.
وتحاول الصين، المستهلك الكبير للمواد الخام فى السنوات الأخيرة، إعادة توازن النمو بعيداً عن الاستثمار الكبير فى السلع الأساسية إلى مجال الإسكان والبنية التحتية الأخرى، بالإضافة إلى كبح جماح نمو الائتمان.
وفى الوقت نفسه، بدأ الاستثمار فى إمدادات جديدة، إذ زاد إنتاج البترول فى أمريكا على سبيل المثال إلى 4 ملايين برميل يومياً منذ عام 2008 بفضل ثورة التكسير الهيدروليكى، نتيجة لذلك فمن المحتمل ارتفاع الأسعار لعدة سنوات قبل أن يتحقق العرض الجديد المتوقع. ومع ذلك، يمكن أن تصبح الأسواق مشبعة ومن ثم تنخفض الأسعار لفترة طويلة. وارتفع إنتاج معظم السلع بشكل حاد على مدى العقد الماضى، وعلى سبيل المثال تضاعف إنتاج الحديد فى العالم ثلاث مرات تقريباً منذ بداية عام 2000، فنمو المعروض يفوق ارتفاع الاستهلاك لبعض السلع.. ومع انخفاض نمو اقتصاد العالم، فانخفاض أسعار السلع أمر لا مفر منه.