قررت الحكومة ان تسير على خطى حكومة الدكتور هشام قنديل بدعم حفنة من المصانع على حساب 90 مليون مستهلك وقطاع المقاولات، الذى افلس نصفه، وذلك بفرض تدابير وقائية مؤقتة على حديد التسليح بواقع 6،8% بحد ادنى 290 جنيه.
وتناست الحكومة انها فى الوقت الحالى هى المستهلك الرئيسى لتلك السلعة الاساسية التى تشكل اكثر من 8% من تكلفة الانشائات والتى تتضاعف فى مشاريع البنية التحتية من كبارى ومحطات كهرباء ومياه، فهل ستقوم بسداد تلك الزيادة التى وضعتها بنفسها من اجل دعم حفنة من المصانع، ام ستترك قطاع المقاولات الذى يعمل به الملاين للافلاس، وكذا بالنسبة لمشاريع اسكان الشباب، هل ستدفع الحكومة تلك الزيادة ام سيتحملها الشباب الذى يقدر بالكاد ان يسدد التكلفة الاصلية.
وطبقا لاتحاد المصرى لمقاولي التشييد والبناء فقطاع المقاولات الذي يضم نحو 100 مهنة وحرفة ويعمل به نحو 8 ملايين عامل معرض للانهيار حيث يعمل حاليا بنسبة لاتزيد على 30% من طاقته الى جانب تحمله فوائد مستحقاته المتأخرة لدى الشركات الحكومية التي وصلت إلى 272 مليون جنيه، لذا فقد خرج منه منذ ثورة 25 يناير حتى نهاية العام الماضي نحو 12500 شركة تعرضن للإفلاس ولم يتبق به إلا 14500 من جملة 27 ألف شركة كانت تعمل فى السوق، ومن المتوقع الان ان نحو 2000 شركة مقاولات اخرى ستعلن إفلاسها، مما سيؤدى لضم نحو مليون ونصف مليون عامل إلى العاطلين ونحن فى امس الحاجة لخلق فرص عمل وليس انهاء القائم منها.
صرح بذلك احمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية الذى اكد ان الحكومة تناست ان نفس الخطا وقعت فيه حكومة الدكتور هشام قنديل عندما اصدرت قرار وزير الصناعة رقم 944 لسنة 2012 والذى فرض رسوم وقائية مؤقتة بمقدار 6.8 % بحد أدنى 299 للطن لمدة 200 يوم على الواردات من حديد تسليح ، وبناء عليه قامت المصانع برفع سعر البيع (الذى تحدده بنفسها دون تدخل من التاجر) بزيادة تراوحت من 130 الى 165 جنيه للطن فى شهر ديسمبر 2012 ثم مرة اخرى اخرى فى شهر يناير بزيادة تراوحت من 191 الى 375 جنيه للطن ليرتفع سعر الحديد المحلى من ما بين 4200 – 4230 فى شهر نوفمبر قبل فرض الرسوم الوقائية ليصبح ما بين 4555 – 4680 جنيها للطن فى شهر يناير 2013 بالرغم من انخفاض الاسعار العالمية فى ذلك الوقت.
بل والادهى هو قيام المصانع بخفض نسبة ربح التجار بحوالى 1% من سعر البيع حتى لا تتجاوز الاسعار ال 4700 جنيه للطن، وذلك فى ظل رفع التكلفة على الاستيراد والذى كان يجبر الجميع على ضبط الاسعار لصالح المستهلك، وبالطبع تم اتهام التجار برفع اسعار الحديد كذبا من خلال قلة من اصحاب المصالح الغير ممثلين للصناعة الوطنية، متناسيين ان اسعار البيع للمستهلك يحددها المصنع شهريا والتاجر ملزم بتلك الاسعار وليس من حقه تعديلها، بل وهو ملزم باعلانها واخطار وزارة الصناعة والتجارة بها، وذلك طبقا للقرار الوزاري رقم 149 لسنة 2008 لتنظيم تداول الحديد بشكل مستمر والذي فرض الشفافية في اعلان اسعار الحديد والالتزام بالفواتير في منافذ التوزيع.
والادهى هو ما يحدث بعد “الدراسة” التى يجب ان تتم خلال 200 يوم، حيث تقوم الحكومة برد تلك الرسوم الحمائية المؤقتة الى المستوردين، رغم ان المستهلك هو الذى سددها، وبالطبع ما حصلت عليه المصانع من خلال رفعها للاسعار تحتفظ به وهو الهدف من هذا السيناريو المتكرر، وهو ما حدث فى 19/6/ 2013 بعد ان اثبتت الدراسة ان شكوى بعض المنتجين كانت غير مبررة، وسيتكرر ذلك مرة اخرى ليربح حفنة من الصناع والمستوردين الملاين على حساب المستهلك وقطاع المقاولات، حيث اثبتت الدراسة اناذاك أن الواردات ليست هي السبب في أي ضرر على الصناعة المحلية، وان مشاكل الصناعة المحلية هى بالاساس لعوامل داخل الصناعة نفسها والاعباء المختلفة التى تتحملها الصناعة المصرية بصفة عامة.
فان دعم قطاع بعينه بهذا الاسلوب سيؤدى لموجة جديدة من زيادة الاسعار فى العديد من القطاعات المرتبطة، وللاسف سيتحمل فاتورة ذلك القرار 90 مليون مصرى.
فبدلا من قيام الحكومة بدورها فى دعم الصناعة، والذى كان يدار بنجاح، من خلال توفير اليات محددة، سواء من خلال مركز تحديث الصناعة الذى تم وئده خلال السنوات الماضية، او صندوق دعم الصادرات الذى تم خفض موازنته وتاخر سداد التزاماته، تريد الحكومة ان تنقل دورها الداعم للصناعة الى المستهلك المصرى الذى يعانى اصلا من ارتفاع تكلفة المعيشة وقطاع المقاولات الذى افلس جزء كبير منه.
ولا تراعى مثل تلك القرارات الضغوط التى سيبدا المنتجون الاجانب فى وضعها على حكوماتهم فى اسواقنا التصديرية للقيام بالمعاملة بالمثل، ولكن فى قطاعات اخرى مما سيكون له اثر بالغ على الاقتصاد.
ان توالى اصدار قرارات حمائية، والغير مبررة، سيرسل رسالة سلبية عن التوجهات الاقتصادية المصرية، بالرغم من التاكيد الدائم بعكس ذلك من كافة القيادات السياسية والتنفيذية، مما يفقدنا مصداقيتنا محليا ودوليا وسيسبب فى احجام العديد من الشركات عن التوجه للاستثمار فى مصر، مما سيحول مصر لجزيرة منعزلة طاردة للاستثمار غير قادرة على خلق فرص عمل وهو التحدى الاكبر لمصر ما بعد الثورة.
فعلى الحكومة ايجاد اليات وموارد لدعم قطاع الصناعات المعدنية ورفع تنافسيته، بدلا من تحميل ذلك على المقاول والمستهلك من خلال اليات حمائية.
وأكد الوكيل بان الاتحاد، هو الممثل الرسمى لاعضائه، وهم اكثر من اربعة مليون تاجر وصانع ومؤدى خدمات، من القطاعين العام والخاص، ابناء مصر الاوفياء، دعامة الاقتصاد المصرى وخالقى فرص العمل، وهو الذى يقوم بالتوازن بين مصالح كافة القطاعات من اجل الحفاظ على الاقتصاد المصرى ودعمه، لذا فانه انه يرفض تماما تحميل دعم قطاع على حساب قطاعات اخرى او المستهلك المصرى.