اقتصاديون: غياب التدفقات الأجنبية يهدد تصنيف مصر
يعد تحسن ترتيب مصر على مؤشر «ستاندر آند بورز»، لقياس قدرة الدول على سداد ديونها فى الربع الثالث، وخروجها من قائمة الدول العشر الأكثر قابلية للتخلف عن سداد ديونها.. استكمالاً لحالة التحسن العام والنظرة الإيجابية التى أشارت إليها وكالات التصنيف الائتمانى خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ورفعت وكالة «موديز أنفستورز سرفيس للتصنيفات الائتمانية»، الأسبوع الماضى نظرتها المستقبلية لمصر، إلى «مستقرة» من «سلبية»، وأرجعت ذلك إلى زيادة استقرار الأوضاع السياسية والأمنية وبوادر التعافى الاقتصادى.
لكن الوكالة أحجمت عن رفع التصنيف الائتمانى لمصر ليبقى عند Caa1، بما يقل درجة واحدة عن تصنيف «ستاندرد آند بورز»، قائلة إن الأوضاع المالية للحكومة ما زالت ضعيفة للغاية.
واعتبر اقتصاديون أن استمرار تحسن التصنيف الائتمانى لمصر وارتفاع ملاءتها المالية مرهون ومشروط بتحسن الوضع الاقتصادى ذاتيا، والقدرة على جلب تدفقات نقدية واستثمارات، بخلاف المساعدات الخارجية التى تعد المصدر الأساسى الذى اعتمدت عليه معدلات الاحتياطى من النقد الأجنبى خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
كما أشاروا، إلى أن هناك بعض الأسباب التى تهدد استمرار تحسن أداء المؤشرات الاقتصادية خلال الشهور المقبلة، أبرزها سداد باقى الوديعة القطرية المحدد لها نوفمبر المقبل، ما سيؤثر على الاحتياطى من النقد الأجنبى، فضلاً عن اقتراب الانتخابات البرلمانية، والتخوف من عودة الاضطرابات السياسية والاقتصادية.
وقال هشام رامز، محافظ البنك المركزى إن مصر قامت برد 500 مليون دولار إلى قطر فى الأول من أكتوبر الجاري.. وسيقوم «المركزي» برد 2.5 مليار دولار، قيمة سند مستحق لقطر لدى مصر فى الأول من شهر نوفمبر الجارى.
وأكد «رامز» فى تصريحات صحفية سابقة، خلال مشاركته فى الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن الـ 3 مليارات دولار ستؤثر على الاحتياطى الأجنبى لمصر. ولكن تحسن إيرادات قطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية المتوقعة خلال الفترة القادمة، سوف تعمل على دعم أرصدة الاحتياطيات الدولية.
وبلغ احتياطى مصر من النقد الأجنبى فى أكتوبر الماضى 18.5 مليار دولار، مقابل 18.7 مليار دولار فى شهر سبتمبر السابق عليه. ويعد هذا الانخفاض الشهرى الثانى على التوالى، حيث كانت احتياطيات النقد الأجنبى قد سجلت 18.92 مليار دولار فى نهاية أغسطس.
قال عمرو حسنين متربس، رئيس شركة «ميريس» فى الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى، إن خروج مصر من قائمة «ستاندرد آند بورز» للدول العشر الأكثر قابلية للتخلف عن سداد ديونها، أمر إيجابى فى ظل الطريق الذى يسير إليه الاقتصاد المصرى نحو المزيد من الاستقرار.
أضاف أن عودة مصر إلى احتلال ترتيب متقدم بين الدول الأكثر قابلية للتخلف عن السداد، أمر وارد حال تخلفها عن المسار السياسى وإتمام خارطة الطريق.. وبالتالى التخلف عن مسار الاستقرار الاقتصادي.
أكد أن سداد مصر للوديعة القطرية البالغة 2.5 مليار دولار فى نوفمبر المقبل، تم أخذه فى الاعتبار فى القائمة الجديدة، ولكن الأمر متعلق بقدرة مصر على توليد العملة الأجنبية من مصادرها الخاصة بها.
أضاف أن تقييم الملاءة المالية لمصر، ومدى قدرتها على سداد التزاماتها الخارجية أمر دوري. ومن السهل تغيره للأسوأ حال عدم حدوث تحسن ملموس فى المؤشرات الاقتصادية الخاصة بالنمو، والناتج الإجمالى القومي.
قال «متربس»، إن الحكومة المصرية، مازالت تعتمد على رفع المصروفات الأخرى مقابل الاجراءات الأخيرة التى استهدفت قمع حجم المصروفات.. وبالتالى العمل على تخفيض مصروفات الدولة أمر مهم للتخلص من الديون المتراكمة وعجز الموازنة.
وقال أحمد الخولى، رئيس قطاع الخزانة ببنك «التعمير والإسكان» إن استقرار وتحسن المؤشرات الاقتصادية، أهم المعايير التى تتخذها المؤسسات ووكالات التصنيف الائتمانى فى الاعتبار عند تصنيف أى دولة.
وأضاف أن تراجع الاحتياطيات من النقد الأجنبي، والاعتماد على المساعدات والمنح الخارجية فى دعمه، يهددان استقرار قيمة العملة المحلية، وهو ما يزيد من احتمالات ضعف التصنيف الائتمانى مرة أخرى.
ومن جانبه، قال جمال صيام، الخبير الاقتصادي، مستشار المركز الاقتصادى للدراسات الاقتصادية، إن تحسن ترتيب مصر على مؤشر «ستاندر آند بورز» لقياس قدرة الدول على سداد ديونها، مؤقت ومرهون بعدة عوامل، أبرزها قدرة مصر على حشد استثمارات أجنبية فى مؤتمر القمة الاقتصادية المقرر عقده فى فبراير القادم، بجانب انتعاش قطاع السياحة وإنجاز ملف قوانين الاستثمار التى تعمل عليها الوزارة حالياً لتحسين بيئة العمل.
وأكد صيام أن سداد الـ 2.5 مليار دولار باقى قيمة الوديعة القطرية، مطلع الشهر المقبل، سيؤثر بالتأكيد على الاحتياطيات الأجنبية، مشيراً إلى ضرورة التركيز على تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية، أبرزها معدلات النمو المرهونة بتدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
وتصنف وكالة «ستاندرد آند بورز» مصر عند مستوى -B مع نظرة مستقبلية مستقرة. ورفعت الوكالة تصنيفها الائتمانى لمصر فى نوفمبر 2013، وعزت ذلك إلى الدعم المقدم لها من دول أخرى، الأمر الذى يعزز المالية العامة للحكومة.
وفى يونيو أكدت وكاله «فيتش» تصنيفها الائتمانى لمصر عند -B، بينما قالت «موديز» إن الإبقاء على تصنيفها لمصر عند Caa1 يعكس شدة ضعف وصعوبة الحالة التى وصلت لها المالية العامة للحكومة.
ويظل العجز فى الموازنة المصرية متجاوزاً نسبة %100 من الناتج المحلى الإجمالي، بينما تشير سياسة الدولة المتمثلة فى زيادة الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية إلى أن تقليص العجز سيكون تدريجيا للغاية.
ومن المتوقع أن يظل عجز الموازنة مرتفعاً بحلول 2019 عند %8.5 من الناتج المحلى الإجمالى.