بقلم: مارتن وولف
هل يشكل استعراض جودة الأصول واختبارات التحمل التى أجراها البنك المركزى الأوروبى والهيئة المصرفية الأوروبية نقطة تحول فى أزمة منطقة اليورو؟ إلى حد ما، فهى تعتبر تحسنا عما حدث فى الماضى ولكنها ليست إصلاحا كاملا للقطاع المصرفى، ناهيك عن المشكلات الأوسع التى يواجهها الاقتصاد.
والتقييم المتفائل هو أن البنك المركزى الأوروبى قام على الأقل بما يكفى لإصلاح النظام المصرفى، وهناك أمران يجب قولهما عن هذا التقييم: أولا، أن المركزى الأوروبى فحص جودة الأصول فى النظام المصرفي، وثانيا، أن «عوامل التحمل» المفروضة فى الاختبارات كانت قاسية، وتبدو مماثلة لتلك التى يفرضها الاحتياطى الفيدرالى على البنوك الامريكية، وخلص المركزى الاوروبى إلى أن هناك 25 بنكا، تسعة منها إيطالية، فى حاجة إلى إضافة 25 مليار يورو فى الإجمالى إلى رأس المال، وهذا الرقم انخفض بالفعل العام الجارى الى 13 مليار يورو بسبب رفع رأس المال العام الحالي.
ولعل أهم احتمال حذفه هذا التقييم هو التعثر السيادي، وهذا يتعلق بشاغل أساسى وهو رأس المال المطلوب ضد المخاطر التى يقوم عليها التحليل بما فى ذلك الحكم على مدى أمان أنواع الأصول المختلفة، ويمثل هذا الأمر مشكلة لاسيما فى منطقة اليورو، حيث إن عدم وجود مساندة مالية موحدة بالنسبة للبنوك يعنى أن الحكومات هى المسئولة عن إنقاذ المؤسسات المتعثرة.
وعلاوة على ذلك فإن السيولة المالية لأعضاء منطقة اليورو المثقلين بالديون فى موضع شك أكثر من البلدان ذات العملات الخاصة بها، ونظرا لأن إندلاع أزمة فى القطاع المصرفى سيكون من الأصعب التعامل معها فى منطقة اليورو عن أى مكان آخر، لذا فمن الحكمة أن يكون لدى بنوك المنطقة عوامل وقاية أكبر لرأس المال مما سيشكل فرصة أكبر لمنع اندلاع أى أزمة فى القطاع المصرفى، مما يعد أمراً مهماً خاصة عندما تكون الرافعة المالية أعلى بكثير من نسب رأس المال المطلوبه ضد المخاطر.
وتضعف نسبة الاستدانة المرتفعة من قدرة البنوك على تمويل النمو، فالمؤسسات ذات نسب الاستدانة المرتفعة تسعى إلى تقديم قروض مضمونة بقوة، بضمان الممتلكات، على سبيل المثال، أو إلى حمل أصول ذات مخاطر مرتفعة، وهذا من شأنه إعاقة النمو البناء الذى تحتاجه منطقة اليورو.
ولهذه الأسباب يشك المرء إذا كان رأس المال فى بنوك منطقة اليورو كافيا لدفع الاقتصاد إلى الأمام، إلا أن ذلك يعتبر مجرد جزء من مشكلة أخرى أكبر وهى الضعف الكبير فى الطلب الكلى والانحدار البطيء نحو التضخم شديد الانخفاض الذى من المحتمل أن يتحول إلى انكماش.
وأعرب مسئولان سابقان بالمركزى الأوروبى عن وجهات نظر مختلفة تماما بشأن كيفية استجابة صناع السياسة، إذ يرى اومار آيسينج، اقتصادى سابق فى البنك، إن السياسة النقدية فضفاضة بالفعل من وجهة نظر ألمانيا، لذا سيكون من الخطأ بالنسبة لبرلين أن تقوم بتخفيف السياسة النقدية، بينما قال عضو سابق بالمجلس التنفيذى للبنك المركزى الاوروبي، لورينزو بينى سماجي، إن المانيا فى حاجة الى زيادة الطلب للحول دون انزلاق الاقتصاد الاوروبى إلى الإنكماش، والنقطة المهمة هنا هو أن منطقة اليورو لديها سلطة نقدية واحدة ينبغى عليها أن تشكل رأيا عن اقتصاد منطقة اليورو بأكمله.
وارتفع الطلب الأسمى فى منطقة اليورو بين الربع الأول من عام 2008 والربع الثانى من هذا العام، بنسبة مجرد %2.5، ونما الناتج المحلى الإجمالى الاسمى بنسبة %5 خلال تلك الفترة، والآن نفترض أن النمو الحقيقى كان مجرد %1 والتضخم %2 تماشيا مع أهداف البنك المركزى الأوروبي، ففى هذه الحالة، يجب أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى الاسمى بمعدل %3 سنويا، وبحلول الربع الثانى من عام 2014، كان الناتج المحلى الإجمالى الاسمى دون هذا الهدف بنسبة %13، وخلال الست سنوات المنتهية فى 30 سبتمبر 2014 ازداد العرض النقدى بمفهومه الواسع بنسبة %9.6، وهو معدل سنوى مركب بنسبة %1.5، وبناءً على كلا المقياسين، فقد فشل البنك المركزى الأوروبي.
ومن الضرورى عدم إجراء كثير من اختبارات التحمل ومراجعة جودة الأصول، صحيح أنها تمثل تحسنا حقيقيا، لكنها لا تعنى أن بنوك منطقة اليورو ستدفع النمو الآن، فلايزال لديها رأسمال قليل جدا للقيام بهذه المهمة، والأكثر أهمية أن منطقة اليورو تفتقر إلى استراتيجية ذات مصداقية لإنعاش الطلب، وإذا كان العديد من النخب السياسية الألمانية لا تزال تنكر أن هذا الأمر يعتبر مشكلة، فلابد أن تظل أزمة منطقة اليورو دون حل وهذه كارثة.
المصدر: فاينانشيال تايمز
إعداد: نهى مكرم