«سيتى بنك» يتوقف عن تمويل الأفراد فى 24 دولة.. و«HSBC» ينسحب من التجزئة المصرفية
اتجهت بنوك عالمية كبرى، أبرزها «سيتى بنك» و«HSBC» و«باركليز»، إلى التخارج من أنشطة خدمات الأفراد فى كثير من الدول، وذلك لتعظيم أرباحها ومواجهة المنافسين المحليين لها.
توقف «سيتى بنك» منذ أكثر من 10 أعوام عن التوسع عالمياً. واستهدفت هذه السياسة تعديل العلاقات مع الجهات الرقابية وإنعاش سمعة البنك، بالإضافة إلى تورط البنك فى فضائح أدت إلى إنهاء الترخيص المصرفى اليابانى.
مع فارق التوقيت، أعلن البنك الأمريكى مؤخراً انسحابه من عمليات التجزئة المصرفية تماماً، من 11 دولة أبرزها اليابان ومصر وكوستاريكا والمجر.
قال الرئيس التنفيذى لبنك سيتى، «مايك كوربات»، للمحللين خلال الاعلان عن نتائج أعماله فى الربع الثالث، والتى ضمت فضيحة تزوير جديدة فى المكسيك، إنه رغم وجود فائدة حقيقية لهذه العمليات، فإن البنك لا يرى احتمال عودة تحقيق عوائد منها.
وجاءت هذه الخطوة فى أعقاب الانسحابات السابقة من قبل «سيتى بنك» فى بعض الدول بما فى ذلك إسبانيا وباكستان، حيث بلغ إجمالى الدول التى انسحب منها البنك فى عمليات التجزئة المصرفية 24 دولة منذ عام 2012.
تراجع بنك «HSBC» والذى يعتبر من أشد منافسى «سيتى بنك» أيضاً عالميا، حيث انسحب من قطاع التجزئة المصرفية فى أكثر من 20 دولة مثل كولومبيا وكوريا الجنوبية وروسيا، فى حين أبقى على عمليات التجزئة وإدارة الثروات فى 40 سوقاً.
اتبعت بنوك كثيرة أخرى نهج «سيتى بنك» و«اتش إس بى سى» مثل بنك «باركليز» والذى انسحب من عمليات التجزئة المصرفية فى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا والبرتغال.
وقالت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية إنه بعد 6 أعوام على الأزمة العالمية، فإن البنوك والشركات الكبرى لا تزال تتراجع من بعض الدول. ويتمثل السبب الرئيسى فى تدهور الاقتصادات المتخارجة منها، فى البنوك، حيث تنسحب من أسواق صغيرة فشلت فى تحقيق الأرباح الكافية منها.
وقال «فان ستينس»، المحلل المصرفى، فى بنك «مورجان ستانلي» إن عددا كبيرا من البنوك توقعت أرباحا أكثر من خلال التوسع عالميا.. ولكنها لم تحققها.
أضاف «ستينس»، أن تحقيق الأرباح المأمولة من قبل الشبكات البعيدة من قبل بنك «سيتى» و«HSBC» أصبح ملحاً خصوصاً مع إلحاح المساهمين للحصول على عوائد أعلى، مشيراً إلى أن هذه البنوك وجدت أنه من الصعب استمرار تقديم الخدمات المصرفية للأفراد عبر الحدود.
وقالت الصحيفة إن البنوك أصبحت تركز على تحقيق العوائد من كل دولة على حدة، وليس مجرد اعتمادها على التوسع عالميا لدعم فروعها.
وأكد «جرين سكور» المحلل المصرفى، فى مجموعة «آى إس آى» فى نيويورك، أن البنوك انتهجت منذ 20 عاماً، سياسة البناء.
وعادة ما تتوقع نسب أرباح وبحصص سوقية معينة من كل دولة. ولكن الأمر اختلف فى الوقت الحالى.
مع ذلك، يرى بعض المحللين الماليين، أن السبب الرئيسى فى تعديل استراتيجية البنوك يتمثل فى مجموعة التنظيمات التى دخلت على القطاع المصرفى منذ الأزمة، بالإضافة إلى الغرامات الباهظة حال خرق القوانين التنظيمية.
وقال نور ميناى، الرئيس التنفيذى لبنك «CTBC» فى الولايات المتحدة، الرئيس التنفيذى لـ «سيتى بنك» سابقاً، إن الأولوية للبنكين الأمريكيين HSBC و«سيتى بنك» حالياً، تتمثل فى الإبقاء بعيداً عن مشاكل مكافحة غسل الأموال وقضايا القوانين السرية البنكية. لذلك تبتعد البنوك عن الاستمرار فى جميع الدول، خصوصا مع الانتقام الشديد من قبل المنظمين.
قالت الصحيفة إن «سيتى بنك»، اتجه إلى الانسحاب من قطاع التجزئة فى بعض الدول عقب فشله فى اختبارات الضغط التى أجراها مجلس الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكى) فى البنك هذا العام. واعتقد كثير من المراقبين أن هذا الفشل نتيجة تعقيدات البنك.
وبدأ «HSBC» يعيد التفكير فى هذه الاستراتيجية فى عام 2011 عندما تولى ستيوارت جاليفر منصب الرئيس التنفيذى للبنك. وفى فترة قصيرة تم تغريم البنك 1.9 مليار دولار، بالإضافة إلى توقيع البنك اتفاق دفع عقوبة مقاضاة لعملية غسل أموال.
وقال «شيرارد كوبر كولز»، كبير مستشارى «HSBC»، إن البنوك تتبع سياسة وقائية أمام المنظمين، ما يضطرها إلى الابتعاد عن النظام المصرفى العالمى، مشيراً إلى أنه برغم جودة السياسة الموجودة وتحقق المصلحة العامة للقطاع، فإنها يمكن أن تسبب تكاليف للبنوك.
وتشير حقيقة إبقاء بنك «سيتي» عملياته فى 50 فرعاً فى روسيا رغم العقوبات الأمريكية والأوروبية، إلى أن المخاطر التنظيمية ليست هى العامل الوحيد.
اعترف بعض المصرفيين، بأن البنوك العالمية الكبرى تواجه المنافسين المحليين الذين استفادوا من نظرائهم الأجانب. وسخرت التكنولوجيا الجديدة لتكون فى قمة القطاع المصرفى.
وقال مسئول تنفيذى سابق فى «سيتى بنك»، إن البنوك المحلية لديها مزايا كثيرة مقارنة بالبنوك العالمية الكبرى، فيما يتعلق بالمتطلبات التنظيمية، وإن ما حدث هو أن البنوك المحلية استطاعت الاستفادة من كثير من مزايا البنوك العالمية.
وظهرت قوى إقليمية جديدة، نتيجة انخفاض المصروفات فى البنوك الدولية. وعلى سبيل المثال فى الشرق الأوسط، بنك «قطر الوطني»، توسع فى شبكة البيع بالتجزئة من خلال عمليات الاستحواذ فى أفريقيا.
وفى أمريكا اللاتينية قامت البنوك الكولومبية ومنها «جروبو أيال» و«بانكولومبيا» بشراء الأصول فى المنطقة.
وفى آسيا توسع بنك «دى بى إس» السنغافوري، والبنك الصناعى الصينى فى الخارج.
تتنافس البنوك العالمية على العميل المثالى وهو العميل الثرى الذى يعتاد على تحويل أمواله حول العالم بسهولة.
ورغم انتهاج البنوك العالمية الكبرى سياسة الابتعاد عن تقديم الخدمات للأفراد فى بعض الدول، فإن بنكى «سيتى جروب» و«HSBC» لا تزال لديهما طموحات عالمية قوية تتمثل فى الحفاظ على توفير الخدمات المصرفية الاستثمارية وخدمات الشركات فى معظم الأسواق التى تخارجت من تقديم الخدمات المصرفية للأفراد بها، ولا يزال «سيتى بنك» يتواجد فى 100 دولة.
مع الضغط على البنوك من قبل المساهمين والمنظمين والبنوك المنافسة المحلية، فإنه من المتوقع أن تزداد تلك العملية فى السنوات المقبلة.