حققت اقتصادات أمريكا اللاتينية ، نمواً اقتصادياً جيداً فى السنوات الأخيرة بفضل ارتفاع أسعار السلع وانخفاض أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة الذى أغرق المنطقة برؤوس الأموال. ولكن ظروف الاقتصاد العالمى حالياً انقلبت رأساً على عقب حيث انهارت الأسعار وارتفعت الفائدة.
فى الوقت الذى سحب المستثمرون رؤوس أموالهم من المنطقة، وهبطت قيمة العملات، ارتفعت تكاليف خدمة الدين العام ارتفاعاً هائلاً، وهناك العديد من العلامات على تباطؤ نمو دول أمريكا اللاتينية.
وإحدى هذه العلامات هى تراجع مؤشر بلومبرج لأسعار السلع، إلى أدنى مستوياته منذ خمس سنوات بسبب تباطؤ الاقتصاد الصينى
والعلامة الثانية هى انخفاض التدفقات الاستثمارية إلى المنطقة بنحو %23 خلال النصف الأول من العام الجارى مقابل العام الماضي، ويعود ذلك إلى نحو كبير لتباطؤ الاستثمارات فى قطاع التعدين.
وفى إشارة ثالثة إلى تباطؤ النمو فى المنطقة، انخفضت قيمة عملة بعض دول أمريكا اللاتينية انخفاضاً كبيراً مع استمرار تدهور عجز الحساب الجاري.
واخيراً فإن بعض شركات أمريكا اللاتينية – تناضل حالياً من أجل خدمة ديونها بعد أن أصدرت كميات قياسية من السندات المقومة بالعملة الأجنبية بلغت قيمتها وفقاً لمزودة البيانات «ديولوجيك» 117 مليار دولار خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجارى .
وفى أكتوبر الماضي، خفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى تصنيف سندات شركة بترول «بيتروبراس» البرازيلية جراء تداعيات انخفاض أسعار البترول وهبوط قيمة الريال البرازيلى.
ويبدو أن التشاؤم يسود أجواء أسواق رأس المال فى أمريكا اللاتينية خلال العام المقبل، ولكن المفاجأة أن الأجواء ليست قاتمة فى جميع أسواق المنطقة.
وتقول أنطونيا ستولبر، رئيس قسم الأسواق المالية فى الأمريكتين لدى شركة «شيرمان آند ستيرلينج»: «مازالت الحاجة إلى الاقتراض قوية والموازنات العمومية قوية بشكل عام».
ويرى كريس جيلفود، رئيس قسم أسواق الأسهم والائتمان لدى سيتي، أن عام 2014 من المتوقع أن يكون عاماً قياسياً آخر فى إصدار السندات رغم أن وتيرة الإصدارات بدأت تتباطأ.
ويقول المحللون، إن الانهيار المفاجئ فى الاقتصاد الصينى – وهو أمر من غير المرجح حدوثه – سيكون له تأثير أكبر على اقتصادات أمريكا الجنوبية التى تعتمد بشكل رئيسى على السلع، والأمر الذى من الأرجح حدوثه هو ارتفاع أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة، ولكن ذلك سيكون له تأثير أقل نسبياً.
ويقول ايلان جولدفاجن، كبير خبراء الاقتصاد لدى البنك البرازيلى» ايتاو يونيبانكو»، رغم أن الصين هى الدولة الأكثر أهمية بالنسبة للمنطقة، أعتقد أن خطر هروب تدفقات رأس المال جراء ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية هو الخطر الأكبر.
ورغم ذلك.. هناك العديد من الأسباب التى تجعل سوق السندات فى أمريكا اللاتينية يتمتع بانطلاقة جيدة العام المقبل- حتى وإن لم تصل إلى المستويات القياسية التى شهدها فى السنوات الأخيرة.
فحتى إذا ارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية مع انتهاء برنامج التيسير الكمي، فسوف يستمر البنك المركزى اليابانى والمركزى الأوروبى فى ضخ السيولة فى المستقبل القريب.
ويقول جوسيه لويس دازا، رئيس قسم الاستثمار لدى «كيو إف آر كابيتا مانيجمنت»، إن هناك أيضا نقصاً هيكلياً عالمياً فى السندات.
كما ستستفيد الصناعات الثقيلة فى المكسيك، ثانى أكبر اقتصاد فى المنطقة، التى تضررت كثيراً من ارتفاع أسعار السلع ونمو الاقتصاد الصينى خلال السنوات العشر الماضية من تغيير هذا الاتجاه، أيضاً ستتمتع المنطقة بشكل عام بإدارة جيدة لسياستها الاقتصادية.