التحسن فى العجز المالى سببه الدعم الخليجى والسياحة السبب فى التباطؤ
القطاع الخاص عاد بقوة النمو.. والصناعة أكبر محركات النمو خلال الفترة الماضية
الوديعة القطرية لن تؤثر على الاحتياطى وقيمة الجنيه ترتفع عالمياً والبطالة تتحسن
توقع بنك الكويت الوطنى، أن يسجل الاقتصاد المصرى نمواً بمعدل %4 خلال العام المالى الحالى، و%4.5 فى العام المالى المقبل.
وقال البنك فى تقرير له أن الاقتصاد المصرى يشهد تعافياً نتيجة التحسن فى المشهد السياسى، بالإضافة إلى الدعم القوى من دول مجلس التعاون الخليجى ومجموعة من المشروعات الاستثمارية الحكومية، لكنه حذر من أن العجز المالى لا يزال يشكّل تحدياً للحكومة ولابد من الالتزام بالإصلاحات المالية لتجنّب حدوث أى أزمة مالية على المدى المتوسط.
واضاف أن القطاع الخاص لعب دوراً أساسياً فى دعم النمو خلال الأشهر الأخيرة، لاسيما القطاع الصناعى الذى سجل أداءً قوياً، مشيراً إلى أن هناك احتمالية أن يضيف القطاع السياحى ـ الذى لا يزال أداؤه ضعيفاً ـ دعماً للاقتصاد خلال الأشهر القادمة بعد التراجع الذى شهده فى العام السابق، فى الوقت الذى استقر فيه الميزان الخارجى لمصر نتيجة الدعم الذى قدمته دول مجلس التعاون الخليجى بالإضافة إلى تحسن الآفاق الاقتصادية.
لكن مصر لا تزال تواجه العديد من التحديات المحتملة أمام تعافى الاقتصاد، أهمها العجز المالى الضخم الذى جاء تحسنه فى السنة المالية 2013-2014 نتيجة المساعدات التى قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي. ولدى السلطات الوقت الكافى لمعالجة تلك المخاطر، خاصة وأن الحكومة قد أعربت عن نيتها مواجهة تلك التحديات.
وقال التقرير إنه على الرغم من تراجع العجز المالى بشكل طفيف خلال الإثنى عشر شهراً المنتهية فى أغسطس 2014، فإنه لا يزال مرتفعاً مشكلاً بذلك تحديا على الآفاق الاقتصادية. وقد بلغ العجز %12.6 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول نهاية شهر أغسطس من العام 2014 متراجعاً من أعلى مستوى له عند %13.6 بحلول نهاية السنة المالية 2012-2013. ولكن هذا التحسن يرجع بشكل كبير إلى الدعم الذى قدمته دول مجلس التعاون الخليجى الذى بلغ 10.6 مليار دولار خلال السنة المالية 2013-2014.
وتحسن النمو الاقتصادى بشكل أكبر خلال الأشهر الأخيرة، حيث تسارع نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى إلى %6.8 على أساس سنوى خلال الربع الثالث من العام 2014، ليرتفع متوسط النمو للسنة المنتهية فى سبتمبر 2014 إلى %3.6. وتؤكد مؤشرات أخرى على ذلك التسارع فى النمو ومنها مؤشر الانتاج لوزارة التخطيط لشهر سبتمبر ومؤشر مديرى المشتريات الذى بلغ 51 نقطة خلال أكتوبر ما يعكس التوسع المقبل فى النشاطات.
شهد القطاع الخاص نمواً أسرع من القطاع الحكومى بشكل عام خلال الربعين الماضيين. فقد تسارع نمو الناتج المحلى الحقيقى للقطاع الخاص إلى %5.9 على أساس سنوى خلال الربع الثانى من العام 2014 مقارنة بـ%0.2 فقط للقطاع العام. وتعتبر صدارة القطاع الخاص فى مسار التعافى الاقتصادى أمراً إيجابياً لكنه قد يفرض بدوره بعض التحديات، خاصة إذا استمر نمو القطاع العام عند مستوياته المنخفضة. ويذكر أن حصة القطاع الخاص من الناتج المحلى الإجمالى كانت قد تراجعت من %63 فى العام 2010 إلى %60 فى العام 2013 قبل أن تعود للارتفاع مجددا.
وشكل إجمالى الاستثمار أيضاً أحد مؤشرات التعافى الاقتصادى، حيث عاود النمو بعد تراجعه المستمر منذ العام 2011. وقد بلغ الاستثمار %20 من الناتج المحلى الإجمالى فى العام 2010 قبل ان يتراجع إلى %13 بحلول العام 2013. واحتل استثمار القطاع الحكومى الصدارة فى العام 2013 قبل أن يتفوق القطاع الخاص عليه حالياً. وسجل إجمالى الاستثمار خلال فترة الاثنى عشر شهراً حتى الربع الثانى من العام 2014 نمواً بواقع %9.7 على أساس سنوى، فى حين نما الاستثمار الخاص وحده بأكثر من %13 على أساس سنوي.
التصنيع يسهم فى قوة النمو
ونوه التقرير بأن قطاع التصنيع كان المحرك الرئيسى للنمو خلال العام الماضى، حيث شهد هذا القطاع الذى يشكل ما يقارب %19 من الناتج المحلى الإجمالى، ويشمل النفط والتكرير، تسارعاً فى النمو إلى %22 خلال الربع الثانى من العام 2014.
لكنه اعتبر القطاع السياحى السبب الرئيسى للتراجع الاقتصادى، فقد تراجعت اعداد السياح بواقع %35 على أساس سنوى خلال السنة المالية 2013-2014، وتراجع عدد الليالى السياحية بواقع %49 على اساس سنوي. وانعكس هذا التراجع بشكل كبير فى قطاع المطاعم والفنادق الذى تقلص بواقع %18 بالأرقام الحقيقية على أساس سنوى خلال الربع الثانى من العام 2014. لكن هذه الأرقام قد بدأت بالتعافى مؤخراً ولكن بشكل طفيف.
كما أسهم قطاع النفط والغاز بتراجع النمو الاقتصادى العام حيث تراجع بواقع %9 على أساس سنوى خلال الربع الثانى من العام 2014.
معدل البطالة يتراجع لكنه لن يستعيد مستويات ما قبل 2011 قريباً.
وقال التقرير إن معدلات البطالة شهدت تحسناً ولكن بوتيرة بطيئة. وبنهاية الربع الثانى من العام 2014، تراجع معدل البطالة للمرة الأولى منذ عامين ليصل إلى %13.3. فقد ارتفع عدد الوظائف خلال السنة المالية 2013-2014 بواقع 328 ألف وظيفةـ أى أكثر من السنة المالية 2012-2013 بواقع 3.5 مرات. وعلى الرغم من هذا التحسن، يستبعد أن يصل معدل البطالة إلى مستوى %8.9 الذى بلغه العام 2011.
نمو الائتمان يستعيد قوته
وقد كان أيضا لنمو الائتمان أثره فى تعافى النشاط الاقتصادي. فقد ارتفعت المطالب على القطاع الخاص بواقع %10.3 على أساس سنوى خلال شهر سبتمبر مقارنة بـ%5.5 فى وقت سابق هذا العام. ولا يزال التعافى فى نشاط الشركات معتدلاً، حيث إن معظم النمو قد جاء من القروض الشخصية، فيما سجل الائتمان الممنوح للشركات نموا عند %6.8 على أساس سنوى.
تدنى عوائد السندات بالدولار ومخاطر العجز عن سداد
أضاف التقرير ان تراجع المخاطر للاقتصاد المصرى ظهر من خلال استمرار انخفاض العوائد على الديون السيادية. فقد تراجعت العوائد على الديون السيادية بالدولار الأمريكى المستحقة فى الفترة 2020 و2040 إلى أقل مستوى لها منذ العام 2010 لتصل إلى %4.3 و%6.8 على التوالي. كما تراجعت أيضاً تكلفة التأمين على الديون لأقل مستوى لها منذ ثلاث سنوات لتصل إلى 266 نقطة أساس خلال نوفمبر.
استقرار الاحتياطيات الرسمية ودعمها للجنيه المصري
وقال التقرير إن الاحتياطيات الرسمية لدى البنك المركزى شهدت استقرارا خلال العام الماضى، حيث بلغت 16.9 مليار دولار فى أكتوبر، أو 3.5 شهر من الواردات. وجاء تراجع الضغوطات على الاحتياطيات نتيجة شهر عوامل كالدعم الرسمى وضبط المصاريف الرأسمالية وتراجع قيمة الجنيه. ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بتسديد ما يقارب 2.5 مليار دولار من الإيداعات القطرية. ولكن يستبعد أن يوّلد ذلك أى ضغوطات على الاحتياطات نتيجة تعهد دول مجلس التعاون الخليجى بمنح ايداعات إضافية.
أضاف أن الجنيه المصرى شهد ارتفاعاً خلال الأشهر الأخيرة نتيجة قوة الدولار الأمريكى وبينما لم تشهد العملة تغيراً أمام الدولار عند 7.15 منذ شهر مايو، لكنها شهدت ارتفاعاً أمام عملات أخرى. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع القيمة الوزنية للجنيه المصرى كما هو محسوب فى المؤشر المصرى من قبل «جى بى مورجان». ومن المفترض أن تسهم قوة الجنيه فى الحفاظ على معدل التضخم، لكنها قد تؤثر سلباً على الصادرات والسياحة. فى الوقت نفسه، استقرت قيمة الجنيه فى السوق السوداء، حيث يقوم المشترون بدفع علاوة تصل إلى %4.8.
البورصة المصرية تحافظ على قوة أدائها
وقال بنك الكويت الوطنى، إن مؤشر البورصة وصل إلى أكثر من ضعف قيمته مقارنة بمستواه فى يونيو من العام 2013. وسجل المؤشر زيادة بواقع %40 منذ بداية العام 2014 وحتى شهر أكتوبر الماضي. وبالنسبة للاستثمار بالدولار، فقد شهدت أسعار الأسهم زيادة قوية عند %36 خلال هذه الفترة. وكان أداء بورصة مصر من بين الأفضل إقليمياً نتيجة تحسن التوقعات بشأن استقرار المشهد السياسى وتعافى الاقتصاد. وشهد السوق تراجعاً بواقع %12 خلال أكتوبر ليستعيد بعد ذلك قوته محققاً قفزة فى الأداء جعلته فى مصاف الأسواق الإقليمية والعالمية.