القارة تنتظر انقلابات عسكرية جديدة جراء زيادة نفقات التسليح
تعنى كلمة «بوكو» فى اللغة النيجيرية المحلية «حكومة» ولأن الجماعة المسلحة تعتبر التعامل مع حكومة لا تطبق الشريعة الاسلامية بأى طريقة محرماً بحسب اعتقادها أطلقت أكبر الجماعات المسلحة هناك على نفسها اسم بوكو حرام أى الحكومة حرام فلا يتم التعامل معها.
وأمام جماعة تسعى لإقامة مهد الخلافة فى أفريقيا على أراضيها لم تجد حكومة لاجوس بداً من المواجهة المسلحة معتمدة على جيشها أحد أكبر الجيوش فى القارة، لكن صعوبة مواجهة رافعى راية الجهاد بالقارة السمراء الجدد تعود لترسانته القديمة والقوات التى لم تتلق تدريباً جيداً ولذلك تم تخصيص مليار دولار على الطائرات الجديدة والتدريبات.
ولكن النقاد شككوا فيما إذا كان الكثير من هذا المبلغ سوف ينفق فعلاً فيما خصص له، ناهيك عن كم من هذا المبلغ ستتم سرقته من قبل الجنرالات الفاسدين، وعمّ إذا كان من المعقول وضع هذه القوة العسكرية الكبيرة بيد المتورطين بارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان، ويتردد صدى هذه الأسئلة عبر أفريقيا.
وأفاد تقرير معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام بأن الإنفاق العسكرى إزداد العام الماضى فى المنطقة بنسبة %8.3، أى أنه ارتفع بوتيرة أسرع من مناطق أخرى فى العالم، وزادت اثنتان من بين ثلاث دول أفريقية الإنفاق العسكرى على نحو مستدام خلال العقد الماضي، ورفعت المنطقة بأكملها النفقات العسكرية بنسبة %65 بعد أن كان الإنفاق ثابتاً دون تغيير خلال الخمسة عشر عاماً الماضية.
وأوضحت مجلة «الإيكونومست» فى تقرير لها أن ميزانية الدفاع فى أنجولا ازدادت بما يزيد على الثلث فى عام 2013، لتصل إلى 6 مليارات دولار لتتجاوز بذلك جنوب أفريقيا كأكبر دولة فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء من حيث الإنفاق العسكري، ومن بين الدول الافريقية الأخرى التى تمتلك موازنات دفاعية مرتفعة جداً بوركينا فاسو وغانا وناميبيا وتانزانيا وزامبيا وزيمبابوي، وأكبر دولة فى القارة من حيث الإنفاق العسكرى الجزائر، حيث تبلغ موازنة الدفاع بها 10 مليارات دولار.
وتختلف أسباب قيام الحكومات الأفريقية بزيادة الإنفاق على التسلح، حيث ملأت الأسلحة عالية التكلفة مخازن العديد من الدول الأفريقية على مدار السنوات العشر الماضية، فبعض القادة سعوا إلى شراء الأسلحة باهظة الثمن لاكتساب النفوذ، ويُشتبه أن البعض يضخم قيمة الصفقات لتحويل الأموال إلى أنفسهم.
ولكن التهديدات الأمنية الحقيقة هى التى حثت بعض الدول على زيادة الإنفاق العسكري، حيث تواجه منطقة الساحل وأجزاء من شرق أفريقيا مجموعة من الجهاديين المتطرفين، كما شهدت البلدان الساحلية ارتفاعاً هائلاً فى عمليات القرصنة، كما زادت اكتشافات البترول والغاز من الحاجة إلى وجود الأمن البحري، فضلاً عن المزيد من المخاطر التقليلدية- داخلياً وخارجياً، التى توجد دائماً فى بلدان مثل جنوب السودان، حيث تقاتل الحكومة المتمردين وفى الوقت ذاته تواجه عداء جارتها الشمالية.
ويلعب الطموح الصناعى دوراً أيضاً فى زيادة النفقات العسكرية فى القارة الأفريقية، حيث يأمل عدد من البلدان فى تعزيز صناعة الأسلحة الدفاعية داخليا، فعلى سبيل المثال، تخطط أنجولا لبناء سفن حربية وتصنع نيجيريا والسودان الذخيرة، كما أقامت أربع شركات أوروبية لتصنيع الأسلحة فروعاً لها فى أفريقيا العام الحالي.
وتنطوى تلك التطورات العسكرية فى المنطقة على العديد من المخاطر، فربما يسيء الضباط الطموحون تفسير القوة الجديدة سياسيًا ويميلون لاستخدامها فى الاستيلاء على السلطة عبر انقلابات عسكرية دموية، كما فعل العديد من قبل، وقد تقع الأسلحة فى الأيدى الخطأ، مثلما أشعلت مجموعة كبيرة من الأسلحة الليبية الصراعات عبر أفريقيا بدءاً من مالى إلى جمهورية أفريقيا الوسطى منذ سقوط معمر القذافى.
وربما تحول تلك التغييرات الهيكلية فى الجيوش الأفريقية أنواع الحروب التى قد تنشب فى المنطقة، فمنذ حروب العصابات المناهضة للاستعمار فى القرن الماضي، كانت غالبية الصراعات الأفريقية داخلية، ومع ذلك، كانت قلة من تلك النزاعات بين الدول الأفريقية قادرة على إشعال الحروب، ولكن تراكم جيوش أقوى يحمل فى طياته خطراً كبيراً.