طالب تقرير أكاديمي من العمال في الصين والبالغ عددهم 769 مليون عامل أن يتوقفوا عن العمل الكثير، لأنه ضار على الصحة ويؤثر سلبًا على نمو الاقتصاد الصيني، وذلك بحسب تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وقال “وانج تشي” الباحث في “بكين نورمال يونيفرزتي”: إنه لطالما استفاد الاقتصاد الصيني الذي يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم من العمل الدؤوب لعمال المصانع من حقائب اليد حتى الهواتف الذكية، مع ميل الكادحين من ذوي الياقات البيضاء إلى الحصول على وجبة الغذاء داخل مكاتبهم للوفاء بالتزامات العمل.
ويقدر السيد “تشي” أن متوسط عدد ساعات العامل الصيني يتراوح بين 2000 إلى 2200 ساعة سنوياً بناءً على بيانات مكتب الإحصاءات الوطني، في الوقت الذي يصل فيه المتوسط العالمي لساعات العمل نحو 1770 ساعة، وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي يقع مقرها في باريس.
ويعتقد بعض الاقتصاديين أنه بالرغم من أن العمل الكثير للصينيين أمر يستحق الثناء، إلا أنه حان الوقت لتقليص عدد ساعات العمل في ثاني أكبر اقتصاد عالمي، حيث إن هذا التخفيض سوف يساعد العمال على الراحة بشكل أكبر، ما سيزيد من الإبداعية في العمل، كما أنه سيحفز الاستهلاك مع توافر ساعات أكثر للتسوق، وهو هدف رئيسي للحكومة الصينية.
وأوضح الأستاذ في “بكين نورمال يونيفرزتي” “لاي ده شنغ”، أن العمل لساعات طويلة لم يعد في صالح الاقتصاد الصيني في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أنه بالرغم من كونه السر وراء المعجزة الصينية، إلا أنه أسفر عن العديد من المشاكل أيضًا، مع زيادة وتيرة إصابات العمل، والتي تميل للارتفاع في حال تعرض العمال للإرهاق.
وقال “لاي”: إن العمل لساعات أقل سيساعد على زيادة الإبداع، مع امتلاك العمال لوقت كاف لرفع قدراتهم، واكتشاف أفكار جديدة، كما سيساعد على زيادة التوظيف، مع تركيز أصحاب الأعمال على تشغيل مزيد من العمال.
ويميل المهاجرون إلى العمل بشكل أكثر من المعتاد، وهو ما أوضحته بيانات مكتب الإحصاءات الوطني التي رصدت متوسط عدد ساعات عمل المهاجرين في عام 2013 بلغ 8.8 ساعة يوميًا، كما أن 85% منهم يعملون أكثر من 44 ساعة أسبوعياً.
وكشفت بيانات رسمية أن المهاجرين حصلوا على متوسط دخل شهري بلغ 2609 يوانات صينية (424 دولاراً أمريكياً) في العام الماضي، بنسبة ارتفاع بلغت 14% مقارنة بالعام السابق له.
في حين كشفت الدراسة أن قطاعات أخرى تعتبر الأكثر عملًا في البلاد، حيث يبلغ متوسط عدد ساعات العاملين في المستشفيات والمطاعم نحو 51.4 ساعة في الأسبوع، وهو المعدل الأعلى بين كل الصناعات في البلاد.
وأضاف “وانج” أن المشكلة تكمن في أن الأجور منخفضة للغاية في الصين، وبالتالي يضطر العمال للعمل ساعات إضافية لتوفير الاحتياجات الضرورية لأسرهم، مشيرًا إلى أن معظم العمال سوف يعانون لتوفير مصروفاتهم اليومية فحسب في حال قاموا بالعمل لثماني ساعات يوميًا.
وفي حين أعلن واضعو السياسة المالية في الصين أنهم يستهدفون دعم إعادة هيكلة الاقتصاد بزيادة الاستهلاك، وتقليص الاعتماد على الصادرات والاستثمارات، إلا أن الباحث في الدراسة يشير إلى أن هذه الأهداف لن تتحقق إلا بزيادة الأجور، قائلًا: “إذا لم يكن العمال قادرين على تغطية نفقاتهم إلا بالعمل لساعات طويلة، فكيف نتوقع منهم أن ينفقوا على الاستهلاك”.