كان 2014 عامًا عنيفًا فيما يخص أسعار النفط ، حيث فقد خام برنت القياسي نحو 50% من قيمته منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، بسبب تراجع الطلب العالمي وارتفاع المعروض.
وأشار تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” إلى أن تخمة المعروض النفطي من المنتجين في الشرق مثل روسيا، السعودية، ومنتجي الغرب وعلى رأسه النفط الصخري في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، والرمال النفطية في ألبرتا الكندية كان له تأثيرًا ملحوظًا على العملات والاقتصادات العالمية.
ورفضت منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” خلال اجتماعها الأخير في فيينا خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تخفيض الانتاج، وهو ما نظر إليه البعض على أنه تحدي للنفط الصخري الأمريكي، وصراع على الحصص السوقية.
وتراجع سعر النفط لأدنى مستوى في أكثر من 5 أعوام، بعد أن هبط خام برنت من مستوى 115 دولاراً في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى مادون 57 دولار للبرميل في الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري، ما دفع فرق أبحاث أسعار السلع في بيوت الاستثمار والبنوك إلى المسارعة لمراجعة توقعاتهم بشأن أسعار النفط في عام 2015، وتأثيره المحتمل على اقتصاديات العالم.
وتباينت توقعات الأبحاث بشأن أسعار النفط المحتملة في العام الجديد، حيث طالب “إتش إس بي سي” المستثمرين بالاستعداد لوصول سعر خام برنت لمستوى 95 دولارًا للبرميل بنهاية عام 2015، في حين أشار “مورجان ستانلي” إلى أن أسوأ سيناريو يشير إلى وصول سعر الخام لمستوى 43 دولارًا للبرميل في العام الجديد، إلا أن التوقعات الأساسية تصل لمستوى 70 دولارًا.
طفرة النفط الأمريكية
كان للارتفاع الكبير في الانتاج الأمريكي من النفط الصخري تأثيره الملحوظ على تهاوى أسعار الخام خلال عام 2014، حيث دفع هذا الصعود في الانتاج الأمريكي الدول الأعضاء في منظمة “أوبك” إلى قرار عدم تخفيض انتاجها من الخام، لوضع ضغوط على المنتجين الأمريكيين.
ويظل التساؤل بشأن قدرة منتجي النفط الصخري الأمريكي على تحدي التراجع في الأسعار خلال عام 2015، وتحدي الحصة السوقية لأعضاء “أوبك” أمر خلافي رئيسي خلال الفترة الحالية.
وترى “ميلاني ديبونو” المحللة لدى “كابيتال إيكونمكس” عبر مذكرة بحثية أن أسعار النفط وصلت بالفعل لنقطة الخطر بالنسبة لمنتجي النفط الصخري الأمريكي، وهو ما يشير لضرورة تقليص تكلفة الصناعة لتتوازن مع الهبوط الحالي في أسعار الخام.
وأضافت أنه في حال تواصل فترة التراجع في أسعار الخام، فإن هذا سيؤدي إلى تقليص كبير في انتاج الشركات الأمريكية والكندية للنفط، حيث أعلنت بالفعل شركة “كونوكو فيليبس” العاملة في مجال النفط الصخري الأمريكي عن تأجيل استثمارات كبيرة في السوقين الأمريكي والكندي بسبب انخفاض العائد المتوقع.
وأشار “ابهيشيك ديشباندي”، محلل النفط والغاز الطبيعي لدى “ناتيكسيس” إلى أن استمرار أسعار النفط أدنى مستوى 64 دولارًا للبرميل لفترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر على الأقل سيؤدي إلى زيادة معدل التراجع في عمليات التنقيب النفطي بالولايات المتحدة، مؤكدة في الوقت ذاته أن تأثير هذا الأمر على الانتاج سيظهر في عام 2016.
ما هي خطوة “أوبك” القادمة؟
يترقب العالم الخطوة المقبلة لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” والتي تتحكم في نحو 40% من انتاج العالم من انتاج خام النفط، بحسب احصائيات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وفي حين تمتلك بعض دول المنظمة مثل السعودية القدرة على التكيف مع أسعار النفط المنخفضة، إلا أن أعضاء أخرين مثل فنزويلا على وشك التعرض لانهيار اقتصادي.
ويعتقد محلل النفط في “ناتيكسيس” أن السعودية “ليست على عجل” بشأن تخفيض انتاج النفط، مشيرًا إلى أن المملكة سوف تستمر لأطول فترة ممكنة في قرارها بتثبيت الانتاج للمحافظة على حصتها السوقية.
وأشار إلى أن السوق سيشهد زيادة في المعروض خلال عام 2015، كما سيشهد الربعين الأول والثاني من العام تراجعًا في الطلب، وهو ما سيشكل مزيداً من الضغط على سعر خام برنت القياسي، في حال لم تنتهج “أوبك” سياسية تخفيض الانتاج.
وكالات