الشروط البيئية لاستخدام الفحم أكثر صرامة من الاتحاد الأوروبى
%50 من استهلاك الأسمنت فى مصر يستخدم فى البناء العشوائى
استيفانوس: 44 مليون طن حجم الإنتاج الفعلى.. و51 مليوناً إجمالى الاستهلاك 2014
إقرار قوانين الاستثمار والمناطق الحرة والعمل ضرورى قبل القمة الاقتصادية
قال مدحت استيفانوس، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن صناعة الأسمنت لا تحتاج إلى طرح رخص جديدة من الدولة لإقامة مزيد من التوسعات فى الوقت الحالى.
وأضاف استيفانوس فى حوار لـ«البورصة»، أن الشركات العاملة بالسوق تستطيع تغطية الاستهلاك المحلى حالياً الذى يقدر بنحو 51 مليون طن سنوياً خلال العامين الماضيين.
أكد: «لا حاجة لطرح رخص جديدة فى هذا الوقت، لكن يمكن إعادة النظر فى طرح رخص جديدة خلال عام 2020».
كانت وزارة الاستثمار قد أعلنت عن دراسة لطرح رخص جديدة للحديد والأسمنت لسد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج المحلى.
قال استيفانوس إن السعى وراء إنشاء مصانع أسمنت جديدة بغرض توفير فرص عمل هو توجه خاطئ، نظراً لأن مصنع الأسمنت لايوفر فرص عمل جديدة، وإنما فرص العمل تتوافر وفقاً لما تنتجه المصانع من استخدامات مختلفة فى العديد من القطاعات، مشيراً إلى أن صناعة الأسمنت لا قيمة لها فى أى إنتاج إذا لم يستهلك.
وأشار إلى أن الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت العاملة بالسوق المحلى وعددها 24 شركة تقدر بنحو 80 مليون طن، إلا أن حجم الإنتاج لم يتجاوز 44 مليون طن فى 2014 بسبب أزمة الطاقة وتوقف ضخ الغاز لمصانع الأسمنت.
وأشار إلى أن سد الفجوة بين حجم الاستهلاك والإنتاج تم من خلال استيراد أكثر من 7 ملايين طن العام الماضى معظمها من تركيا.
كانت الشركة القابضة للغازات «إيجاس» أخطرت مصانع الأسمنت بخفض إمدادات الغاز للمصانع إلى %50 خلال العام الماضى بسبب نقص إمدادات الطاقة، ثم قامت بوقف الغاز نهائياً الأسبوع الماضى.
وعلق استيفانوس على قرار الشركة القابضة للغازات «إيجاس» بوقف ضخ الغاز لمصانع الأسمنت نهائياً وتعويضها بالمازوت، نظراً لانخفاض إنتاج الغاز بأن الشركات سوف تضطر إلى التعامل مع الموقف، خاصة أنها الطرف الأضعف فى المعادلة.
وكان مصدر بشركة «إيجاس» كشف عن التوجه لزيادة الواردات من المازوت، لتحقيق الاستفادة من انخفاض الأسعار عالمياً، ما يوفر كثيراً من فاتورة دعم الوقود.
وعن الشروط التى وضعتها وزارة البيئة لمصانع الأسمنت لإتاحة استخدام الفحم فى مصانع الأسمنت كمصدر بديل للطاقة، تتسم بالانضباط وتعد أكثر صرامة من القواعد المتبعة فى الاتحاد الأوروبى.
ولفت إلى أن شركات ومصانع الأسمنت لا يمكنها التهرب من الشروط التى أعدتها وزارة البيئة لاستخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة.
أوضحت وزارة البيئة فى المسودة النهائية، أن المعايير والاشتراطات تستهدف إجراء دراسات تقييم الأثر البيئى فى كل مراحل استيراد وتداول ونقل وتخزين واستخدام الفحم، وانتهاج أحدث التكنولوجيات لتقليل الانبعاثات والأثار السلبية على البيئة إلى أقل درجة ممكنة طبقاً للمعايير والاشتراطات الأوروبية وإجراء دراسة تقييم مخاطر لموانئ وأرصفة استقبال الفحم بصفته وقوداً صلباً قابلاً للاشتعال والحصول على موافقة وزارة الصحة على دراسة المخاطر الصحية وإجراءات الوقاية منها، واتخاذ إجراءات فرض ضريبة على مستخدمى الفحم أسوة بما معمول به دولياً.
أشار استيفانوس، إلى أن الفحم عند وصوله إلى صناعة الأسمنت يعد جزءاً من العملية الإنتاجية كمادة خام مولدة للحرارة، ولذلك يجب أن يتوافق كيمائياً مع المواد الأخرى المستخدمة فى الصناعة.
قال إن ألمانيا تعتمد على الفحم فى إنتاج %40 من الطاقة الكهربائية، ولا يمثل ذلك أى أضرار بيئية تذكر.
أضاف أن متوسط الكميات التى يمكن أن تحتاجها المصانع من الفحم يقل عن 7 ملايين طن سنوياً، مشيراً أن كل 10 أطنان نستوردها من الأسمنت يمكن أن استبدلها بنفس الكمية من الفحم، خاصة أن فى 2015 لا يتوافر غاز لتشغيل المصانع.
أشار إلى أن المقارنة لم تعد بين الفحم والغاز، وإنما أصبحت بين الفحم والمازوت.
قال إن الدول أقرت مراجعة استخدام الفحم عام 2040، والشركات المصرية فى 2030، إلا انهم بدأوا بالفعل فى البحث عن أساليب تقليل استخدام الفحم فى خليط الطاقة، والبحث عن بدائل سواء من المخلفات الصلبة أو السائلة.
وأكد أن تلك الخطوة تحتاج إلى دعم من الحكومة من خلال وضع منظومة لإدارة المخلفات حتى تستطيع الصناعة والحكومة الاستفادة منها كبدائل لإنتاج الطاقة.
أشار إلى أن المخلفات تعد مادة خام لإنتاج بدائل للطاقة تحتاج لمعاجلة حتى تصبح بديلاً للطاقة، مؤكداً أن نسبة التوفير فى استهلاك الفحم كوقود صلب فى الصناعة يمكن أن تصل إلى %30.
أضاف أن استخدام المخلفات كبدائل للطاقة يتوقف على إدارة الدولة لمنظومة المخلفات وكيفية الاستفادة منها.
وفيما يتعلق بمطالب نقل المصانع من المناطق السكنية بسبب تلويثها للبيئة قال استفانوس، إن شركة «تيتان» للأسمنت حصلت على جائزة أفضل مصنع أسمنت ضمن أفضل 5 مصانع على مستوى الجمهورية بيئياً.
كانت بعض التيارات المدنية والنشطاء البيئيين استعانوا بوسائل الإعلام للمطالبة بنقل مصانع الأسمنت من الحيز السكانى إلى المناطق الصحراوية بسبب اضرارها بالبيئة، نتيجة الانبعاثات الضارة.
أوضح استيفانوس، أن نقص المحروقات من أهم المعوقات التى واجهت صناعة الأسمنت خلال 2014، بالإضافة إلى ارتفاع التكلفة الإنتاجية التى أصبحت غير مجدية على الإطلاق.
وعن أسباب ارتفاع التكلفة الإنتاجية لمصانع الأسمنت، بسبب زيادة أسعار الكهرباء والمحروقات والمرتبات، أشار إلى أن تكلفة الطاقة الإنتاجية لطن الأسمنت تمثل من 40 إلى %50.
أوضح أن أزمة الدولار أثرت فى عدم قدرة المصانع على فتح ائتمانات جديدة بسهولة أو شراء قطع الغيار ومستلزمات الإنتاج، مشيراً إلى استيراد 7 ملايين طن كلينكر لسد الفجوة بين الطلب والإنتاج خلال عام 2014.
أكد استيفانوس أن صناعة الأسمنت تسهم بشكل مباشرة فى الدخل القومى بنسبة %2.5 وبدون وجودها نفقد %24 من الناتج القومى الإجمالى، باعتبارها الصناعة الأساسية فى سوق العقارات والتشييد.
قال استيفانوس إن %50 من استهلاك الأسمنت فى السوق المصرى غير خاضع لأى رقابة من الدولة، خاصة أنه يستخدم فى بناء العشوائيات.
أوضح أن المصانع يمكنها أن تورد جميع احتياجات المشروعات القومية التى دعت إليها الدولة كمشروع محور قناة السويس ومشروع المليون وحدة سكنية، فى حال تحديدها والمدة الزمنية لهذه المشروعات.
وفى سياق آخر قال، إن شرط نجاح مؤتمر القمة الاقتصادية فى مارس المقبل يتوقف على الإعداد الجيد، على أن تعد الحكومة أجندة واضحة بما تحتاجه من المؤتمر، مشيراً إلى أن نجاح المؤتمر يعد بمثابة الإعلان عن نتائج حقيقية وليست لقاءات نقاشية، حيث يعد المؤتمر بمثابة تتويج لعملية تسويق الفرص الاستثمارية فى مصر.
أوضح أن الحكومة استعدت بشكل جيد للمؤتمر الاقتصادى، وهو ما بدا واضحاً من خلال الزيارات للرئيس السيسى إلى روسيا وإيطاليا والكويت وفرنسا واليونان، بالإضافة إلى وفد من رجال الأعمال الإنجليز الذى زار مصر لبحث فرص الاستثمار، مؤكداً على إقبال المستثمرين على الفرص المتاحة بمصر.
وشدد على ضرورة تعديل منظومة التشريعات فى السوق المحلى قبل انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية.
أضاف أن منظومة التشريعات الحالية تعانى من تضارب واضح ودور اللجنة التشريعية التى شُكلت بقرار من رئيس الجمهورية، هو إنهاء هذه الحالة، خاصة أن الدستور يسمح بإصدار قوانين فى ظل عدم وجود برلمان، إلى أن يشكل البرلمان ويراجع تلك القوانين أو يقرها.
طالب استيفانوس، بإقرار قوانين الصناعة والاستثمار الموحد والعمل ، بالإضافة إلى أن قوانين المناطق الحرة وهيئة سوق المال والبورصة تحتاج إلى تحديث وإعادة نظر برؤية جديدة لتحويل النشاط من المضاربة إلى الاستثمار، وتمويل المشروعات لرفع العبء عن البنوك وتخفيض الفائدة التى تمثل حمل على المستثمر، وضرورة إقرار قوانين تختص بتشجيع الاستثمار.
أضاف أن مصر لديها جاذبية خاصة فى الاستثمار، إلا أن الحكومات على مر السنين لم تستغلها جيداً، خاصة أن جذب الاستثمار لا يتوقف على الحوافز التى تقدمها الدولة فقط، ولكن الأهم لرجال الأعمال المنظومة أو البيئة القانونية، لأن المستثمر لا يبحث عن المكاسب فقط بقدر ما يحتاج معرفة حجم المخاطر وكيفية الخروج منها، وكيف تدرس الحكومة هذه المخاطر، مشيراً إلى أن العديد من المستثمرين يعملون وفقاً لقاعدة «مخاطر أقل ومكسب أقل، أفضل من مكسب أعلى ومخاطر أكبر»، خاصة أن تغيير الحكومات خلال الفترة الماضية أثر على العديد من الاستثمارات.