إعداد: سعيد عباس جمعة
خبير مصرفى
تتميز البنوك الإسلامية بتعدد طرق وأساليب التمويل، بحيث يمكن لأى عميل سواء كان فرداً أو شركة أن يجد من صيغ التمويل ما يناسبه للوفاء باحتياجاته التمويلية، حيث يقوم البنك باختيار طريقة التمويل المناسبة بعد إجراء الدراسة الائتمانية للمشروع ومن أهم هذه الصيغ، تأتى صيغة التمويل بالمشاركة بأنواعها المختلفة.
يعد التمويل بالمشاركة من أهم صيغ التمويل فى البنوك الاسلامية، لأنه يناسب طبيعة النشاط الاقتصادى بصوره المختلفة، حيث تقوم عملية المشاركة على أساس قيام البنك، بإتاحة التمويل اللازم للمشروع، بناءً على طلب العميل، دون اشتراط فائدة ثابتة كما هو الحال فى القروض النقدية، ويشارك البنك العميل فى الناتج المتوقع من المشروع بنسبة مئوية (ربحاً كان أو خسارة)، ما يمثل تطبيقاً عملياً للقاعدة الشرعية «الغنم بالغرم»، ما يعنى أن البنك فى هذه الحالة يعد شريكاً فى نتائج أعمال المشروع من ربح أو خسارة، وليس مقرضاً أو دائناً يتقاضى الفائدة، بصرف النظر عن نتائج أعمال المشروع، وهذا هو جوهر صيغ التمويل الاسلامى، وأهم ما يميزها عن طرق التمويل التقليدية، التى تهدف فقط للحصول على فائدة رأس المال، دون النظر إلى تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد أو إنتاج سلعة أو خدمة.
وفيما يتعلق بالضوابط الشرعية للتمويل بالمشاركة، فإنه بناءً على ما قرره مؤتمر البنوك الإسلامية الذى عقد بدبى مؤخراً، فإن هناك 5 ضوابط، تتضمن ضرورة أن يكون النشاط الذى يتم تمويله حلالاً، وأن يتم توزيع الربح بين الشركاء وفق نسبة رأسمال كل منهم فى المشاركة، وكذلك فى حالة الخسارة، وفى حالة قيام أحد الشركاء بإدارة الشركة، يتم تخصيص نسبة من صافى الربح يتم الاتفاق عليها مقابل إدارته وعمله، على أن يتم توزيع باقى الربح بعد ذلك كل حسب حصته فى رأس المال، وأن يكون رأس المال فى صورة عملات نقدية، واذا كانت هناك حصة عينية يتم تقويمها نقداً، ولا يشترط تساوى حصص رأس المال للشركاء.
أما إجراءات التمويل بالمشاركة بالبنوك الاسلامية، فتشمل أن يتقدم العميل للبنك بطلب تمويل بنظام المشاركة لمشروع محدد على أن يرفق بالطلب دراسة الجدوى للمشروع التى يحدد فيها نوع العملية المطلوب تمويلها، وتكلفتها، وإيراداتها المتوقعة منها، وأن يقوم البنك بتقييم دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع، وعمل الدراسات الائتمانية اللازمة وفى حالة الموافقة عليه يتم توقيع عقد المشاركة، ويقوم العميل بسداد حصته فيها وكذلك البنك، ويتم وضع هذه المبالغ فى حساب مستقل بالبنك للانفاق على المشروع منه، على أن يقوم العميل بإدارة المشروع وفقاً للخطة التى أقرتها دراسة الجدوى للمشروع، على أن تدخل جميع ايرادات المشروع فى حساب المشاركة بالبنك، حتى يسهل تحديد نتائج أعمال المشروع فى نهاية عملية المشاركة، وتوزيع الارباح أو الخسائر، حسب النسب المحددة فى عقد المشاركة.
جدير بالذكر أن صيغة المشاركة، يستفاد منها فى كافة قطاعات النشاط المختلفة سواء كان صناعياً أو زراعياً أو تجارياً أو عقارياً أو خدمياً. وتتعدد أنواع المشاركات، وفقاً لمجال الاستخدام، ونوع النشاط، وتأخذ عدة صور، منها المشاركة الثابتة، وهى المشاركة التى تظل حصص رأس المال فيها ثابتة حتى نهاية مدة عملية المشاركة، أو المشاركة المتناقصة المنتهية بالتملك، ومن خلالها يتم تحديد نصيب كل من البنك والعميل فى صورة حصص أو أسهم ذات قيمة معينة، يمثل مجموعها قيمة رأسمال المشروع أو العملية، ويمكن للعميل بالاتفاق مع البنك، أن يقوم بشراء جزء من أسهم البنك سنوياً، بحيث تتناقص حصة البنك فى رأس المال بمقدار ما يزيد به حصة العميل، بحيث يمتلك العميل كامل الأسهم الخاصة بالمشروع فى نهاية المدة أو العملية.
أما المشاركة المتغيرة، فتحتاج الكثير من الشركات إلى سيولة نقدية لتوفير مصروفاتها الجارية مثل مستلزمات التشغيل ودفع مرتبات العاملين فى دورة الإنتاج الأولى، وتستخدم البنوك الإسلامية المشاركة المتغيرة كأحد الأساليب المستخدمة لتمويل رأس المال العامل، وفى نهاية العام يتم تحديد الأرباح الفعلية وتحديد نصيب المشاركة المتغيرة من هذه الأرباح حسب المدة التى استفاد بها المشروع.