يتسلم الرئيس عبد الفتاح السيسى بعد غد /السبت/ رئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة حول تغير المناخ من الرئيس التنزانى جاكايا كيكويتي، وذلك خلال أعمال القمة الـ24 للاتحاد الأفريقى، والتى تنطلق غدا /الجمعة/ بأديس أبابا.
وتتولى مصر خلال فترة رئاستها للجنة، التى تعد الأهم فى إطار الاتحاد الأفريقى، تنسيق الموقف الأفريقى وقيادته على المستوى الدولى فى المؤتمر الدولى الخاص بالدول الأطراف باتفاقية تغير المناخ المقررة فى باريس هذا العام.
وكان الرئيس السيسي قد اكد فى كلمته التى ألقاها خلال فعاليات قمة المناخ نيابة عن المجموعة العربية “إن التكيف مع تغيير المناخ يمثل أولوية قصوى، مشددا على ضرورة تكاتف الجهود لخفض ظاهرة الاحتباس الحرارى، مشيرا إلى المسئولية المشتركة مع تباين القدرات المتفاوتة والالتزام بالمسئولية التاريخية وحق الدول العربية فى تحقيق التنمية، مشددا على أنه لابد من التوجه إلى الطاقة المتجددة حتى نخرج من أزمة الطاقة التى تواجهها دولنا فى المنطقة”.
ووجه الدعوة لدول العالم للتحول نحو أنماط جديدة للتنمية، والاستهلاك الرشيد، ونظم الانتاج المستدامة التي من شأنها التخفيف من الآثار الناتجة عنه، لافتا إلى أن المنطقة العربية من المناطق الجافة والقاحلة الأكثر تعرضا لآثار تغير المناخ وعلى رأسها التصحر.
ويعد نقل رئاسة اللجنة الأفريقية المعنية بتغير المناخ إلى مصر خطوة مهمة تسمح لها بالتحدث بصوت الدول الإفريقية وتعمل على تنسيق الموقف الأفريقي فيما يخص الاتفاقية الجديدة للتغيرات المناخية، والمقرر توقيعها في نوفمبر القادم بالعاصمة الفرنسية باريس.
وتنتهج مصر نهج الدول النامية في التفاوض بشأن أهم قضايا التغيرات المناخية من خلال المحافل الدولية، كما أن موقع مصر الريادي على المستوى الإقليمي – العربي والأفريقي يجعلها ذات دور بارز في التمثيل في المجموعات الإقليمية طبقا لتقسيم الأمم المتحدة، فمصر عضو في مجموعة 77 والصين، والمجموعة الأفريقية، ومجموعة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك).
ولا تدخر مصر جهدا للمساهمة فى الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة التغير المناخى، التى باتت صداع فى رأس العالم بأسره، حيث قامت مصر بالتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية وإصدار قانون البيئة رقم 4 فى عام 1994، وشاركت ولا تزال في كافة المؤتمرات وحلقات العمل الدولية المتعلقة بالتغيرات المناخية لتجنب فرض أي إلتزامات دولية على الدول النامية، ومنها مصر، كما بالتصديق على بروتوكول كيوتو وتشكيل اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة عام 2005، والتي تشتمل على المكتب المصري والمجلس المصري لآلية التنمية النظيفة.
وأكدت مصر عقب ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 على أهمية مواجهة ظاهرة التغير المناخى لحماية كوكب الأرض وضرورة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النظيفة من أجل مصلحة الأجيال القادمة، ولاسيما فى المحيط العربى والأفريقى.
وتواجه القارة السمراء تحديات عدة بفعل ظاهرة التغير المناخى، من بينها زيادة الصعوبات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تواجه هذه البلدان الساعية إلى تطوير خطط للتنمية المستدامة فيها، حيث تؤدي الكوارث البيئية مثل الجفاف وحرائق الغابات والفيضانات والأعاصير إلى هجرة المواطنين والسكان من مناطقهم إلى مناطق ودول أخرى في ظاهرة جديدة تدعى “اللاجئون البيئيون”، مما يضيف أعباء إضافية على المهاجرين والدول المستقبلة لهم، ويتجلى ذلك بشكل كبير في مناطق شرق أفريقيا مثل السودان وإثيوبيا التي تتأثر بشكل واسع بالتغيرات المناخية التي تسود هذه المناطق.
وبحسب الخبراء، فإن الكوارث البيئية وبشكل خاص ظاهرتي الجفاف والتصحر من احتمالات نشوب نزاعات وحروب مناطقية أو دولية على مصادر المياه والأراضي الزراعية والرعوية، كما أن الكثير من البلدان الأفريقية والأسيوية، ومنها الدول العربية ومنطقة القرن الأفريقي والهند وبنجلاديش تواجه نقصا حادا في المياه العذبة السطحية والجوفية بسبب تزايد حالات الجفاف الناتجة عن تناقص وعدم انتظام سقوط الأمطار.
ويؤثر تناقص كميات المياه على النشاط الاقتصادي لهذه البلدان، مما يعيق نمو خطط التنمية المستدامة والتي تحتاجها هذه الدول ومجتمعاتها، ويؤدي نقص المياه وانعدام تساقط الأمطار إلى حدوث كوارث بيئية واجتماعية تتمثل بالمجاعات مما يزيد نسب الفقر في الكثير من البلدان النامية والفقيرة.
كما تؤدي الكوارث البيئية وبشكل خاص الفيضانات والأعاصير إلى انتشار الأمراض الوبائية، مثل الكوليرا والملاريا والإسهال بين السكان وبشكل خاص الشيوخ والأطفال، وتؤدي هذه الأمراض إلى حصد أرواح الملايين من الأشخاص بسبب تدني مستوى الرعاية الصحية في البلدان الفقيرة.
وستتحدث مصر اعتبارا من بعد غد بصوت البلدان الأفريقية على الساحة الدولية نحو التوصل إلى الاتفاقية الجديدة للتغيرات المناخية، وذلك بعد أن عبرت فى سبتمبر الماضى ومن مقر الأمم المتحدة عن موقف البلدان العربية تجاه هذه الظاهرة التى باتت تهدد العالم، لتحمل مصر على عاتقها مسئولية أخرى تتعلق بالحفاظ على البيئة باعتبارها المفتاح الأساسي لتحقيق التنمية سواء عربيا أو أفريقيا، وتوفير حياة أفضل للأجيال القادمة.