التمويل الصينى يعزز النمو بشرط التوزيع العادل للعائدات
90 مليار دولار مطلوبة سنوياً لمشروعات البنية التحتية
تواجه القارة الأفريقية الواعدة مشكلة حقيقية فى توفير الاستثمار، خاصة أن أسواقها المالية ما زالت غير ناضجة بالشكل الكافى وصغيرة وغير سائلة، وليس هذا هو السبب الوحيد فى إيجاد أصحاب المشاريع صعوبةً فى زيادة رأس المال، فأموال برامج تقاعد الموظفين التى توفر رأسمال طويل الأجل، تم نهبها فى العديد من البلدان.
وفشلت البنوك المحلية فى تلبية الطلب على القروض بأسعار معقولة مع انخفاض التعامل مع المصارف، فمعظم الأسر تفضل الاحتفاظ بمدخراتها تحت الفراش، ولا تستطيع البنوك إعادة تدوير الودائع إلى قروض.
وذكرت مجلة الإيكونوميست، أن أفريقيا تعانى نقصاً حاداً فى الاستثمار، سواء من السكان المحليين أو المستثمرين الدوليين وهناك حاجة إلى 90 مليار دولار سنوياً للاستثمار فى البنية التحتية وغير ذلك من الأعمال التجارية.
ويرى بعض الاقتصاديين، أن اختناقات البنية التحتية وحدها تخفض النمو فى أفريقيا جنوب الصحراء بمقدار نقطتين مئويتين سنوياً.
وزاد الاستثمار المباشر الباب الوحيد الذى كان مفتوحاً على مصراعيه فى القارة السمراء ليسجل 4 مليارات دولار لأفريقيا العام الماضي، الأمر الذى يساعد على دفع جميع الأعمال التجارية، بداية من مصانع معجون الأسنان إلى مقدّمى خدمات الهاتف المحمول.
ولقى الاستثمار المباشر ترحيباً حاراً فى أفريقيا، وفتحت بعض الحكومات الأفريقية ليس فقط أبوابها للأجانب، ولكن تم تقديم الدعم أيضاً.
ولكن لا يمكن للاستثمار المباشر وحده سد احتياجات الاستثمار فى أفريقيا حتى لو استطاعوا جمع رأس المال الكافي، فأصحاب رأس المال عموماً يرغبون فى بيع الشركات التى اكتسبوها فى غضون خمس سنوات، فى حين أن أفريقيا بحاجة للمستثمرين على المدى الطويل؛ لدفع ثمن تكلفة السكك الحديدية وخطوط الكهرباء، وما شابه ذلك، وتحتاج أيضاً إلى العديد من القروض للشركات الصغيرة؛ نظراً إلى صعوبة توفيرها من قبل البنوك فى أجزاء كبيرة من القارة.
ونظراً إلى العجز الضخم فى رأس المال، فعوائد المستثمرين الذين لا يجرؤون على المغامرة فى أفريقيا، يمكن أن تكون هائلة وعلى سبيل المثال، يحصل المساهمون فى شبكة كهرباء أوغندا المخصخصة والتى أدرجت حالياً فى البورصة، على عائد مضمون يصل إلى %20 سنوياً بالدولار من إجمالى رأس المال المستثمر فى الشبكة.
جاء ذلك فى الوقت الذى نما فيه العديد من الاقتصادات الأفريقية بنسبة %5 أو أكثر سنوياً على مدار العقد الماضى، ومن المتوقع تضاعف الطبقة المتوسطة فى القارة بحلول عام 2060 ثلاث مرات فى الحجم، لتصل الى أكثر من مليار شخص.
وللحصول على تدفق رؤوس أموال بحرية أكثر، تحتاج البلدان الغنية لمراجعة اللوائح الخاصة بها، وكذلك قواعد الإفراط فى غسل الأموال، والتى تعمل على عزوف المدّخرين عن استخدام النظام المصرفي، وتقلل رؤوس أموال البنوك لتحول دون إعادة تدويرها إلى قروض الشركات.
وأخيراً، يمكن للحكومات الأفريقية، أن تفعل المزيد لتشجيع نمو أسواق رأس المال الخاص بها، وساعدت السندات الافتتاحية من قبل العديد من الدول فى إنشاء الأساسيات، مثل مؤشر أسعار الفائدة وسوق سندات الشركات، ولكن ما زال يتطلب الكثير. فعملية إقامة تبادلات أكبر للأسهم الإقليمية قد توفر السيولة والأمان وتسّهل من عملية وصول المستثمرين لما يسعون إلى تحقيقه.
ويعد الاتفاق الذى وقعه الاتحاد الأفريقى مع الصين على هامش القمة الأفريقية فى أديس أبابا لتوفير التمويل لقطاعات البنية التحتية والطاقة والطيران خطوةً مهمة، بشرط أن تكون بنود التعاقد نزيهةً، وتعمل على تقسيم عادل للعائدات يصب فى صالح الشعوب الأفريقية.