أثبتت تونس انتقالها إلى الاستقرار الديموقراطى مع أول عملية بيع سندات حكومية دون أى مساندة منذ أثارت الانتفاضات الشعبية الثورة فى العالم العربي.
وحرص المستثمرون الدوليون على الاستفادة من الانتخابات الرئاسية التى أقيمت مؤخراً فى البلاد، وقدّموا طلبات شراء بقيمة 4 مليارات دولار للسندات التى أصدرتها الدولة بقيمة مليار دولار، ما يتيح للدولة الاقتراض بأسعار فائدة أقل مما كان متوقعاً عند %5.875 على مدى 10 أعوام.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الباجى قائد السبسي، البالغ من العمر 88 عاماً زعيم التحالف الليبرالي، أصبح أول رئيس منتخب بحرية بعد فوزه فى الانتخابات التى أقيمت بنزاهة وشفافية.
وصرّحت البنوك، التى تعمل فى بيع السندات، بأن المستثمرين فى السندات الدولية عليهم أن يطمئنوا بعد إجراء الانتخابات السلمية.
وقال نيكولاس سمارة، لدى بنك سيتى جروب، الذى عمل على بيع السندات جنباً إلى جنب جى بى مورجان وبنك ناتيكسيس، إن القصة تتمثل فيما كانت عليه تونس، وما وصلت إليه الآن، حيث أصبحت واحدة من أماكن جذب المستثمرين ومصدّرة للديمقراطية الحقيقية «السلعة النادرة فى الشرق الأوسط».
وأضاف: «إذا قمت بمقارنتها بليبيا واليمن وسوريا والدول الأخرى المشاركة فى الربيع العربي، فيمكنك أن تدرك لماذا جذبت مستثمرى الأسواق الناشئة، حيث يعرف معظم المستثمرين البلاد جيداً، وينظرون إليها الآن على أنها تعمل على تحسين جدارتها الائتمانية».
وعلى الرغم من إصدار تونس سندات خلال السنوات القليلة الماضية، فإنها تأتى دائماً بمساندة تكفلها الحكومة الأمريكية أو اليابان.
وكانت تونس واحدة من مصدرى السندات الأكثر تطوراً ووفرة فى أفريقيا، وتبيع السندات المقومة باليورو والدولار والين، وبعد هذا العام من المتوقع أن تطرح الدولة أول الصكوك الإسلامية.
وقال حكيم بن حمودة، وزير المالية التونسى، الخبير الاقتصادى فى بنك التنمية الأفريقى سابقاً، إن البيع جاء بمثابة إشارة على الثقة الدولية بهذا البلد، ومن المقرر انتظام المبيعات السنوية من الديون كمتابعة لإصدار السندات.
وأضاف: «إن البلاد تواجه تحديات اقتصادية وسياسية، ولكن كانت هناك بعض التحسينات الرئيسية، وردود الفعل لدينا إيجابية من قبل المستثمرين الذين أعجبوا بالتقدم الذى تم إحرازه العام الماضى ونجاح الانتخابات».
وأوضح حمودة، مع بدء حملة ترويجية لبيع سندات جديدة، أن المستثمرين أرادوا معرفة ما مدى تأثير انخفاض أسعار البترول على البلاد، ومدى التزام الدولة بمواصلة الاستقرار الاقتصادي.
ووضعت موديز، وكالة التصنيف الائتمانى، تصنيف تونس مؤقتا عند مستوى «Ba3» ثلاث درجات دون الدرجة الاستثمارية.
ولا يزال أمام تونس تحديات كبيرة، فبعد أربع سنوات من إثارة انتفاضة الشباب الثورة فى البلاد، والتى امتدت إلى بلدان كثيرة فى الشرق الأوسط، لا تزال البطالة مرتفعةً، وقفز الدين الحكومى إلى %50 من الناتج المحلى الإجمالى، وسجّل النمو فى النصف الأول من عام 2014 ما يزيد قليلاً على %2 فقط.
وصرّح صندوق النقد الدولى، بأن الإصلاح الاقتصادى فى تونس سوف يشكل تحدياً رئيسياً للحكومة الجديدة، ويحتاج إلى التركيز على الإصلاحات المصرفية.