بقلم: د. طارق سعد الدين شل
مدير العلاقات الخارجية بالمصرف المتحد
إن سعر الصرف هو مقياس للأداء الاقتصادى للدولة، كما أنه انعكاس لحالة الاستقرار السياسى لها، ويعتبر مقياساً عن مدى توافر مناخ جيد للاستثمار بالدولة، بالإضافة إلى دوره المهم فى التأثير على مستوى القدرة التنافسية لمنتجات الدولة. ولقد أشرنا فى مقالات سابقة عن أن سعر الدولار قد يشهد ارتفاعات متتالية فى مقابل الجنيه المصرى، وبالفعل فبعد ثبات سعر الدولار نسبياً على مدى ثمانية أشهر، شهد سعر صرفه مقابل الجنيه المصرى ارتفاعات متتالية، حيث ارتفع من 7.14 جنيه/ دولار إلى 7.40 جنيه/ دولار بالسوق الرسمية، ولقد قادتنا تلك الارتفاعات المتتالية لسعر صرف الدولار أن نلقى الضوء على أسبابه وتبعاته حيث نعتقد من جانبنا أن هناك العديد من أسباب الارتفاعات المتوالية لسعر صرف الدولار منها:
– الرغبة فى القضاء على السوق السوداء للعملة بتضييق الفجوة بين السعر الرسمى وسعر السوق الموازية (ومحاولة توحيد السعرين)، وبالتالى ترك سعر الصرف الرسمى يتجه صعوداً، ولكننا نعتقد أن ذلك قد يكون بمثابة التصريح للقائمين عليها بارتفاعات أكبر فى السعر عن السوق الرسمية (طرد لسعر السوق الموازية نحو ارتفاعات أكبر).
– قيام البنك المركزى بسداد بعض الالتزامات المالية المستحقة على الدولة (سداد الوديعة القطرية بالإضافة لسداد المستحق على مصر لنادى باريس لصالح الدول الدائنة فى إطار السداد الدورى لمستحقات هذه الدول كل ستة أشهر).
– تحويل الشركات الأجنبية العاملة فى مصر لأرباحها فى نهاية العام المنصرم بالدولار الأمريكى.
– تزايد قوة الدولار فى الأسواق العالمية أمام سلة العملات، ما أضفى مزيداً من القوة للدولار أمام الجنيه المصرى.
– سداد الدولة لجزء من مستحقات شركات الطاقة العالمية.
– رغبة الحكومة فى تشجيع الاستثمار الأجنبى بترك سعر الجنيه المصرى/ دولار يقترب من السعر الحقيقى له.
– رؤية البنك المركزى المصرى بأن ذلك الوقت هو المناسب لترك سعر الصرف بحرية نسبية خاصة مع انخفاض الأسعار العالمية للبترول، الأمر الذى قد يخفض من الضغوط التضخمية، وهى ما يعمل البنك المركزى على كبحها.
– قد تكون رغبة الدولة دعم الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، حيث يشترط تحرير الأسعار وبالطبع يشمل ذلك تحرير سعر الصرف، وبالتالى نعتقد أن قرض الصندوق قد يكون أحد أسباب ذلك الارتفاع الكبير فى سعر الصرف، والذى تم فى فترة وجيزة وبعد ثبات ما يقرب من ثمانية أشهر وما زال هناك اتجاه للارتفاع، وإن كانت تلك الارتفاعات لا ترقى للتحرير، ولكن يمكن أن نطلق عليها تحريك للسعر لأن الدولة ما زالت تتدخل فى تحديد السعر من خلال العطاءات، ولم تترك تحديده لقوى السوق.
ومع تلك الأسباب، فالواقع هو ارتفاع سعر صرف الدولار، الأمر الذى سيترك تبعاته على السوق المحلى منها أنه سيترتب عليه:
1) ارتفاع أسعار الواردات نتيجة ارتفاع تكلفة الحصول على الدولار، بالإضافة لندرته فى الوقت الحالى، الأمر الذى ترتب عليه صعوبة فى تغطية الاعتمادات المستندية من أجل استيراد السلع الأساسية.
2) موجة تضخمية مرتقبة، حيث من المتوقع أن يزيد معدل التضخم بنسبة تعادل هامش الانخفاض فى سعر الجنيه/ دولار.
3) ارتفاع أسعار السلع محلية الصنع نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الصناعة المستوردة والمعدات والآلات المستخدمة فى التصنيع أو فى استخراج مواد أولية محلية.
4) ارتفاع تعريفة الخدمات خاصة للشركات التى تستورد معداتها من الخارج كشركات الاتصالات.
5) إن ارتفاع سعر صرف الدولار/ جنيه دون وضع آليات لمواجهة ذلك اجتماعياً، مع خفض معدلات الدعم وعدم وجود آلية لدفع بدلات بطالة أو تضخم مع عدم وجود تأمين صحى لبعض فئات المجتمع من شأنه التأثير على بعض طبقات المجتمع، خاصة أن معدل الفقر فى مصر تجاوز %26 طبقاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.