الموازنة العامة للدولة تواجه فجوة تمويلية فى المدى المتوسط ومستعدون لدعم مصر إذا طلبت الحكومة
قال كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر، إن صندوق النقد الدولى على استعداد تام لتقديم الدعم المالى لمصر فى حالة طلب الحكومة المصرية، مضيفاً أن الصندوق يقدم الدعم الفنى وتوقعات ووجهات نظر صريحة، وإجراء المشاورات مع الحكومة بخصوص الاقتصاد الكلى، وأضاف لـ«البورصة»، فى مؤتمر صحفى عبر الهاتف، أن مصر تواجه تحدياً فى العديد من السياسات المالية، وأنها بحاجة إلى وضع جيد للحسابات المالية والخارجية من أجل استعادة استقرار الاقتصاد الكلى.
وقال إن الأمن الداخلى، وركود البيئة الاقتصادية العالمية، أكبر التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى، متوقعاً أن يشهد الاقتصاد المصرى فجوة تمويلية كبيرة على المدى المتوسط، على الرغم من سياسات الإصلاح الاقتصادى.
وأضاف أن مصر أكبر بلد عربى من حيث عدد السكان، وتحتاج لتحسين مستويات المعيشة لسكانها الذين يتزايد عددهم، ما يساعد على تعزيز النمو وفرص العمل والحد من الفقر، مشيراً إلى أن مصر تعانى منذ 4 سنوات انخفاضاً فى معدلات النمو، وزيادة معدلات البطالة، وهشاشة فى ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى تآكل احتياطى النقد الأجنبى، وأوضح أن الشهور الأخيرة شهدت العديد من الإصلاحات لاحتواء عجز الموازنة وزيادة معدلات النمو، مشيراً إلى نجاح الحكومة فى تنفيذ تلك الإصلاحات بشكل جيد.
وذكر جارفيس أن الاستراتيجيات التى أعدتها الحكومة لرفع الدعم عن الطاقة خلال السنوات الخمس المقبلة، وهيكلة الأجور المرتفعة، ووضع ضريبة الأرباح الرأسمالية، تساعد على تقليل العجز الكلى للموازنة العامة للدولة، وتساهم فى زيادة إيراداتها وتحسن الوضع المالى للبلاد، وأضاف أن الحكومة تسعى لإعادة صياغة اللوائح والقوانين المرهقة بهدف تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الاستثمارات وخلق فرص العمل، مطالباً بزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية، لأنها تمثل دفعة قوية لرأس المال البشرى والمادى، والإنتاجية، لخلق بيئة عمل جيدة.
وقال إن صندوق النقد رحب بسياسات أسعار الصرف التى اتخذها البنك المركزى مؤخراً، مبيناً أنها «تساعد على تنمية الصادرات من الصناعات الجديدة، وتساهم فى خلق فرص عمل ودعم النمو على المدى الطويل».
وطلب جارفيس من الحكومة العمل على نظام مالى أفضل وتحسين انتشار الخدمات المالية وتقديم المزيد من الائتمان للشركات التى تخلق فرص عمل صغيرة، مشيراً إلى أن %10 فقط من المصريين لديهم حالياً حسابات مصرفية.
وأوضح جارفيس أن مشروع قناة السويس يمثل مرحلة مهمة فى الاقتصاد المصرى، بما سيوفره من فرص عمل وتدفق استثمارات أجنبية إلى محور القناة، قائلاً «إن تلك المشروعات تدعم نمو الاقتصاد الوطنى وتخلق فرص عمل مناسبة».
وأضاف أن مصر تحتاج إلى تحسين نظام التعليم وقطاع الصحة، لأنهما يمثلان جزءاً من عملية النمو، قائلاً: يجب أن تدرك السلطات ذلك وتقوم بإعادة النظر فى الإنفاق على الصحة والتعليم، فذلك سيجعل النمو أكثر شمولاً على المدى الطويل، مع الحفاظ على الاستدامة المالية.
وأصدر الصندوق أمس تقريراً عن نتائج بعثته لمصر تحت المادة الرابعة، وأشار فيه إلى التحسن الذى طرأ على الاقتصاد نتيجة السياسات المالية والنقدية التى اتخذتها الحكومة مطلع العام المالى الحالى.
وتوقع التقرير أن يسجل عجز الموازنة فى العام المالى الحالى %11 أعلى من توقعات الحكومة بدرجة مئوية واحدة، وقال رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، فى دبى إن العجز المتوقع للعام المالى الحالى يبلغ %10.
وطالب التقرير باتخاذ إجراءات إضافية لاحتواء مخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمى والشركاء التجاريين لمصر، جنباً إلى جنب مع تنفيذ برنامج الإصلاح المالى للحكومة، مبيناً أن مخاطر الاقتصاد العالمى قد تؤثر سلباً على الاقتصاد المصرى، ومن بينها التباطؤ المتوقع فى النمو الاقتصادى لمعظم الدول النامية والشركاء الاقتصاديين الرئيسيين، ما يؤثر سلباً على التدفقات الخارجية خاصة مع انخفاض الاحتياطى من النقد الأجنبى بها.
ورأى المديرون فى الصندوق أن احتياجات التمويل ستستمر على المدى المتوسط، على الرغم من التحسن المنتظر فى ميزان المدفوعات بفضل تعديل السياسات المرتقب. ولذلك، سيتطلب الأمر الجمع بين مزيد من التصحيح والتمويل، وطالبوا باعتماد سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف، تعكس عوامل العرض والطلب وتتوافق مع تحقيق مستوى كاف من الاحتياطيات لزيادة توافر النقد الأجنبى للأسر والأعمال وتعزيز التنافسية ودعم الحساب الجارى وجذب الاستثمار الأجنبى، وفى هذا الصدد، رحبوا بتحركات سعر الصرف مؤخراً باعتبارها خطوة مهمة فى الاتجاه الصحيح. وأشار المديرون إلى استمرار صعوبة الموقف الاقتصادى بسبب المخاطر الأمنية الإقليمية والمحلية.
ونظراً لهذه المخاطر، أكد المديرون أهمية بناء الثقة وتكوين هوامش وقائية كافية عن طريق التنفيذ العاجل لجدول أعمال الإصلاح، وزيادة الاحتياطيات الدولية، وإعداد خطط لطوارئ الموازنة العامة.
كتب: الحسينى حسن