الحكومة تدرس طرح “القابضة للصناعات الغذائية” فى البورصة هذا هو ما تضمنه البيان الصادر عن البورصة ووزارة التموين عقب زيارة د. خالد حنفى للبورصة أول أمس.
وكلمة تدرس تعنى أن الأمر مازال فى بدايته كفكرة تحتمل أن ترى النور أو تفشل خاصة أنها ليست جديدة وطرحها خبير فى الخصخصة من المعونة الأمريكية خلال تولى د. عاطف عبيد وزارة قطاع الأعمال كحل لبيع الشركات بسرعة أكبر فى شكل سلة تشمل شركات خاسرة ورابحة شريطة أن تكون الشركة المطروحة رابحة حتى لا يتبقى للدولة الشركات الخاسرة فقط.
واقترح آنذاك أن يتم إعادة هيكلة الشركات القابضة لعدد أكبر لتحقيق مزيد من الارتباط فى الشركات التابعة لكل قابضة ولكى يكون رأسمال القوابض مناسباً للطرح خاصاً أو عاماً.
ومع نشر رأى خبير الخصخصة فى حوار أجريته معه آنذاك تم الاستغناء عنه خلال أيام باعتباره خارجاً على قواعد العمل مع الوزارة بالتحدث مع الصحافة.
ولأنها فكرة واردة وقد تحدث فى وقت ما، فإن ما طرحه وزير التموين يعبر عن اتجاه إيجابى للحكومة فى التعامل مع البورصة باعتبارها مصدراً للتمويل تم تجاهله حكومياً لعقود طويلة.
إلا أن ما استوقفنى فى البيان هو أن هذه الدراسة تعبر عن توجه حكومى فى الوقت الذى نفى فيه رئيس الوزراء عدة مرات وجود نية لطرح شركات للبيع وتصريحات وزير الاستثمار أنه لا تفكير فى طرح زيادات رؤوس أموال شركات قطاع الأعمال بالبورصة فى الوقت الحالى وأن دوره هو إعادة هيكلة الشركات لحل مشاكلها وزيادة ربحيتها.
إذاً.. نحن أمام حكومة يشير إليها وزير التموين وحكومة أخرى لمحلب ووزير الاستثمار وتلك ليست المرة الأولى فى وقت تتحدث فيه البلاد عن خطط وأهداف استراتيجية واضحة يتم عرضها فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، فكيف يكون هناك تباين فى توجهات الحكومة ووزرائها إلى هذه الدرجة طرف ينفى وطرف يدرس؟!.
ولا أحد ينكر إنجازات د. خالد حنفى فى ملفات عديدة داخل وزارته، أبرزها منظومة الخبز وصرف المقررات التموينية كما أنه من غير المنطقى أن يتم الحجر على الأفكار والتوجهات للتطوير والتحديث، إلا أن تضارب التصريحات وإعلان أى فكرة تطرأ للوزير بات متكرراً دون دراسة كافية، فعلى سبيل المثال، القانون المنظم للشركات القابضة 203 ينص على الملكية الكاملة للدولة للشركات القابضة كما يتعارض ما تم إعلانه مع التوجهات المعلنة لمجلس الوزراء فهل طرح الوزير فكرته على المجلس وحصل على الضوء الأخضر لإعلانها والبدء فى دراستها أم أن الأمر لا يحتاج ذلك رغم كونه يتعلق بقرار استراتيجى للحكومة موقف فيه لم يعلن لنا أحد تغييره إلا إذا كانت حكومة «حنفى» قدرت ذلك بمفردها.
ولايزال المشروع اللوجيستى بدمياط شاهداً على أننا أمام إعلانات عن مشروعات وأفكار بلا دراسة أو اكتمال ولم تسند لشركات متخصصة مؤهلة لإعداد دراسات الجدوى الخاصة بها، حتى تم إرجاء المشروع لحين إعداد الدراسات الخاصة به رغم عرضه على الرئيس والإعلان عن موافقة الرئيس على البدء فيه وتحديد موعد لوضع حجر أساس المشروع لنكتشف بعد ذلك أن الأمر لم يخرج بعيداً عن الأفكار دون الجدوى الحقيقية المبنية على العائد وطريقة التمويل والإدارة وتوقيت التنفيذ.
لا أكتب من أجل نقد وزير التموين، فعلى الأقل هو يحاول ويفكر وكل ما نتمناه أن تكون التصريحات مدروسة وواقعية وتتفق مع سياسات وخطط الحكومة، وبذلك تكون أكثر جدوى ويكون لها نصيب أكبر فى احتمالات التحقيق.
وإذا كان وزير التموين يدرس، فهناك وزراء آخرون قرروا عدم التفكير حتى فى المشاكل الرئيسية لقطاعاتهم ويكتفون بالتصريحات الوردية حول أداء وزاراتهم وهؤلاء أعضاء فى حكومة ثالثة هى «وِدن من طين ووِدن من عجين».