تخفيض مخصص القروض الجديدة للمصانع غير المنتظمة إلى %5 مع إمكانية إعادة هيكلة التسهيلات القائمة
1.6 مليار جنيه تعثرات عملاء القطاع بـ«الأهلى» و800 مليون بـ«التنمية الصناعية» و1.3 مليار لدى «مصر»
مستثمرو الصناعة: المبادرة تجاهلت خفض تكلفة الاقتراض ومد أجل القروض
أطلق البنك المركزى مبادرة لتشجيع البنوك على تعويم عملاء القطاع الصناعى المتعثرين، عبر تخفيف شروط الجدارة الائتمانية للعملاء الذين يمكن إنقاذهم.
وتقضى المبادرة التى أطلقها البنك، يوم الخميس الماضى، بالسماح للبنوك بتكوين مخصص للقروض الجديدة التى تمنحها لعملاء غير منتظمين، توجد جدوى من تعويمهم، بواقع %5 فقط من قيمة التمويل.
وتربط ضوابط منح الائتمان، التى يلزم «المركزى» بها البنوك، الجدارة الائتمانية بانتظام العميل فى السداد، وفقاً لعشرة مستويات، يتم تكوين نسب محددة من المخصصات لكل مستوى منها.
ووفقاً للمبادرة، سيتم تصنيف القروض الجديدة للعملاء المتعثرين الذين يمكن إنقاذهم، على أنها «ديون تحتاج لعناية خاصة»، وهى فى المرتبة السابعة على سلم تصنيف البنك المركزى لجودة القروض، وقبل «القروض غير المنتظمة» مباشرة.
وفى الوقت الحالى توجد 3 مستويات للقروض غير المنتظمة، هى «القروض دون المستوى» ويلتزم البنك بتكوين مخصص لها بنسبة %20 من القرض، و«القروض المشكوك فى تحصيلها» ويجب تكوين مخصص بنسبة %50 لها، والقروض «الرديئة» وهى التى يلتزم البنك حيالها بتكوين مخصص بمعدل %100 منها.
وقال البنك المركزى، فى بيان له أمس، إن الاستفادة من المبادرة تقتصر على العملاء غير المنتظمين قبل إطلاقها، ولا تسرى على العملاء الذين تعثروا بعد إطلاقها، كما سيتم استثناء العملاء الذين أعدمت مديونياتهم دون إبراء ذمة، والعملاء الملاحقين قضائياً من إمكانية تطبيقها عليهم، ما لم يكونوا قد اتفقوا عى إبرام تسوية لمديونياتهم.
وقال «المركزى» إن بنود المبادرة استرشادية، وتطبق وفقاً لدراسة البنوك لكل حالة على حدة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.
ورغم ترحيبه بالمبادرة، قال محمد البهى، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إن تخفيض العائد على قروض الصناعة يعتبر الحل الأكثر جدوى، خاصة مع تكبد العديد من المصانع خسائر كبيرة دفعتها لبيع جزء من الأصول لتغطية التكاليف.
ويطالب العديد من مستثمرى القطاع الصناعى منذ فترة طويلة بتخفيض أسعار فائدة القروض الصناعية، الأمر الذى تجاهلته المبادرة.
أضاف البهى أن المبادرة الجديدة تقتصر على تحفيز البنوك لتعويم عملاء قطاع الصناعة المتعثرين، ولن تمتد للمتعثرين أنفسهم.
وتبلغ القروض الممنوحة لقطاع الصناعى %35 من إجمالى التسهيلات الائتمانية الممنوحة لغير الحكومة، وفقاً لإحصائيات البنك المركزى.
ولا توجد إحصائيات محددة حول حجم التعثر فى سداد القروض لدى القطاع الصناعى، إلا أن مسئولاً بقطاع الديون المتعثرة ببنك مصر، قال إن تعثرات القطاع لدى بنكه تستحوذ على %25 من إجمالى محفظة الديون غير المنتظمة البالغة 5 مليارات جنيه، مضيفاً أن المبادرة تحفز البنوك على اتخاذ قرارات تمويلية جديدة للعملاء غير المنتظمين، فى ضوء الدراسات الائتمانية لهم، مشيراً إلى أن تكلفة الأموال بالبنوك تحدد سعر العائد، وهو ما يحد من إمكانية تخفيض عوائد تمويل قطاع بعينه.
وقال حمدى عزام، نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، إن حجم القروض الصناعية غير المنتظمة لدى البنك يبلغ 800 مليون جنيه، متوقعاً أن تساهم المبادرة فى خفض نسب التعثر وزيادة معدلات التوظيف.
وقال يحيى أبوالفتوح، عضو مجلس الإدارة والمشرف على قطاع الديون غير المنتظمة بالبنك الأهلى أكبر مقرض فى القطاع المصرفى، إن حجم محفظة تعثر القطاع الصناعى بالبنك بلغ 1.6 مليار جنيه، ويمثل %25 من إجمالى الديون غير المنتظمة البالغ 6.3 مليار جنيه بنهاية مايو الماضى.
أضاف أن مبادرة البنك المركزى لدعم القطاع الصناعى جيدة، وجاءت فى وقت يتطلب مثل هذا الإجراء، مشيراً إلى ضرورة تكثيف الاهتمام بمشكلات قطاع الصناعة الذى يعد المحرك الأساسى للنمو وزيادة الإنتاج.
واشترط البنك المركزى لتطبيق بنود المبادرة أن يقوم البنك المقرض بدراسة موقف كل عميل على حدة، وقدرة العملاء على السداد، ودراسة التدفقات النقدية المستقبلية لتغطية خدمة الدين، بالإضافة إلى إجراء اختبارات حساسية، ووضع خطط بديلة لمواجهة السيناريوهات المحتملة، والحد من المخاطر المصاحبة لها.
كما أشار «المركزى» إلى إمكانية إعادة هيكلة التسهيلات القائمة بغرض مد فترة السداد وتخفيف أعباء العملاء، مطالباً البنوك بموافاته بتقرير ربع سنوى عن العملاء الذين تم إدراجهم ضمن المبادرة.
قال حسن المراكبى، رئيس مجموعة المراكبى للصلب، إن مبادرة «المركزى» خطوة إيجابية كانت ضمن مطالب اتحاد الصناعات، ومن شأنها أن تؤدى إلى استغلال الأصول المتوقفة عن العمل، وتحتاج لتمويل فقط لإعادة تشغيلها.
وأضاف أن سياسات «المركزى» تحتاج إلى بعض التعديلات المتعلقة بأسعار الفائدة والقروض طويلة الأجل، مشيراً إلى أن مصر من أعلى الدول التى تصل فيها تكلفة التمويل بالجنيه المصرى إلى %14، مبيناً أن الـ7 سنوات مدة القروض لا تعتبر طويلة الأجل، فى حين أن البنوك فى الدول الأجنبية تمنح تمويلات بفترة سداد تصل إلى 25 سنة، ونسبة فائدة منخفضة، مطالباً بإعادة دراسة السياسات البنكية لتحفيز المستثمرين على إقامة مشروعات.
فى المقابل، قال محمد المرشدى، رئيس جمعية مستثمرى العبور، إن القروض ليست السبب الأساسى فى تعثر المصانع، ويجب البحث عن الأسباب الحقيقية التى أدت إلى التعثر، مثل ركود السوق وإغراقه بالمنتجات المهربة والمستوردة التى تم إنتاجها بتكلفة أقل من المنتجات المحلية.
وأضاف المرشدى أن دعم المصانع المتعثرة بالسياسات النقدية دون النظر لتلك الأسباب سيؤدى إلى خسارة المصانع مرة أخرى بسبب العجز عن تحقيق أرباح، وعلى الحكومة حماية الصناعة المحلية ودراسة السياسات التى تجعل البيئة الحاضنة للإنتاج مشجعة على الاستثمار، قبل المعالجة المالية للتعثر.
قال شريف الجبلى، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية، إن مبادرة «المركزى» تسمح بإعطاء الفرصة للمصانع القادرة على السداد لإعادة جدولة ديونها، وتساعدها على التفاوض مع البنوك.
وأضاف الجبلى أن القطاع الصناعى طالب بتخفيض نسبة الفائدة للقطاع الصناعى، وتمييزه عن باقى القطاعات.