البطالة والتضخم وأسعار الفائدة المنخفضة مثلث الخطر
تأثير البطالة
تأثر قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة بمعدل البطالة، نظراً لأن مستويات الدخل أثرت على اختيارات الناس للرعاية الصحية، إذ يؤجل الناس القرارات الصحية غير الطارئة، وتلك التي ترتبط خاصة بتدابير الصحة الوقائية، وأظهرت الدراسة التي قامت بها صحيفة أبحاث الخدمات الصحية أن ارتفاع نسبة البطالة بنسبة 1% يؤدي إلى انخفاض بنسبة 1.58% في استخدام الخدمات الصحية الوقائية.
ويشكل الأشخاص الذين يحصلون على تأمين صحي من صاحب العمل 48% من إجمالي عدد السكان، و55% من إجمالي السكان غير المسنين في الولايات المتحدة، ويؤدي فقدان الوظائف إلى انخفاض التغطية الصحية، ووفقاً لدراسة مؤسسة “كايسر فاميلي”، فإن كل نسبة مئوية في زيادة معدلات البطالة يؤدي إلى زيادة السكان غير المسنين الذين لا يحصلون على تأمين صحي بنسبة 0.5%.
كما يؤدي انخفاض معدلات البطالة إلى قلة برامج المساعدات الطبية لرعاية الفقراء وغير القادرين “ميديكايد” وزيادة اللجوء إلى التأمين الصحي التجاري، ومع استمرار معدلات البطالة في الانخفاض- من 7% في نوفمبر 2013 إلى 5.8% في نوفمبر 2014- من المفترض أن ترتفع حصة التأمين الصحي برعاية صاحب العمل، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ربحية المستشفيات.
تأثير التضخم
ترتبط معدلات التضخم ارتباطاً وثيقاً بأداء قطاع الرعاية الصحية، إذ إنها تؤثر على أسعار رسوم المستشفيات وتكاليف الرعاية الطبية التي تتحملها المستشفيات.
ويوضح الرسم البياني أن متوسط تكاليف تشغيل المستشفيات يرتبط مباشرة بتغيرات مؤشر سعر المستهلك في المناطق الحضرية إلى سلع الرعاية الطبية، وأظهر المؤشر تضخماً في أسعار الأدوية التي تباع بوصفة طبية، والأدوية التي تباع بدون وصفة طبية وغيرها من اللوازم والمعدات الطبية، ومع ارتفاع تكاليف هذه اللوازم الطبية، يرتفع أيضاً متوسط تكاليف التشغيل في المستشفيات.
وارتفعت تكلفة الأدوية التي يتم صرفها بوصفة طبية في عام 2014 بنسبة 12% مقارنة بعام 2013، وكان هذا الارتفاع سبباً رئيسياً في ارتفاع التضخم في سلع الرعاية الطبية، وارتفعت أيضاً تكاليف اللوازم والمعدات الطبية بنسبة متواضعة في الربع الثالث من عام 2014 بلغت 0.3% مقارنة بالربع الثالث في عام 2013.
وتشكل مدفوعات برنامج التأمين الصحى “ميديكير” وبرنامج “ميديكايد” نحو نصف إجمالي مدفوعات المستشفيات في الولايات المتحدة، ويدفع برنامج “ميديكير” الرسوم للمسشفيات وفقاً لجدول محدد مسبقاً، ويتم تعديل الأسعار في هذا الجدول وفقاً لصافي التضخم، وتعتمد مدفوعات برنامج “ميديكايد” إما على تكاليف تقديم الخدمات أو الأسعار التي تدفعها شركات التأمين الخاصة أو برنامج “ميديكير”، وفي كلتا الحالتين يؤدي ارتفاع معدلات التضخم إلى ارتفاع أسعار الخدمات التي يقدمها برنامج “ميديكايد”، ورغم أن الأبحاث أثبتت أن معدل مدفوعات برنامجي “ميديكير” و”ميديكايد” أقل من معدلات التضخم، نظراً لأن تأثير التضخم لم يصل إلى المستهلك على نحو كامل، و يؤثر على ربحية المستشفيات.
تأثير أسعار الفائدة المنخفضة
يعد قطاع الرعاية الصحية قطاعاً كثيف الاستخدام لرأس المال، وتتطلب شركات إنشاء المستشفيات رأسمال كبيراً لأغراض التشغيل وترميم المستشفيات وتوسيع شبكة المستشفيات، ونتيجة لذلك تحمل تلك الشركات مستويات مرتفعة من الدين في موازناتها العمومية، ويتألف هذا الدين من مزيج من أسعار الفائدة الثابتة والمتغيرة على فترات زمنية مختلفة، وتؤثر التغيرات الاقتصادية في أسعار الفائدة على شركات إنشاء المستشفيات، اعتماداً على هيكل التكاليف واستراتيجيات التوسع في الشركة.
وللاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة منذ عام 2012، قامت الشركات الكبرى بسداد القروض المستحقة، وشهدت أمريكا في عام 2012 طفرة مفاجئة في حجم سداد الديون، وسددت النظم الصحية المجتمعية ديونها بنحو 1.2 مليار دولار، واقترضت منذ ذلك الحين لتخفيض معدل الفائدة الفعلي، وتتيح معاملات إعادة التمويل للمستشفيات فرصة تخفيض تكلفة رأس المال وزيادة الربحية.
وبينما تسعى المستشفيات وراء التمويل طويل الأجل، فإنها تختار السندات ذات أسعار الفائدة الثابتة وسندات البلديات المعفاة من الضرائب، وتصدر المستشفيات من جميع الأحجام والمستويات هذه السندات التي تتيح فرصة خفض تكاليف رأس المال، وفي عام 2014، أصدرت المستشفيات السندات المعفاة من الضرائب والسندات الخاضعة للضرائب بقيمة 15.9 مليار دولار، و1.7 مليار دولار على التوالي، وعززت أيضاً أسعار الفائدة المنخفضة سوق السندات الخاضعة للضرائب من حيث تضييق الفجوة بين السندات المعفاة والخاضعة للضرائب.