استثمارات البنية التحتية في مصر والسعودية تدعم خطط التجارة بالمنطقة
كان لانهيار أسعار البترول تأثير فوري علي اقتصادات الخليج التي تعتمد علي البترول والغاز، وما جعل الأمور الاقتصادية أسوأ الاضطرابات السياسية في منطقة الشام وشمال أفريقيا، فقد كانت بمثابة عائق آخر أمام التجارة عبر المنطقة.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن تتراجع صادرات البضائع والخدمات من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو الخمس، لتتراجع من 1.5 تريليون دولار العام الماضي إلي 1.2 تريليون دولار العام الجاري، وأضاف الصندوق أن الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي ستشهد تراجعاً في الصادرات بنسبة 23%عن عام 2014 لتصل إلي 856.8 مليار دولار العام الجاري، ومن المتوقع أن تستورد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سلع وخدمات بقيمة 1.2 تريليون دولار في عام 2015، وهو ما يعد تراجعا بنسبة 2.7% عن العام الماضي.
ولكن توقعات ارتفاع أسعار البترول العام المقبل أحيت التفاؤل بعودة النمو إلي التجارة سريعا بدءا من عام 2016، ويقول بدر جعفر، رئيس مجلس إدارة “جالف تينر”، إن العقد الماضي شهد ارتفاعا ضخما في التجارة بنحو ستة أضعاف فضلا عن تنوع الشركاء التجاريين مع تحول التوازن إلي العالم الناشيء.
وأضاف جعفر أن صادرات الشرق الأوسط من البترول كانت تحابي لسنوات أسواق أوروبا والولايات المتحدة المتقدمة، ولكن خلال العقد الماضي تراجعت حصة هذه المناطق لأقل من 50%، وتشكل آسيا الآن نحو 40% من التجارة الاقليمية بدافع من صادرات البترول وواردات البضائع الآسيوية الرخيصة.
وقوض الاعتماد المشترك علي الهيدروكربونات آفاق ازدياد التجارة الاقليمية والتأثيرات الاقتصادية المتعددة لمثل هذا التطور، ويري جعفر أن استثمارات المنطقة في البنية التحتية سيساعد الدول علي الاستفادة من برامج التنوع الاقتصادي، وفي نهاية المطاف إنتاج مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات التي من شأنها أن تساعد في ازدياد التجارة بين دول المنطقة.
وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز في تقرير لها أن موقع الشرق الأوسط يعد مثاليا لأنه بمثابة مركز للتجارة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتستثمر مصر، أكثر الدول العربية تكدسا بالسكان، والسعودية، أكبر اقتصادات المنطقة العربية، مبالغ ضخمة في البنية التحتية للنقل الخاصة بهم، كما أحرزت الإمارات تقدما كبيرا في التنوع الاقتصادي بقيادة المركز التجاري في دبي، وتشكل الخدمات والبضائع غير البترولية نحو 65% من الصادرات.
وأوضح بنك “إتش إس بي سي” أن المرحلة المقبلة، في ظل سعي الإمارات لتنويع إنتاجياتها، ستساعد علي النمو الاقتصادي السنوي المستدام بنحو 3.5% خلال عام 2030، رغم التوقعات الضعيفة لأسعار البترول والإمكانية المحدودة لنمو قطاع البترول، وتهدف الإمارات إلي زيادة نسبة الناتج غير النفطي من 69% إلي 80% من الناتج المحلي الإجمالي مطلع عام 2021، وخلال الفترة ذاتها تتوقع ارتفاع نسبة “عمال المعرفة”- وهم من ينتجون المعلومات ويولدون الأفكار ولديهم القدرة علي تطبيقها، ويعتمدون أساسا علي قواهم الذهنية ويساعدهم في ذلك معرفتهم الواسعة بتكنولوجيا المعلومات- من الربع إلي نحو 40% من القوة العاملة.
ورغم أن بنك “إتش إس بي سي” قال إن الاقتصادات المتقدمة ستقود التجارة العالمية العام الجاري علي خلفية قوة الاقتصاد الأمريكي، فإن الأسواق الناشئة لديها مستقبلا أكثر إشراقا، وأصبحت آسيا أكثر تأثيرا، مع ازدياد أهمية التجارة بين الأسواق الناشئة مثل أفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا.
وقال البنك في توقعاته للتجارة العالمية التي أصدرها في مايو إن ما يطلق عليها تجارة “الجنوب- الجنوب” ستصبح ذات أهمية متزايدة في السياق العالمي، نظرا لأن هذه الدول تركز جهودها علي الاقتصادات النامية الأخري التي تتمتع بإمكانات قوية للتوسع السريع في أسواق المستهلكين من الطبقة المتوسطة.
ويقول بدر الجعان، شريك بارز في شركة “ميسان بارتنرز” للمحاماة، إن دينامية التجارة بين الأسواق الناشئة تشكل تطور البنية التحتية للنقل في الشرق الأوسط، إذ ظهرت أماكن مثل دبي كمركز عالمي يربط بين الشرق والغرب ومؤخراً كبوابة لأفريقيا.