انتقد مستثمرون بالقطاع الصناعي، السياسات التى تنتهجها وزارة الصناعة والتجارة فى التعامل مع مشاكلهم، بجانب انفراد الوزارة تحت قيادة منير فخرى عبدالنور، باتخاذ القرارات دون الرجوع إلى ممثلى القطاعات الصناعية، ودون وضع آليات واضحة للتنفيذ.
قال الصناع، إن الوزارة أخفقت فى اجتياز العديد من الأزمات التى مرت بها الصناعة بمختلف قطاعاتها، وكان ملف المصانع المتعثرة، وانخفاض الصادرات منذ بداية العام الحالى.
واستمرار التراجع على مدار 8 أشهر دون وضع استراتيجية تحد من نزيف الصادرات وفقدان أحد أهم مصادر العملة الأجنبية.
استراتيجية مضاعفة الصادرات تنهار و21.72% انخفاضاً خلال الربع الأول
بداية.. وضعت وزارة الصناعة، استراتيجية لمضاعفة الصادرات واستهدفت تحقيق صادرات بقيمة 28.07 مليار دولار، بما يعادل 219.78 مليار جنيه بنهاية عام 2015، بنسبة نمو 9% عن عام 2014، الذى بلغ فيه إجمالى الصادرات 24.52 مليار دولار، أى ما يعادل 191.9 مليار جنيه.
لكن شهدت الصادرات تراجعاً حاداً منذ بداية العام الحالي، محققة خلال الشهور الخمسة الأولى ما قيمته 8 مليارات دولار، بتراجع 20% عن الفترة المقابلة من العام الماضى التى سجلت فيها 10 مليارات دولار.
وكشفت بيانات وزارة الصناعة والتجارة، أن إجمالى الصادرات انخفض بنسبة 21.72% خلال الربع الأول من 2015، مسجلاً 4.631 مليار دولار، مقابل 5.915 مليار دولار فى الفترة المقابلة من عام 2014.. وكان المستهدف تحقيقه خلال الربع الأول طبقاً لخطة الوزارة نحو 6.921 مليار دولار.
وكان لبرنامج «رد الأعباء» الذى طبقته وزارة الصناعة والتجارة الخارجية، بدءاً من العام المالى 2014– 2015، ويستمر لمدة 3 سنوات، دور فى تراجع الصادرات.
قال حمدى الطباخ، نائب رئيس المجلس التصديرى للمفروشات المنزلية، إن القطاع حقق انخفاضاً فى الصادرات بلغت نسبته 21% خلال الشهور الستة الأولى من 2015، مقارنة بالشهور الستة الأولى من 2014.
وأرجع الطباخ، سبب الانخفاض إلى ضعف المساندة التصديرية البالغة 2.6 مليار جنيه فقط فى الموازنة التى أقرت مؤخراً، رغم مطالبة المصدرين بزيادتها إلى 5 مليارات جنيه، لافتاً إلى أن تلك النسبة لا تتعدى 5%، مقارنة بنسب تصل إلى %18 لبعض الدول، بالإضافة إلى وقف صرف المساندة التصديرية منذ يوليو 2014.
وقال هشام جزر، رئيس المجلس التصديرى للجلود، إن وزارة الصناعة ليست لديها استراتيجية واضحة لإدارة ملف الصادرات الذى عانى من نزيف مستمر على مدار 6 أشهر.
وأكد جزر، أن ضعف المساندة، هو أحد أهم أسباب تراجع الصادرات، فى الوقت الذى تعانى فيه الصناعة المحلية من مشاكل متعددة من حيث ارتفاع أسعار الطاقة والأراضى والجمارك المفروضة على المعدات، لافتاً إلى أن المساندة التصديرية كان من الممكن أن تساعد على حل جزء من الأزمة ووقف نزيف الصادرات الذى بلغ 17% خلال الربع الأول من 2015 مقارنة بالفترة المقابلة من 2014 لقطاع الجلود.
وقال رأفت رزيقة، رئيس شعبة السكر والحلويات بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن نظام المساندة التصديرية معقد، وله قواعد متشعبة يصعب صرفها نتيجة تعقيد الشروط، والوزارة ترهن صرف المساندة المتأخرة لحين البت فى النظام الجديد والتعامل على أساسه.. وبالتالى فإن تأخر صرف المساندة يعيق الشركات، ويتسبب فى انخفاض الصادرات.
وأضاف رزيقة، أن الواقع مغاير تماماً للاستراتيجية التى وضعتها وزارة الصناعة لمضاعفة الصادرات، وهو ما يعنى أن الوزارة حددت قيمة مستهدفة لا تستند إلى أسس ولا على خطط ووسائل تمكنها من تنفيذها وتحقيق زيادة.
وحققت صادرات قطاع الصناعات الهندسية تراجعاً منذ بداية العام حتى نهاية مايو الماضي، بنسبة 13%، مسجلة مليار دولار، مقابل 1.2 مليار دولار الفترة نفسها 2014، وهو ما أرجعه محمد جمال العايدي، نائب رئيس المجلس التصديري، إلى أن برنامج رد الأعباء الجديد، لا يلبى طموح المصدرين.
ونظراً لاستمرار الانخفاض الشديد فى الصادرات، امتنعت معظم المجالس التصديرية عن الإعلان عن حجم صادراتها، وتأخرت هيئة الرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة الصناعة والتجارة فى الإعلان عن صادرات شهرى يونيو ويوليو الذى يتزامن مع تقرير نصف العام، وامتنعت معظم المجالس التصديرية عن الإعلان عن حجم الصادرات.
استمرار شكاوى منتجو الحديد من الإغراق
تأخرت وزارة الصناعة فى فرض رسوم حمائية على واردات الحديد، لحماية الصناعة المحلية ومنحها فرصة للمنافسة فى ظل الخسائر التى يعانيها القطاع نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة وضعف منافسة المستورد.
وفرضت الوزارة، رسوم حماية على واردات حديد التسليح فى أبريل الماضى بقيمة لا تزيد على 408 جنيهات للطن، «لأغراض البناء لمدة ثلاث سنوات تحرر تدريجيا سنويا، و408 جنيهات للطن فى السنة الأولى، و325 جنيها للطن فى السنة الثانية، و175 جنيها للطن فى السنة الثالثة».
ورغم فرض رسوم حماية بنسبة 8%، ارتفعت واردات مصر من الحديد التركي، إلى 359 ألف طن منذ بداية العام الحالى وحتى نهاية مايو، مسجلة ارتفاعا بنسبة %70، وتخطط جمعية مصدرى الصلب التركى لزيادتها خلال النصف الثانى من العام نظراً لضعف قدرة المصانع المحلية على تغطية الطلب المحلى.
ويصل فارق السعر بين طن الحديد المصرى ونظيره التركى إلى 820 جنيهاً، إذ يبلغ سعر الأول 569 دولاراً (نحو 4300 جنيه)، والمستورد 462 دولاراً (نحو 3520 جنيهاً).
وكشف محمد حنفى مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، أن صناع الحديد طالبوا بزيادة الرسوم الحمائية إلى 30%، إذ أن النسبة التى فرضتها الوزارة غير كافية لحماية الأسواق المحلية من الواردات.
وبلغت واردات مصر من الحديد فى يناير الماضى ما قيمته 26 مليون دولار، ارتفعت إلى 28 مليوناً فى فبراير، و30 مليوناً فى مارس، و75 مليوناً فى أبريل.. أى سجل أعلى رقم بعد فرض رسم الحماية.
ويتراوح إنتاج مصر الإجمالى من حديد التسليح بين 6 و7 ملايين طن سنويا. وانخفض الإنتاج الشهرى لحديد التسليح من 800 ألف طن شهريا إلى 400 ألف طن.
قال حنفى، إن الوزارة تتخذ خطوات ضد قطاع تصل استثماراته إلى 100 مليار جنيه، وتأخرت فى دراسة الآثار الجانبية لرفع أسعار الطاقة على المصانع، فى الوقت الذى تعمل فيه المصانع بطاقة إنتاجية لا تتعدى 25% نتيجة وقف ضخ الغاز.
التعامل مع المصانع المتعثرة بمبدأ “تخفيف الأحمال”
تعاملت 6 حكومات بعد الثورة مع ملف المصانع المتعثرة ، أولها حكومة الدكتور عصام شرف، وصولاً بحكومة المهندس إبراهيم محلب.
وتولى منير فخرى عبدالنور حقيبة وزارة الصناعة فى 3 حكومات من 6، لكن الوزارة تعاملت مع هذا الملف بمبدأ “تخفيف الأحمال”، إذ اكتفت بتقليص أعداد المصانع فى بياناتها المتتالية.
وتضاربت الأرقام الصادرة عن الوزارة ومركز تحديث الصناعة، لتقول إن عدد المصانع المتعثرة يبلغ 8222 مصنعاً، وأخرى تقول 952 مصنعاً، منها 170 مصنعاً فقط قادرة على سداد الديون حال الإقراض.
وتبنت الوزارة مبادرات لحل مشكلة المصانع المتعثرة تقتصر على تخصيص مبلغ 500 مليون جنيه، لإقراض المصانع، دون وضع آليات تسمح بإلإقراض.
قرارات “الصناعة ” تفتقر لآليات التنفيذ
فى أبريل الماضى، فرضت وزارة الصناعة رسوم حماية مؤقتة على واردات السكر الأبيض بنسبة 20%، بحد أدنى 700 جنيه للطن، وهو ما ساهم فى ارتفاع أسعار السكر المحلى 500 جنيه للطن.
وقال حسن فندي، عضو غرفة الصناعات الغذائية، إن قرار رسم الحماية على واردات السكر من شأنه حماية الصناعة المحلية. لكن الوزارة لم تحافظ على الأسعار كما كانت قبل القرار، رغم تعهد رئيس الوزراء ووزير الصناعة بالحفاظ على الأسعار.
وأضاف أن قوانين وقرارات وزارة الصناعة والتجارة الخارجية ليست فى صالح الصناعة المحلية، مضيفاً أن الوزارة عندما تأخذ أى قرار يجب عليها أولاً أن تبحث عن آلية لتنفيذه.
أضاف رأفت رزيقة، رئيس شعبة السكر والحلويات والشيكولاتة، بغرفة الصناعات الغذائية، ليؤكد أن الشركات رفعت أسعار السكر بعد نحو 5 أيام فقط من فرض الرسوم الحمائية. وساهم ذلك فى ارتفاع التكلفة الإنتاجية بالمصانع المستخدمة للسكر بنسبة لا تقل عن 15% قابلة للزيادة.
وتبلغ مساحة زراعة المحاصيل السكرية 750 ألف فدان، موزعة بمعدل 400 إلى 450 ألف فدان بنجر سكر، و320 ألف فدان قصب سكر، ويوجد 15 مصنعاً لإنتاج السكر منها 8 مصانع لاستخلاص السكر من القصب، و7 لسكر البنجر.
ثم قامت وزارة الصناعة باتخاذ قرار بمد العمل بشهادة فحص المنتجات الواردة من الصين الـ”CIQ”. إلى سبتمبر المقبل، رغم أنه كان مقرراً إنهاء العمل بها فى أبريل الماضي. وكان اتحاد الصناعات أعلن رفضه القرار، مناشداً رئيس الوزراء بالتدخل، ووزير الصناعة بالتراجع ووقف العمل بالشهادة لما لها من آثار سلبية على استمرارية عمل الصناعات الجلدية.
وقال يحيى زلط، عضو غرفة صناعة الجلود، إن الوزارة قامت بمد العمل بشهادة الجودة الصينية “CIQ”، دون الوضع فى الاعتبار أى آليات لحماية المنتج المحلى وتحقيق العدالة بينه وبين المستورد، مشيراً إلى أن الصين تدعم منتجاتها بنسبة مرتفعة.
وأضاف زلط، أن الوزارة لم تأخذ بالأسعار الاسترشادية إلا بعد خروج العمال فى مظاهرات احتجاجية.
وخلال أبريل أعلنت الوزارة الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون تفضيل المنتج المحلى فى المشتريات الحكومية، وعرضه على أعضاء اتحاد الصناعات.
وقال محمد الشبراوي، نائب غرفة صناعة الأخشاب، إن قرار تفضيل المنتج المحلي، تبنته أغلب الحكومات دون تنفيذ ووضع آليات واضحة تنفذها الحكومة على نفسها أولاً، خاصة أن الحكومة نفسها تعتمد على استيراد احتياجاتها من الخارج.
صادرات “الكويز” تحولت لـ”سر حربى”
تمتنع وحدة الكويز بوزارة الصناعة، عن إصدار أى أرقام خاصة بصادرات اتفاقية “الكويز”، للعام الحالى، بعد التراجع الحاد الذى شهدته قيمة الصادرات منذ عام 2011، وكأن الأرقام التجارية أصبحت سراً حربياً لا يمكن الإفصاح عنه.
وقال مجدى طلبة، الرئيس السابق للمجلس التصديرى للملابس الجاهزة، إن سياسة وزارة الصناعة فى التعامل مع أزمات المصانع، لم تساعد على تحقيق نسب نمو فى مختلف القطاعات.. وبالتالى انعكست على أرقام الصادرات، لكل القطاعات الصناعية، بما فيها صادرات “الكويز”.
وأضاف أن الوزارة لا تتعامل بشفافية فى إعلان حجم الصادرات، بعد تراجعها العام الماضى، لتسجل 816 مليون دولار فقط، ليستمر مسلسل انخفاض الصادرات، متوقعا انخفاضا أكبر خلال العام الحالى، رغم أن إمكانيات مصر تمكنها من الوصول بالصادرات إلى 5 مليارات دولار.
وبلغت صادرات “الكويز” 924 مليون دولار خلال 2011، ثم تراجعت إلى 880 مليون دولار فى 2012، وإلى 820 مليون دولار فى 2013، ووصلت لنحو 816 مليون دولار فى 2014.
“الصناعات النسيجية” تنتظر تمثيلاً
رغم اقتراب انتهاء الدورة الحالية لمجلس اتحاد الصناعات 2013 – 2016، إلا أن غرفة الصناعات النسيجية مازالت غير ممثلة، وليس لها مجلس إدارة، لعدم استكمال النصاب وتعيين الوزير للأعضاء الخمسة.
ونتيجة قرار “عبدالنور” بفصل غرفة الصناعات النسيجية عن “الملابس الجاهزة”، استمر الصراع بين الأطراف إلى أن وصل الأمر إلى المحكمة الإدارية العليا التى أيدت نتيجة انتخابات “النسيجية” التى تضم فى أعضائها ممثلين عن
شعبة الملابس. لكن وزير الصناعة ورئيس الاتحاد لم ينفذا الحكم القضائى، وهو ما عرض الوزير ورئيس الاتحاد لعقوبة الامتناع عن تنفيذ حكم قضائى.
ومطلع ديسمبر الماضى، اتجهت الغرفة النسيجية للتصالح مع الطرفين، من خلال التنازل عن القضية بعد وعود “عبدالنور” بحل هذه الأزمة وتعيين الأعضاء الخمسة، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ونتج عنه تجميد عمل الغرفة النسيجية،
وعدم تمثيلها فى أى جلسات واجتماعات رسمية، وعدم مشاركتها فى اتخاذ أى قرار يتعلق بالقطاع.
وكانت محكمة القضاء الإدارى قد قضت فى 23 مارس 2014 بتأييد نتيجة انتخابات غرفة الصناعات النسيجية، وإعلان فوز 10 أعضاء بالتزكية.
وحسمت الانتخابات لصالح محمد المرشدى، والمهندس محمود الشامى، والمهندس هاشم الدغرى، وسيد البرهمتوشى، وعبدالغنى الأباصيرى، وحمدى أبوالعينين، وحسن بلحه، وأحمد شعراوى، وعيسى مصطفى ومحمد نجيب.