ستيفن جين: العاصفة السيئة محتملة فى البرازيل وجنوب إفريقيا.. وبعيدة عن آسيا
خفضت الصين قيمة عملتها “اليوان“، بينما يستعد مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى لرفع أسعار الفائدة.
وتعود هذه السلسة من الأحداث إلى عام 1994 عندما ساعدت جولة من الخفض التنافسى للعملات فى إثارة الأزمة المالية الآسيوية، التى أدت إلى انهيار الشركات والبنوك وانتشار الركود فى معظم أرجاء المنطقة.
فهل تنذر اضطرابات السوق الحالية بأزمة مالية أخرى فى المنطقة؟ .. بالتأكيد توجد أوجه تشابه بين مقدمات الأزمتين السابقة والحالية، ولكن هناك اختلافات مهمة أيضا، إذ تتمتع الاقتصادات الآسيوية هذه المرة بموازنات أقوى من الحساب الجارى، ووضع مالى أكثر رسوخاً، واحتياطات أكبر من النقد الأجنبى، مما يمنح المنطقة ملاءة مالية أقوى مقابل الأزمات.
ورغم ذلك، تتراكم المخاطر جراء سياسة اليوان المفاجئة التى أعلنت عنها الصين يوم 11 أغسطس الحالى، وأثارت الاضطرابات فى جميع أنحاء العالم بدءا من فيتنام إلى كازاخستان، وهددت اقتصادات الأسواق الناشئة الضعيفة من البرازيل إلى تركيا، وازدادت موجة البيع العالمى أمس مع تسجيل مؤشر العقود الآجلة الأمريكى مزيداً من الخسائر.
ويأتى خفض قيمة اليوان، على رأس التباطؤ الحاد فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم وأكبر اقتصاد فى آسيا، فضلا عن الانخفاض الهائل فى أسعار السلع الذى يضر العديد من الدول بدءاً من البرازيل إلى استراليا وماليزيا وجنوب إفريقيا، وتهدد الشركات الصينية الآن باستبدال الصادرات من المنافسين الآسيويين والأسواق الناشئة، فى ظل استعداد «الاحتياطى الفيدرالى» الأمريكى لرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية.
«العاصفة السيئة»
يقول ستيفن جين، المؤسس المشارك لصندوق التحوط «إس إل جيه ماكرو بارتنرز»، إن العاصفة السيئة محتملة فى دول مثل البرازيل وجنوب إفريقيا، وأضاف: «لا أتوقع اندلاع أزمة أو حتى لحظات عصيبة فى آسيا، والسبب الرئيسى هو أن الأزمة الآسيوية عام 1979 طهرت بالفعل النظام المالى فى آسيا.. وبالتالى يجب أن تكون قدرتها على سرعة التغلب على المشاكل أقوى».
وغالباً ما يشار إلى خفض الصين لقيمة اليوان منذ 21 عاما، على أنه سبب مباشر فى أزمة الأسواق الناشئة اللاحقة، فى حين زاد رفع «الاحتياطى الفيدرالى» لأسعار الفائدة فى العام ذاته حدة الأزمة، وفقا لمعهد «لمبارد ستريت» للأبحاث.
ودفع تحرك العملة المفاجئ فى الصين العام الحالى، فيتنام إلى خفض قيمة «الدونج».. وتراجعت عملة كازاخستان بما يزيد على 20% مقابل الدولار الخميس الماضى عندما تخلت البلاد عن سيطرتها على سعر الصرف، وواصل «الراند» الجنوب إفريقى و«الليرة» التركية خسائرهما.
السندات الدولارية
يؤكد ستيفين روتش، زميل بارز فى جامعة «يال»، أن الأزمة الآسيوية كان سببها الربط القوى لسعر صرف العملة بالدولار، واحتياطيات النقد الأجنبى غير الكافية، والتعرض الهائل لتدفقات الأموال.
وأضاف أن الظروف الحالية مختلفة عن السببين الأولين فى إشعال الأزمة الآسيوية، ولكن هناك تشابه واحد مقلق وهو استثمار الصين لنحو تريليون دولار فى السندات المقومة بالدولار، نظرا لأن المستثمرين بدأوا فى بيع «اليوان» بعد أن خفض بنك الشعب الصينى قيمة العملة.
وزاد ضعف قيمة العملة المحلية من أعباء الديون على الشركات الصينية التى تواجه ضغوطا بالفعل، ويتعين عليها الآن دفع المزيد من اليوان لسداد قيمة السندات الدولارية.
وقال روتش، إن آسيا تواجه أيضا نقاط ضعف جديدة مثل اعتماد الاقتصادات الاقليمية اعتماداً كبيراً على الاقتصاد الصينى الآخذ فى التباطؤ، وهذا يعنى أن ضعف الصادرات الصينية سيثير الاضطرابات فى باقى دول آسيا التى تعتمد على الصين.
وأفاد تقرير بنك «أوف أمريكا ميريل لينش»، أن اليوان سيتراجع بنسبة 6.5% مقابل الدولار نهاية العام الحالى وبنسبة 6.9% نهاية عام 2016، ليصل انخفاضه إلى ما يقرب من 10%.
تقلبات سعر صرف اليوان
يقدر ستيفين جين الخبير لدى صندوق التحوط «إس إل جيه ماكرو بارتنرز» أن انخفاض قيمة اليوان بنسبة 10% سيخلق تراجعاً فى قيمة باقى عملات آسيا بين 5 و20%.
وقال خبراء الاقتصاد فى معهد أبحاث «لمبارد إن» فى آسيا، إن فيتنام وتايلاند وكوريا الجنوبية وماليزيا هى الأكثر عرضة لتخفيض قيمة العملة، بينما فى أوروبا، فإن المجر وبولندا هى التى تواجه خطرا.. وقد تعانى تركيا أكثر من غيرها.
وتيرة أبطأ لرفع أسعار الفائدة الأمريكية
تعد أيضا توقعات السياسة النقدية الأمريكية مختلفة جدا، فبينما رفع الاحتياطى الفيدرالى أسعار الفائدة ارتفاعاً كبيرا فى عام 1994، فإن تدهور توقعات النمو العالمى وارتفاع قيمة الدولار يعنى أن احتمالية رفع أسعار الفائدة الشهر المقبل تراجعت إلى أقل من 50%، وفقا لمجموعة «كريدى سويس».