تأجيل الطرح أو القبول بتقييمات منخفضة.. خياران لا ثالث لهما أمام الشركات
منذ عام، بدأ امبراطور الأعمال الصينى”جاك ما”، حملة للترويج لأكبر طرح أولى للجمهور فى العالم وهو إدراج أسهم شركة “على بابا” التى كان يرأس مجلس إدارتها فى بورصة نيويورك، وبلغت قيمة طرح مجموعة التجارة الإلكترونية الصينية 25 مليار دولار.
وخلال ساعات، ارتفع سعر السهم بنسبة 38% إلى 92.70 دولار، مما دفع القيمة السوقية للشركة لأكثر من 230 مليار دولار.
ومع ذلك، انقلبت قصة أكبر طرح عام للجمهور رأساً على عقب يوم الثلاثاء قبل الماضى، إذ دفعت التقلبات في السوق الصينى أسعار أسهم “على بابا” إلى سعر الطرح عند 68 دولاراً للمرة الأولى.
ويبدو أن هذه الاضطرابات ستتسبب في إعادة تسعير أو تأجيل خطط الشركات المفترض أن تطرح أسهمها فى سبتمبر المقبل.
وقال أحد المصرفيون فى لندن، إن معظم البنوك الرائدة تعمل على اكتتابات تتراوح بين 10 و15 طرحاً لكل بنك، وبعضها يتوقع أن تتعدى قيمته مليار دولار.
وأحد أكثر الطروحات ترقباً، هو إدارج أسهم “وورلدباى”، شركة المدفوعات المملوكة لمجموعتى الاستثمار المباشر “أدفينت” و”باين كابيتال”.
ويسعى ملاك “وورلدباى” لطرح الشركة الشهر المقبل، ويأملان أن تصل قيمتها إلى حوالى 6 مليارات جنيه استرلينى، أى تصل للمبلغ الكافى الذى يسمح لها بالانضمام إلى مؤشر “فوتسى 100”.
ويتساءل البائعون والمستثمرون المحتملون هذه الأيام، عما إذا كانت التراجعات الحادة الأخيرة ستؤثر سلباً على معنويات المستثمرين تجاه الأسهم المطروحة.
وعلى امتداد السنوات التى كان فيها السوق صاعداً، كانت شركات إدارة المحافظ الاستثمارية تبيع صناديق الاستثمار المباشر بلا هوادة من خلال إدراجها فى السوق. وسواء استخدم المستثمرون المباشرون الدين أو الرافعة المالية لشراء تلك الشركات، فهم يجدون أن بيعها كأسهم، يعتبر مخرجاً أكثر ربحية من بيعها لمشترين استراتيجيين.
ويبدو أن هذه الآلية على وشك أن تتغير، وتحذر كاثلين سميث، مدير الطروحات فى “رينيسانس كابيتال”، من أن كثيراً من مشتريات الأسهم بالدين ستظهر، وسيعاقب المستثمرون الشركات على الخسائر بشدة.
وأضافت سميث، أنه من الحكمة أن يتأنى من لا يطيقون الانتظار حتى يطرحوا أسهماً، مشيرة إلى أنه عندما يكون مؤشر التقلبات “فيكس” مرتفعاً، يصبح من الصعب أن تؤتى الطروحات الأولية للجمهور الثمار المرجوة منها.
ويتردد المصرفيون عادةً فى إجراء الاكتتابات عندما تكون قراءة مؤشر “فيكس” فوق 20 نقطة، ووصل مؤشر “فيكس” يوم الإثنين قبل الماضى إلى 40.74 نقطة، أى أعلى مستوى منذ أغسطس 2011 عندما كانت أزمة منطقة اليورو فى أوجهها.
وقال مارك هارجريفز، مدير محفظة فى “رويال لندن” لإدارة الأصول، إن الوقت الحالى يعد وقتاً عصيباً على سوق الطروحات العامة للجمهور، موضحاً أنه باعتباره مستثمر فى السوق، فسيعدل توقعاته للأسعار وفقاً للوضع الحالى.
وفى أوروبا، سيصاحب طرح “وورلدباى” الخصخصة المتوقعة لهيئة البريد الإيطالية، وشركة “ديزر”، المنافس الفرنسى لموقع الموسيقى “سبوتيفاى”.
ويقول المصرفيون، إن الاضطرابات قد تؤدى إلى إسقاط بعض الطروحات الأولية للجمهور في أوروبا، لكن من المتوقع أن تستكمل 2 من أكبر الصفقات المؤجلة لوقت لاحق من العام الحالى، وهما ذراع العلوم المادية لشركة “باير” الألمانية للكيماويات، وشركة “هاباج لويد” لتصنيع حاويات الشحن.
وقال مصرفى فى أحد البنوك الاستثمارية فى آسيا لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، إنه فى الظروف الطبيعية، لا ينبغى التفكير فى استكمال إجراءات الاكتتاب فى الوقت الحالى، ليس فقط بسبب التقلبات، وإنما بسبب انخفاض التقييمات بقدر كبير.
ورفضت “هاباج لويد” التعليق، بينما قالت “باير”، إنها تخطط لطرح ذراع العلوم المادية قبل منتصف العام المقبل، رافضة الإفصاح عن مزيد من المعلومات.
وقال أحد المستثمرين الكبار، إن التقلبات بالتأكيد ستدفع الشركات إلى تقييم ما إذا كان السعر يستحق عناء الطرح؟، وإذا استمرت الاضطرابات فسوف تدمر على الأرجح بعض خطط الطرح، بالإضافة إلى بعض الصفقات فى مجال الاندماج والاستحواذ.
وعلاوة على ذلك، يوجد عدد كبير من الاكتتابات المفترض إطلاقها فى هونج كونج على مدار الشهر المقبل، وعلى رأسها بنك “تشاينا هوارونج”، وبنك الاستثمار “سى آى سى سى”، وشركة إعادة التأمين الصينية.
وبينما لم تعرب أى من تلك الشركات عن نيتها لتغيير خططها، فمن المرجح أن تضع موجة البيع في الصين ضغوطاً على أسعارها إذا قررت الاستمرار فى الطرح.
وأظهرت بيانات وكالة أنباء “بلومبيرج” أن هناك طروحات عالمية معلقة بقيمة تتعدى 10 مليارات دولار ، والتى تم الإعلان عنها فى الأشهر الثلاثة الماضية، بما فى ذلك “شريد إت” الكندية لتدمير المستندات، والتى تستهدف جمع حوالى 600 مليون دولار كندى، وشركة “سيرجي بارتنرز” وهى مركز جراحات يستهدف زيادة رأس المال بأكثر من 400 مليون دولار.
علاوة على ذلك، تهدد الاضطرابات الأخيرة بعض الطروحات الأمريكية مثل شركة “بيتكو”، ومشروع مشترك لرعاية الحيوانات الأليفة، وسلسلة بيع الخضراوات “ألبرستون”، ومتجر الأثاث الفاخر”نيمان ماركوس”.
وأصبح سوق التمويل الخاص، الذى جمعت منه شركات التكنولوجيا مليارات الدولارات بتقييمات عالية.
ويقول مصرفى أمريكى، إن حركة التصحيح كانت لتحدث فى مرحلة ما، مضيفاً أنه من الجيد أنها حدثت فى الوقت الحالى.