يتسابق مسئولو منطقة اليورو لإعادة هيكلة الجهاز المصرفى فى اليونان قبل تطبيق القواعد الجديدة التى من شأنها أن تسوية مديونيات الشركات صاحبة الآثار الكارثية على الاقتصاد اليونانى مقابل ودائعها بالبنوك.
قال تقرير للفاينانشيال تايمز إن المفاوضات التى استمرت خلال توالى الحكومات فى أثينا يمكن أن تؤجل الموعد النهائى لإعادة هيكلة القطاع المصرفى اليونانى.
أضاف أنه عندما وافق المفاوضون فى منطقة اليورو على خطة إنقاذ اليونان فى أغسطس الماضى، أيدوا إصرار ماريو دراجى رئيس البنك المركزى الأوروبى بحتمية عدم المساس بودائع البنوك، خاصة لأنه فى هذا التوقيت، كانت الدائنة تدرس اللحاق بحسابات العملاء فى الدولة للحصول على 25 مليار يورو لإعادة إصلاح النظام المالى الذى أوشك على الهلاك من ارتفاع عمليات السحب والاضطرابات الاقتصادية.
ووجدت السلطات الاوروبية حاليا نفسها فى مأزق حال إذا استمرت على وعودها بعدم المساس بالودائع مع إلزامها باستكمال خطة إعادة هيكلة البنوك فى أقل من ثلاثة أشهر وقبل دخول القواعد الأوروبية الجديدة حيز التنفيذ فى يناير القادم المتعلقة بعملية إنقاذ البنوك.
قالت الصحيفة البريطانية إنه وفقا لهذه القواعد المنفصلة، فأى بنك فى منطقة اليورو والذى يقبل المساعدة المالية الحكومية يجب أولا أن يضمن للدائنين نسبة 8% من إجمالى التزاماته. وهذا يعنى أن المودعين سيتمتعون بالحماية الكاملة لودائعهم التى تكون قيمتها أقل من 100 ألف يورو حتى عندما يتعرض البنك لضائقة مالية.
أضافت أن هذه القواعد التى جاءت بدعم من برلين، استهدفت حماية دافعى الضرائب من الاضطرار الى انقاذ تلك البنوك المتعثرة فى المستقبل، مشيرة إلى أن وزراء المالية فى الاتحاد الأوروبى كانت ترغب من هذه القواعد منع تكرار عمليات الإنقاذ الايرلندية وعلى غرار الإسبانية التى من خلالها تحصل الحكومات على عشرات المليارات من اليورو من الديون لدعم بنوكها.
وقال مسئولون بالاتحاد الأوروبى للصحيفة إنهم بحاجة إلى الحصول على صفقة إعادة هيكلة البنوك اليونانية قبل تنفيذ قواعد الـ8%.
واعترف بعض المسئولين أن الاندفاع لتجنب استخدام القواعد الاوروبية الجديدة فى اليونان يثير تساؤلات حول ما إذا كانت صالحة للغرض ولاسيما فى الحالات التى يعتبر فيها النظام المصرفى بأكمله فى أى دولة أوروبية بحاجة إلى الإنقاذ.
وأضافت أن الاتفاق على تلك القواعد جاء فى واحدة من المفاوضات الأكثر دموية سياسيا للأزمة فى منطقة اليورو، لافتة إلى أن القلة فقط هم على استعداد لإعادة فتح باب المناقشة.
وصمم دراجى ويروين دايسلبوم، وزير المالية الهولندى، الذى ترأس الجلسة بأنه لم يكن المقصود من الجدول الزمنى قصير الأجل هو تجنب القواعد الجديدة، ولكن استهدفت القضاء على حالة عدم الوضوح والاستقرار فى القطاع المالى.
قال دايسلبوم «مع بداية الانتعاش الاقتصادى، بما فى ذلك اليونان، ستتوالى الاصلاحات على البنوك».
ومن المتوقع أن تضع القواعد الجديدة الودائع التى تتجاوز الـ100 ألف يورو المنتمية للأفراد وإلى الشركات الصغيرة مرة أخرى فى خطر، على الرغم من أنها ستواجه خسائر فقط بعد ضرب ودائع الشركات الكبرى وبعض الدائنين الكبار الآخرين.
ويعد معظم المودعين فى اليونان فى منطقة الآمان منذ أن استبعد قانون الاتحاد الأوروبى الخسائر على المدخرات التى تقل عن قيمة الـ100 ألف يورو.
أشارت الفاينانشيال تايمز الى أن النافذة لاستكمال إعادة الهيكلة ضيقة، على سبيل المقارنة، أعطيت البنوك مهلة 9 شهور لتغطية العجز فى رؤوس اموالها بعد إجراء اختبارات التحمل على مستوى بنوك الاتحاد الاوروبى فى العام الماضى.
ويرى المسئولون عن العمل على إعادة هيكلة البنوك أن الجدول الزمنى القصير هو أكثر عمليا، ويجرى الاتحاد الاوروبى مراجعة بشكل سريع على جودة أصول البنوك اليونانية بجانب اختبارات التحمل لتحديد التوقيت الذى تحتاجه لإعادة الهيكلة، بهدف الانتهاء منه بحلول أكتوبر المقبل.
أصر أحد المسئولين قائلا «تعمل اللجنة الأوروبية وغيرها من المؤسسات المعنية بشكل مكثف للتأكد من أن عملية إعادة الهيكلة يمكن أن تكتمل كما هو متوقع لها قبل نهاية العام».
وعقبت الصحيفة بأن الاندفاع للانتهاء من المراجعة يمكن أن يؤدى إلى نتائج عكسية، لافتة إلى أن مسئولى الاتحاد الأوروبى يعتقدون أنه كلما تأخرت عملية إعادة الهيكلة، كلما ارتفعت رغبة الأفراد فى اليونان لوضع أموالهم فى البنوك واستئناف تسديد قروضها، وهذا من شأنه أن يقلص من تكلفة إنقاذ البنوك.
وتراجعت الودائع من الأفراد والشركات اليونانية خلال الأزمة اليونانية من 165 مليار يورو قبل الانتخابات المبكرة فى يناير الماضى إلى 121 مليار يورو فى يوليو الماضى، وارتفعت أيضا القروض المتعثرة إلى أكثر من 30% من إجمالى القروض.