الفضائح تطول جنرال موتورز وجوجل ..وتوشيبا تقر بوقوعها فى المحظور
منذ الأزمة المالية العالمية، تكرر على مسامعنا أن سم قاتل فى البنوك، ويقول المراقبون والمنتقدون لأداء العاملين بأسواق المال دائماً، إن رجال ونساء وول ستريت ولندن يجب أن يتعرضوا لثورة ثقافية لإيقاظ ضمائرهم.
ومع ذلك، اتضح أن المصرفيين ليسوا وحدهم، فالمتداولون الذين زوروا مؤشر ليبور – سعر الفائدة بين بنوك لندن لليلة واحدة، وتلاعبوا بأسعار الصرف الأجنبى غشوا العملاء وسرقوا أموالهم، ومؤخرا اكتشفنا أن «فولكس فاجن» تلوث الهواء.
وكان أمام شركة صناعة السيارات عدة خيارات، إما أن تركّب معدات إضافية لتنقية الانبعاثات، أو تعترف بأن سياراتها التى تسير بوقود الديزل ليست ذات كفاءة فى استهلاك الوقود، أو تطلق فى الهواء كميات غير قانونية من أكسيد النيتروجين، واختارت «فولكس فاجن» الخيار الأخير، وغطت عليه بتصميم برنامج يخدع المشرعين الأمريكيين، ولا ينبغى أن يبتهج بقية قطاع السيارات بسبب إحراج “فولكس فاجن”، ففضيحة الانبعاثات جاءت بعد أيام من تسوية بقيمة 1.5 مليار دولار قامت بها “جنرال موتورز” مع السلطات الأمريكية والضحايا، بسبب التستر “بقصد وبعلم” عن عيب فى زر التشغيل ساهم فى حوداث سيارات قتلت 124 شخصا.
واشتملت جولة الغش حول العالم “توشيبا” اليابانية، الشركة العملاقة التى تبدأ منتجاتها من المعدات النووية وحتى أشباه الموصلات، وفرضت البورصة اليابانية غرامة قياسية بقيمة 750 ألف دولار على الشركة، وأمرتها بتحسين الإدارة والضوابط الداخلية بعد فضيحة الأخطاء المحاسبية بقيمة مليارى دولار.
ويذكر تقرير لصحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الفضائح التى طالت القطاع المصرفى فى السنوات الماضية والتدقيق الأكبر عليها، لم يدفعها للسير على الصراط المستقيم، بل إن الجهة التنظيمية للبنوك فى ولاية نيويورك الأمريكية تجرى حاليا تحقيقات فى سوق مالى آخر، وهذه المرة ينتاب السلطات القلق من تلاعب محتمل فى سوق سندات الخزانة الأمريكية بقيمة 12 تريليون دولار.
ولم يكن قطاع التكنولوجيا محصنا ضد الفساد، فقد كشف الباحثون الأوروبيون الأسبوع الجارى أن عملاق الانترنت “جوجل” تفرض رسوما على المعلنين على اليوتيوب، حتى وإن اكتشفت أنظمة تتبع الاحتيال أن “المشاهد” هو إنسان آلي، ورغم أن هذه الممارسة لا ترقى لمستوى تزوير أسعار الفائدة، أو سنوات من الاحتيال المحاسبي، أو الغش فى اختبارات الانبعاثات، إلا أن هذا الكشف يعزز الشعور المتنامى بأن الشركات حول العالم تتعدى الحدود الأخلاقية.
وكان “Everything Everywhere” هو الاسم الذى تبنته شركة هاتف محمول بريطانية تقدم برامج تشغيل وخدمات إنترنت، قبل أن يعاد تسميتها بـ “EE”، والآن يبدو أن هذا الاسم أصبح وصفاً ملائماً للشركات متعددة الجنسيات المستعدة للغش.
ويعد المساهمون والعملاء هم الضحايا الأوضح لتدفق الأخبار السيئة، فهم يشاهدون استثماراتهم تتقلص أمام أعينهم، وسياراتهم يتم سحبها ويدفعون الكثير للغاية مقابل البضائع والخدمات، إلا أن هناك مجموعة أخرى من الخاسرين، تتكون من الموظفين والمساهمين الذين يحاولون اللعب بنزاهة.
وفى أوائل الألفية الثالثة، قلبت شركة تسمى “وورلد كوم” قطاع الاتصالات رأسا على عقب بسبب نشرها بشكل متكرر هوامش ربح لم يستطع منافسوها مجاراتها، واستجابت 5 مجموعات كبيرة – من بينها “AT&T” – بتخفيض عمالتها مجتمعة بنسبة 5%، أى أكثر من 20 ألف وظيفة.
وفى عام 2002، تعرضت “وورلد كوم” لأكبر فضيحة محاسبية فى الولايات المتحدة، وحكم على مديرها التنفيذى بالسجن، ومع ذلك، لم يستعد الموظفون الذين تم تسريحهم من الشركات المنافسة وظائفهم.
ويذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن الأخطاء التى وقعت فيها الشركات الأخرى غير معلومة، خاصة تلك التى تضاهى تزوير “فولكس فاجن” لاختبارات الانبعاثات أو غش “يوتيوب” لعدد المشاهدين، ولكن عندما تظهر الحقائق، ربما يجب على الساسة إقامة معسكرات إعادة تهذيب.