بحث قسم ابتكارات المجتمعات الناجحة فى جامعة برينستون وكالات مناهضة للفساد فى تسع دول هى بستوانا، وكرواتيا، وغانا، واندونيسيا، ولاتفيا، وليثوانيا، وموريشيوس وسلوفينيا، وأجرى الباحثون مقابلات مع ما يزيد على 150 شخصاً من كل المستويات داخل الوكالات وأيضا مع خبراء من خارج الوكالات من أجل التعرف ليس فقط على الإنجازات وأوجه القصور فى هذه الوكالات ولكن الأهم من ذلك التعرف على كيفية تغلبهم على العقبات.
ووجد الباحثون أن الوكالات المناهضة للفساد الناجحة اتبعت عددا من المسارات المشتركة من أجل التغلب على الفاسدين وبناء القوة والمصداقية.
1- بناء القوة من الداخل:
تمكن آليات المساءلة والضوابط الداخلية الوكالات المناهضة للفساد من تنفيذ مهامها وتجنب سوء الاستغلال الداخلى الذى قد يدمر مصداقيتهم، وتتضمن الإجراءات المساعدة تلك التى تركز على التوظيف والتدريب والإدارة الفعالة لفريق عمل نزيه، فضلا عن ضمان أعلى المعايير الأخلاقية لقادة الوكالة.
ورغم أن لجنة القضاء فى اندونيسيا لم تعلن عن أول حالة فساد لما يزيد على عام من البدء فى مزاولة نشاطها، وأمضت هذه الفترة فى تعيين موظفيها من خلال مسابقات عامة وتأسيس قواعد أخلاقية وتدريب محققين وتطوير الإجراءات الداخلية الشاملة، فإن هذا النهج المتأنى تجنب فضيحة الفساد الداخلية التى شوهت مكتب الوقاية من الفساد ومكافحته فى لاتيفيا، حيث تم اكتشاف أن اثنين من موظفيه سرقوا أصولا تمت مصادرتها قيمتها حوالى 300 ألف دولار.
2- إقامة تحالفات ذات نفوذ:
يعد الدعم الخارجى مهماً بالنسبة للوكالات المناهضة للفساد لتفادى المعارضين الأقوياء، ويتطلب تعزيز التحالفات الفعالة مع الجماعات المختلفة الإبداع والاجتهاد على حد سواء.
وسعى مكتب الفساد والجريمة المنظمة فى كرواتيا إلى كسب دعم الإعلام، عبر تدريب أعضاء النيابة العامة فى إدارة العلاقات الإعلامية، مما كسر حاجز ترددهم فى التحدث إلى الإعلام بعد منحهم المهارات اللازمة للقيام بذلك.
وبنت وكالة مكافحة الفساد فى غانا قاعدة الدعم الخاصة بها من خلال الحث على إنشاء منظمات المجتمع المدنى المحلية.
وتتضمن التحالفات المحتملة الأخرى مؤسسات الدولة مثل القضاء والأجهزة المسئولة عن المعلومات والاتصالات، أو الممثلين الدوليين مثل الأمم المتحدة، ومع ذلك قد يكون المواطنون أنفسهم أكثر المدافعين قوة عن الوكالات المناهضة للفساد.
3- وضع المبادئ التى تعزز المهمة:
غالبا ما يُنظر إلى التوعية والتعليم على أنهما أدوات للتصدى للفساد مباشرة، ولكن الجهود الناجحة لتغيير المبادئ أو السلوك فى الحكومة والمجتمع من الممكن أن تعزز أيضا الوكالات المناهضة للفساد.
وعلى سبيل المثال، دربت لجنة مكافحة الفساد المستقلة فى موريشيوس المؤسسات العامة على خطط النزاهة، وقامت بستوانا واندونيسيا بخطوة إضافية، عبر الانخراط مع جماعات الشباب والطلاب للتوعية ضد الفساد بين نطاق أوسع من السكان.
4- اختيار الأهداف بعناية:
يجب أن يقيم رؤساء وكالات مكافحة الفساد مزايا وعيوب التحقيق فى كل قضية فساد بعناية فائقة لأن أى رد فعل أو انتقام غير متوقع يمكن أن يعيق أو يدمر منظماتهم.
فقد أكد مكتب مكافحة الفساد فى لاتيفيا أن نهجه ضد حكام الأقلية خلق تأييدا شعبيا فى أعقاب الأزمة المالية عام 2008، رغم أن ذلك كان مدفوعاً جزئيا من تدابير التقشف التى كانت مفروضة آنذاك، وعلى النقيض عندما حقق مكتب التحقيقات الخاص فى ليتوانيا مع الساسة فى أعقاب الانتخابات التى أجريت عام 2004، لم يحظ بالدعم الشعبى أو الإعلامى اللازم للتغلب على الهجوم الذى واجهه، إذ استقال مدير مكتب التحقيقات، وتراجعت مكانة مكتب التحقيقات الخاص وأصبح لا يشرف سوى على عمليات التعليم وتبسيط العمليات البيروقراطية فى الحكومة.