غياب «ضمان التسويات» يعرقل الاستفادة من T+1.. والتوزيعات النقدية «تطفش» المستثمرين
«الأوراق المالية» تطالب الحكومة بإلزام الشركات بتوزيع الأرباح نقدياً.. وسامى: سلطة مطلقة للعموميات
على الرغم من استحداث آلية الإسراع فى التسوية «T+1» التى تصاعدت نداءات تفعيلها لتحفيز ومضاعفة التداولات، إلا أن تفعيلها بات بلا جدوى، مع استمرار أزمة شح التداولات فى البورصة حتى أصبحت شركات السمسرة مهجورة حسبما وصف مديروها.
وفشلت جميع المحاولات لإنعاش البورصة حتى بعد تأجيل الحكومة المصرية قانون الضرائب على الأرباح الرأسمالية وإعلان الشركات المقيدة عن نتائج أعمال جيدة.
تتراوح متوسطات أحجام التعاملات بالبورصة منذ بداية العام بين 300 مليون جنيه و400 مليون جنيه يوميا.
وتستعد شركة مصر المقاصة لتوفير 500 مليون جنيه تسهيلات ائتمانية لصندوق ضمان التسويات آملاً أن تمثل عاملاً حافزاً لرفع نسب السيولة فى السوق.
وطالب عونى عبدالعزيز رئيس شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية لـ«البورصة»، الحكومة المصرية بضرورة ايجاد آلية لإلزام الشركات المقيدة بتوزيع النسبة المقررة من أرباحها بصورة نقدية بدلاً من توزيع أسهم مجانية على مساهميها، خاصة أنه يمكن إعادة التوزيعات النقدية للاستثمار فى البورصة مرة أخرى، فى الوقت الذى تتجه استثمارات الصناديق بشكل مكثف إلى أسهم التوزيعات النقدية.
وقال عبدالعزيز، إن مزايا الاستثمار فى البورصة تتساقط واحدة تلو الأخرى، ويتكبد العديد من المتعاملين خسائر رأسمالية فادحة يومياً، إلا أنهم يرون توزيعات الأرباح طوق نجاة لتعويضهم عن جزء من خسائرهم إثر التراجعات العنيفة لمؤشرات البورصة.
أضاف أن العديد من الشركات تتجه إلى توزيع أسهم مجانية تفادياً للضريبة على توزيعات الأرباح التى أقرتها الحكومة مؤخراً.
عن مدى استفادة السوق من تطبيق آلية البيع فى اليوم التالى للشراء T+1، أكد أنها غير مفعلة بالشكل الأمثل نظراً للملاءة المالية المحدودة للعديد من شركات السمسرة فى السوق، بالإضافة إلى عدم قدرتها على الاقتراض البنكى لتجنب تحمل مستويات الفائدة المرتفعة.
وقال عبدالعزيز، إن غياب صندوق ضمان التسويات يعرقل دخول سيولة جديدة، متوقعاً أن ترتفع نسبياً بعد اتمام الاتفاق مع البنوك على التسهيلات الائتمانية للصندوق بقيمة 500 مليون جنيه.
ولفت رئيس شعبة الأوراق المالية إلى ضرورة تصميم حملات وبرامج ترويجية للاستثمار فى البورصة ومزاياها وذلك لجذب فئة جديدة من المتعاملين إلى السوق.
وقال شريف سامى رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لـ«البورصة»، إن الجمعيات العمومية للشركات المساهمة تملك الحق المطلق فى اتخاذ ما تراه مناسباً من قرارات تخص إدارات شركاتها من توزيع أرباح أو انتخاب مجلس إدارات، مؤكداً أن إقدام الحكومة على إلزام الشركات بتوزيع أرباحها بصورة نقدية يمثل مسماراً فى نعش البورصة.
ولفت إلى ان اتخاذ قرار توزيعات الأرباح يتم بالأغلبية البسيطة طبقاً لقانون الشركات التى تمثل 50% +1 من الجميعة العمومية للشركة وهو ما يعنى قدرة اغلبية المساهمين حال اتفاقهم على صيغة التوزيعات على توجيه دفة مجلس الادارة صوب ما يرونه من قرارات مناسبة.
وذكر أن مجلس إدارة الشركة ليس كياناً منفصلاً عنها، وأن الجمعية العمومية تختار مجلس الإدارة لذا فهى مسئولة عن اختيارها بحسب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية.
وفيما يخص دور صندوق ضمان التسويات فى دعم آلية الإسراع فى التسوية، قال محمد عبدالسلام، رئيس مجلس إدارة شركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزى لـ«البورصة»، إن إدارة الاستثمار فى الشركة تتفاوض مع مجموعة من البنوك لاختيار تحالف بنكى يفوز بتدبير التسهيلات الائتمانية للصندوق، متوقعاً أن يتم الاستقرار على التحالف البنكى خلال أيام.
وذكر أن تكلفة التسهيلات الائتمانية لصندوق ضمان التسوية ستتحملها شركات الوساطة فى الأوراق المالية، وأن التسهيلات المقدمة من الصندوق بديل عن اقتراض الشركات من البنوك التى قد تكون بسعر فائدة أعلى من المستويات السعرية التى يتم التفاوض عليها مع البنوك فى الوقت الحالي.
وقال عبدالسلام، إن الحاجة إلى تدشين صندوق لضمان إتمام التسويات ظهرت بعد إعلان البورصة المصرية تفعيل آلية البيع فى اليوم التالى للشراءT+1، والتى أظهرت عجز العديد من شركات السمسرة ذات الملاءة المالية المنخفضة عن توفير السيولة اللازمة لاتمام جميع عملياتها تحت مظلة الآلية الجديدة، وعقب تطبيق الآلية الجديدة باتت التسوية الورقية للأسهم بنظام T+1، إلا أن التسوية النقدية لاتزال بنظام T+2.
فيما قال أيمن صبرى رئيس مجلس ادارة شركة «أصول» لتداول الأوراق إن آلية T+1 الحالية معقدة للغاية، وأنها تحتم على العميل عند بيع اسهمه تحصيل سداد معجل لقيمة الأسهم وهذا بخلاف ما يطلبه العميل.
وشدد صبرى، على ضرورة تعديل هذه الآلية بما يتناسب مع متطلبات السوق والعملاء لجذب كثير من المستثمرين للتداول بـ T+1، خلاف تسهيل الملاءة المالية لكثير من الشركات الصغيرة فى ظل الركود الذى تشهده البورصة بالوقت الراهن، مضيفاً أنه قام بتقديم دراسة وافية لمصر المقاصة تخص الحلول المقترحة لمعالجة معوقات هذه الآلية، إلا أنها لم يبت فيها بعد.
فى حين اعتبر عادل عبدالفتاح رئيس مجلس إدارة «ثمار» للتداول الأوراق المالية آليةT+1 السبب فى تجميد السوق بالوقت الراهن، وأنها غير مفيدة على المدى المتوسط، وتحقق نمواً بأحجام التداولات على المدى القصير فقط.
واستنكر على الشركات الصغيرة الضجر من عدم التمكن بتطبيق الية T+1 والسعى وراء وجود صندوق ضمان التسوية، على الرغم من أن الشركات الكبيرة التى تطبق هذه الآلية للغالبية العظمى من عملائها لم تتمكن من تحقيق نمو فى عوائدها المدارة من خلاله.
وقال سعيد هلال رئيس شركة الهلال السعودى للسمرة فى الاوراق المالية، إن أزمة السيولة فى السوق المصرى تعود إلى اتجاه العديد من المتعاملين لتسييل محافظهم الاستثمارية لشراء شهادات استثمار مشروع قناة السويس الجديدة.
أضاف: «الناس زهقت من البورصة وقالت تشترى دماغها بعائد 12% سنويا بدل وجع القلب».
ولفت إلى أن شركته اجّلت خططتها التوسعية بالحصول على رخص جديدة مثلما كانت تستهدف مطلع العام الجارى بسبب ضعف مراكزها المالية عقب ضعف السيولة.
وضرب المثل بشركته التى يبلغ رأسمالها 5 ملايين جنيه، والتى بلغ اجمالى ما نفّذته من عمليات خلال جلسة بالاسبوع الجارى تصل 240 الف جنيه فقط من اجمالى أصل تنفيذات السوق فى هذا اليوم بلغت 185.7 مليون جنيه.
جدير بالذكر أن 62 شركة مقيدة بالبورصة، قررت توزيع أرباح نقدية بقيمة إجمالية بلغت 7.6 مليار جنيه، منذ إقرار الضرائب على توزيعات الشركات المقيدة، مطلع العام المالى الحالى، وبلغ عدد الشركات المقيدة التى قامت بتوزيعات خلال فترة المقارنة فى العام المالى 2013-2014 نحو 82 شركة بحصيلة 11.4 مليار جنيه.
فيما قررت 20 شركة عدم توزيع أرباح عن أرباح عام 2014، وقلصت 34 شركة التوزيعات النقدية من بينها «الشمس للإسكان» و«ايجيترانس» و«الغربية الإسلامية»، بالإضافة إلى عدد كبير من الشركات.
من جانبه، قال عمرو الألفى، رئيس قسم البحوث بشركة «مباشر» لتداول الأوراق المالية، إن ضريبة التوزيعات اسهمت فى توجه مجالس إدارات الشركات المقيدة إلى استبدال التوزيعات النقدية بترحيل الأرباح، خاصة مع فتح شهية الشركات على التوسع بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
وكانت البورصة المصرية قد أشارت فى استراتيجيتها للفترة من العام 2013 وحتى 2017، إلى اعتزامها تدشين حملات ترويجية للبورصة فى الداخل والخارج.
وقال الالفى: «يجب التنسيق بين عدد من بنوك الاستثمار المحلية والشركات المقيدة وتوحيد جهودها لعقد عدد من حملات الترويج الخارجية تحت رعاية البورصة المصرية لإعادة جذب المستثمرين الأجانب والمؤسسات إلى السوق المحلى، على أن تتوجه تلك الحملات لأسواق مختلفة وعدم التركيز على سوق واحد على أن تتم بصورة ربع سنوية على الأقل».
وذكرت البورصة المصرية: «سنركز على عقد حملات ترويجية مكثفة خلال الفترة القادمة لتغيير الصورة الذهنية للمجتمع المحلى عن البورصة وزيادة معدلات مشاركة الأفراد فى البورصة المصرية، حيث تعتبر معدلات مشاركة الأفراد فى مصر منخفضة للغاية مقارنة بالأسواق الأخرى وهو ما يرجع بالأساس إلى الصورة السلبية المترسخة فى أذهان الأفراد عن البورصة التى تحتاج إلى تعامل مكثف لتحسينها».
فيما لم تتضح أى معالم لحملات ترويجية قامت بها إدارة البورصة المصرية حتى اكتوبر من العام 2015، باستثناء مؤتمر الطروحات الثانى الذى عقدته البورصة المصرية فى يونيو الماضى، فيما تعبر أحجام التداول فى السوق حاليا عن مدى تأثير ما تقوم به البورصة المصرية من حملات ترويجية ويبقى الحكم لأوساط المتعاملين فى السوق.