محللون: مخاوف الدولرة فى المقام الأول.. وتكلفة الاستثمار لا تعوق النمو
أثار انخفاض معدلات التضخم الأساسى خلال الخمس شهور الماضية بنحو 2.63% التساؤلات حول موقف البنك المركزي تجاه ملف أسعار العائد الفترة المقبلة ودوره فى تحفيز معدلات النمو من خلال تخفيض تكلفة الإقراض.
وسجلت معدلات التضخم الأساسى انخفاضاً بنحو 0.06% خلال سبتمبر الماضى لتصل إلى 5.54% وفقاً لبيانات البنك المركزى، وذلك التراجع استمرار لسلسلة انخفاضات بدأت مايو الماضى، سجل معدل التضخم 8.06 على أساس شهرى نزولاً إلى 5.54% خلال سبتمبر الماضى.
وعلى الرغم من انخفاض معدلات التضخم خلال الشهور الماضية، نتيجة تراجع الأسعار عالمياً، وثبات قيمة الجنيه مقابل الدولار، إلا ان البنك المركزى واصل سياسة تثبيت أسعار العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة لتستقر عند 8.75% للإيداع و9.75% للإقراض واستقرار سعر العملية الرئيسية عند 9.25%.
ويرى محللون وخبراء اقتصاد، أن هناك اعتبارات متعددة ينظر لها البنك المركزى عند تسعير الفائدة بخلاف معدلات التضخم، مشيرين إلى أن أزمة الدولار وإشكالية الحفاظ على قيمة العملة المحلية تعد من الأسباب التى يعتد بها المركزى فى المقام الأول.
وخفض البنك المركزى الجنيه مقابل الدولار بنحو 60 قرشًا منذ 18 يناير 2015 حتى الآن، وسط اشتعال المضاربات فى بعض الأيام من قبل بعض التجار والشركات الكبرى، نظرًا لنقص المعروض من العملة الأمريكية بالبنوك فى ظل الحجم الكبير للطلبات المعلقة ليتجاوز سعر صرف العملة الأمريكية حاجز 8.30 جنيه فى السوق الموازى.
وقال هانى جنينة رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إنه من المنطقى فى الأوضاع الاقتصادية الطبيعية خفض أسعار العائد مع تكرار تراجع معدلات التضخم المتوالى، ولكن فى الأوضاع غير المستقرة التى يعانيها الاقتصاد حالياً، فإن أزمة الدولار تحتل المقام الأول، لافتاً إلى أن المركزى يراعى جميع التأثيرات المباشر أو غير المباشر على سوق الصرف وقيمة العملة المحلية.
أضاف جنينة، أن خفض العائد على العملة المحلية حالياً هو دعم لعمليات الدولرة وتراجع لقيمة العملة المحلية، مشيراً إلى أنه على الرغم من الاستهداف الدائم لكبح معدلات التضخم من قبل البنك المركزى بالتوازى مع دفع النمو، إلا ان هناك تنسيقاً واضحاً بين البنك المركزى والمالية، خاصة مع تأزم الأوضاع الاقتصادية والعمل على تفادى التأثيرات السلبية لبعض القرارات.
واستبعد جنينة، أن يكون قرار المركزى بعدم خفض أسعار الفائدة مراعاة للاعتبارات الاجتماعية، مشيراً إلى أن مستويات التسعير حالياً مرتفعة وشريحة المتعايشين على أسعار العائد تتحمل تأثيراً سلبياً محدوداً، مقارنة بأولويات الاقتصاد حال استحقاق الخفض.
وأشار جنينة إلى موقف البرازيل برفع أسعار العائد لديها خلال عامين، متوالين على الرغم من تزايد الانكماش الاقتصادى لديهم بنحو 3%، لافتاً إلى ان المركزى البرازيلى خفض قيمة عملته بنحو 35%، مقارنة بالدولار.
وقال أشرف سالمان وزير الاستثمار، إن الاقتصاد المصرى نما بمعدل 4.1% خلال العام المالى الماضى، متوقعاً ان ينمو بمعدل بين 5% و5.2% بنهاية العام المالى الجارى.
واستبعدت زينب هاشم رئيس قطاع الخزانة بالبنك الأهلى سابقاً ونائب العضو المنتدب لبنك أبوظبى الإسلامى خفض البنك المركزى للعائد على الجنيه، على الرغم من تراجع التضخم خلال الخمس شهور الماضية.
وأرجعت هاشم الانخفاض فى التضخم الأساسى لتراجع الأسعار العالمية للبترول والذهب بالإضافة إلى ثبات أسعار الجنيه مقابل الدولار الأمريكى الفترة الأخيرة، وترى هاشم أن قرار خفض الجنيه غير مناسب للأوضاع الراهنة، كما ان تحفيز النمو يتطلب تهيئة المناخ الاستثمارى وضبط أسواق الصرف قبل تخفيض التكلفة، لافتة إلى أن المستثمر يهتم باستقرار الأوضاع الاقتصادية قبل دراسة التكلفة.
وتوقعت هاشم استمرار تطبيق البنك المركزى لسياسة تثبيت التسعير على الإيداع والإقراض لحين تغيير الأوضاع الاقتصادية ولزوم اتخاذ قرار مغاير.
وقال مسئول خزانة بأحد البنوك الخاصة، إن المركزى يدرس جميع الجوانب والتأثيرات وراء القرارات التى ينتهجها، مبرراً إبقاء المركزى على أسعار الكوريدور دون تخفيض على الرغم من تراجع التضخم إلى مخاوف تزايد الدولرة بعد تراجع العائد على العملة المحلية.
أضاف أن العملة المحلية تتطلب دعماً ومساندة فى ظل الارتفاعات المتوالية على الدولار، مشيراً إلى أن فارق العائد المرتفع بين الجنيه والعملة الخضراء بمثابة الداعم الأول للتوازن بين العملتين.
واستبعد المسئول تحريك البنك المركزى لأسعار العائد على الكوريدور حالياً سواء بالخفض أو بالزيادة.