أثارت قرارات البنوك العامة الكبرى متمثلة فى بنكى الأهلى ومصر الأيام الماضية تساؤلات حول إدارة السياسة النقدية فى مصر حالياً، ومن يقوم بتوجيهها هل هو المحافظ الحالى للبنك المركزى، أم المحافظ الجديد، والذى سيتولى مهامه الرسمية نهاية الشهر؟.
وعقب الإعلان عن تعيينه محافظاً للبنك المركزى بدءاً من 27 نوفمبر المقبل عقد طارق عامر سلسلة اجتماعات مع المصدرين ورؤساء عدد من البنوك وغيرهم لإيجاد حلول لمشكلة نقص العملة الأجنبية وتاثيرها السلبى على حركة التجارة الخارجية.
وبعدها بأيام قامت البنوك بتمويل الواردات من مواردها الذاتية مقابل دفع الشركات 110% من قيمة الصفقات بالعملة المحلية، وهو ما وجد صدى طيباً لدى كبار المستوردين، وقبل يومين أطلق أكبر بنكين فى السوق أوعية ادخارية جديدة بفائدة مرتفعة قياساً ببقية المنتجات الادخارية الأخرى فى السوق، وهو ما قالت مصادر، إنه تم بتنسيق كامل مع محافظ البنك المركزى الجديد.
ولبى بنكا الأهلى ومصر جميع قوائم الانتظار المعلقة لديهما خلال الأسبوع الماضى، والتى تجاوزت 800 مليون دولار، اعتماداً على مواردهما الذاتية من الدولار، وربط مصرفيون ومحللون بين اجتماع المحافظ الجديد برؤساء مجالس إدارات البنوك العامة نهاية الشهر الماضى للوقوف على معطيات وحلول أزمة توفير العملة الأجنبية وبين قرارات البنوك الاخيرة ووصف مسئول بالبنك المركزى الفترة الحالية بمرحلة تسليم وتسلم بين الإدارتين الجديدة والراحلة، مشيراً إلى ان قرارات هشام رامز تتمثل فى تسيير الأعمال والتوقيع على الإجراءات الروتينية اليومية ومتابعة سير العمل دون اتخاذ قرارات جوهرية يكون لها رد فعل الأيام المقبلة.
ودلل المسئول على ذلك بالاجتماعات المتتالية التى عقدها طارق وعامر الفترة الماضية مع عدد من رؤساء البنوك وشعبة الصرافة واتحاد الصناعات للوقوف على أهم الملفات والأزمات ليتم وضع خطط لمواجهتها والتغلب عليها.
أفاد المسئول، أن اجتماعات عامر بالمستثمرين والبنوك جاءت فى إطار ودى غير رسمى، وبالتالى فالسياسات التى يتم تطبيقها شفهية وسيتم اعتمادها عقب تولى عامر رسمياً إدارة البنك المركزى.
وأشار المسئول إلى أن تحريك البنوك العامة لسعر العائد على الشهادات بنحو 2.5% أمس جاء بناءً على توجيهات من طارق عامر لحشد أكبر سيولة بالسوق ومواجهة شبح التضخم ووقف عمليات المضاربة.
وتوقع المسئول، أن يشهد العائد على الشهادات بالجنيه المصرى تزايداً خلال الفترة القادمة على خلفية توجه البنوك العامة لرفع سعر العائد على الأوعية الادخارية لديها، وتختلف السياسات الجديدة عن أسلوب محافظ البنك المركزى الحالى هشام رامز، والذى اتخذ من القضاء على السوق غير الرسمى لبيع الدولار هدفاً له، وأصدر قرارات تصب فى هذا الاتجاه وهو ما تسبب فى أضرار كبيرة لحركة التجارة الخارجية لمصر طالت حتى المصدرين والصناعات التى تستورد مدخلات إنتاجها من الخارج، وهو ما يسعى عامر لتغييره.
ومن جانبه، قال محلل مالى بأحد بنوك الاستثمار، إن بنكى الأهلى ومصر وسائل الحكومة لتعديل السياسات أو اتخاذ قرارات مالية، مشيراً إلى أن التغير المفاجئ فى أسعار عائد البنكين من خلال منتجات جديدة وبتلك المعدلات التى بلغت 2.5% من الضرورى ان تكون وفقاً لتوجهات المركزى.
وأشار إلى أن اختلاف السياسات التى انتهجها كبرى البنوك العامة الأيام الماضية تدعم وجود تدخلات غير رسمية من قبل طارق عامر محافظ البنك المركزى الجديد، لافتاً إلى أن الاجتماعات المتكررة بين عامر ورؤساء البنوك ووزير الصناعة وبعض المستثمرين تؤكد وضوح توجهات الإدارة الجديدة وترتيبها للأولويات بعد تولى إدارة المركزى رسمياً.
وتوقع أن تكون الإجراءات التى طبقتها البنوك العامة من تلبية القوائم المعلقة بالدولار ورفع العائد جزءاً، تمهيداً لإجراءات وقرارات رسمية أخرى يسعى عامر لتطبيقها الشهر المقبل.
وأشار رئيس مجلس إدارة أحد البنوك العامة إلى أن الاجتماع الذى عقده المحافظ الجديد مع بعض رؤساء البنوك منذ 10 أيام كان بهدف الاطلاع على حجم الطلبات المعلقة بالدولار وإمكانيات البنوك فى تلبيتها، ولم يناقش سوى تلك القضية التى يوليها اهتماماً بالغاً.