دور الشركات سيكون حاسماً فى تمويل المرحلة الثانية من ثورة الطاقة النظيفة
يجب على الساسة تطوير الأطر التنظيمية بطريقة نزيهة للحفاظ على الزخم فى القطاع
بينما يناقش العالم مشكلة تغير المناخ فى قمة باريس، من الجدير إلقاء نظرة على كيفية اتخاذ الاقتصادات الناشئة فى مصر والأردن زمام المبادرة لتحفيز القطاع الخاص على تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة.
ووافق مؤخرًا البنك الأوروبى للتنمية وإعادة الإعمار على تخصيص 500 مليون دولار لدعم برنامج الطاقة الشمسية الجديد فى مصر، فى أعقاب تخصيص 250 مليون دولار لتوليد الطاقة المتجددة لتُباع مباشرة إلى مستهلكى القطاع الخاص فى دول المغرب، تونس والأردن.
وجعلت مصر والأردن استثمار القطاع الخاص جاذبًا من خلال استحداث سياسات شفافة ومواتية للشركات، ما مكنهم من ضرب عصفورين بحجر واحد – أى سد النقص فى إمدادات الطاقة ومحاربة تغير المناخ.
وأيا كان شكل الاتفاق النهائى بقمة المناخ فى باريس، فمن المؤكد أن الاستخدام المتزايد للطاقة المتجددة سيلعب دورًا محوريًا فى مساعدة الدول على الوفاء بالتزماتهم المناخية، كما أن دور القطاع الخاص سيكون حاسما فى تمويل المرحلة الثانية من ثورة الطاقة المتجددة.ويواجه المستثمرون فى قطاع الطاقة المتجددة العديد من التحديات، إذ أنهم يتحملون تكاليف ضخمة مقدمًا ولا يحصلون على عائدات إلا بعد سنوات عديدة، فضلا عن أن العديد من خصائص أنظمة الطاقة، مثل الشبكات الكهربائية وأنظمة الاتصال وقواعد سوق الكهرباء، صُممت لتعكس خصائص مصادر الطاقة التقليلدية والتى يجب ملائمتها مع حقبة الطاقة المتجددة.
وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز» فى تقريرها أنه على الرغم من تمتع مصر والأردن بمصادرة ممتازة للطاقة الشمسية، فإنهما يعانيان من مشاكل الطاقة.
فى مصر، يشكل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى والحاجة إلى استيراد البترول والغاز تحديات هائلة للاقتصاد، فى حين تعتمد الأردن كليًا تقريبًا على استيراد الوقود الأحفورى.
وتستطيع مصر والأردن استخدام ما لديهما من إمكانات الطاقة المتجددة والمساحات الوفيرة للحد من الاعتماد على الطاقة الهيدروكربونية، ولكن لتحقيق ذلك، تحتاج الدولتان إلى جذب شركات القطاع الخاص، لذلك، بدأ الساسة منذ فترة فى اتخاذ الخطوات اللازمة وبدأت النتائج فى الظهور.
وحددت استراتيجية الطاقة الصادرة عام 2007 فى الأردن خططًا لضمان توليد 10% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة مطلع عام 2020، وبعد بداية بطيئة، يعمل صانعى السياسة وحاملى المخاطر معًا فى إطار يؤدى إلى التوصل لمشروعات قابلة للتمويل.
وتم استحداث تعريفة التغذية التى أدت لإطلاق 12 مشروع للطاقة الشمسية بسعة إجمالية تبلغ 200 ميجاوات، ويعمل البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية مع السلطات الأردنية على إطار العمل التعاقدى لضمان توفير الاستقرار للمستثمرين مع توزيع عادل للمخاطر.
وتلقت مشروعات الطاقة تلك تعريفات بقيمة 16.9 سنت لكل كيلو وات فى الساعة، ومن المتوقع أن تبدأ المحطات الأولى فى الإنتاج بحلول نهاية العام الجارى.
وتلى ذلك جولة أخرى فى مايو 2015، عندما تحول الساسة – بتشجيع من المؤسسات المالية العالمية – إلى المناقصات التنافسية، وحققت هذه المناقصات – التى تعد نهجًا أكثر اعتمادًا على السوق – تخفيضات هائلة فى التكلفة، وتم ترسية 4 مشروعات طاقة شمسية بقدرة 50 ميجا وات بسعر من 6 إلى 8 سنتات لكل كيلو وات/ساعة.
وبالإضافة إلى إنتاج طاقة بتأثير منعدم تقريبًا على البيئة، ستسمح مشروعات الطاقة للأردن بتوفير الأموال من وارادت الوقود السائل باهظة الثمن.
وتوضح التجربة الأردنية فرص صناع السياسية فى ضمان تخفيض تدريجى لتكاليف الطاقة، والحفاظ على ثقة المستهلك فى نفس الوقت.
وهذا النجاح يعكس تجربة دول أخرى مثل البرازيل، وجنوب أفريقيا، حيث تأخذ الجولة الأولى من المشروعات وقتًا طويلًا، وتكون صعبة قليلًا، ولكنها ستضع الأساس لعروض لاحقة عالية التنافسية بمجرد أن يثق المستثمرون فى السوق.
ويذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن مصر وضعت هدفًا طموحًا يستهدف إنتاج 20% من إجمالى احتياجات الطاقة من المصادر المتجددة بحلول 2020، وعمل الساسة مع مساهمين، بما فى ذلك البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، لضمان أن يقود إطار الدعم للطاقة المتجددة إلى مشروعات قابلة للتمويل.
والآن، تعمل مصر لتحقيق هدفها من خلال طرق عدة، ويتم إعداد مرافق واسعة النطاق من خلال مناقصات فردية، وبجانب ذلك، تستخدم مصر نظام تعريفة التغذية لإنشاء مشروعات طاقة شمسية ورياح بقدرة تصل إلى 50 ميجاوات لتحقيق المستوى المستهدف خلال عامين عند 4300 ميجا وات.
وجاء اهتمام المستثمرين كبيرًا، حيث تقدم أكثر من 100 متقدم لإنشاء وتشغيل مشروعات طاقة شمسية، ومحطات رياح بنظام تعريفة التغذية.
وفى وقت سابق من العام الجارى، جذبت مصر مناقصة لإنشاء محطة رياح بقدرة 250 ميجاوات بسعر 4 سنت لكل كيلو وات/ساعة فى خليج السويس، وهى أحد أقل الأسعار المقدمة مقابل طاقة الرياح فى العالم.
وتقول «فاينانشال تايمز»: إن الأسعار المنخفضة تعنى أن الدولتين يمكنهما تنويع مصادر طاقتهم من الطاقة المتجددة دون الاعتماد على المزيد من التمويل الحكومى.
وفى حالة مصر، قد يعنى الاكتشاف الضخم لحقل غاز فى البحر المتوسط أن الدولة على المدى المتوسط لن تحتاج إلى استيراد الغاز، ومع ذلك، تعنى التكلفة الحالية للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة أن الغاز يمكن استغلاله بالكامل للتصدير.
وللحفاظ على الزخم فى قطاع الطاقة المتجددة، ينبغى على الساسة الالتزام بإطار العمل الموضوع، والوفاء بوعودهم، وتطوير الأطر التنظيمية بطريقة شفافة، ومتوقعة، ونزيهة.