قالت وكالة أنباء «بلومبيرج » إن هناك قطنا فى المخازن العالمية يكفى لصنع أكثر من 127 مليار قميص بنصف كم «تى شيرت»، أو بالأحرى 17 لكل شخص على وجه الأرض، ولاشك أن هذه أخبار سيئة للمستثمرين الذين يراهنون على ارتفاع الأسعار.
وأشارت توقعات لوزارة الزراعة الأمريكية، الأسبوع الماضي، إلى أن المخزون العالمى من القطن فى نهاية هذا الموسم سيكون ثانى أكبر مخزون على الإطلاق فى تاريخه، غير أنه يقل قليلا عن الرقم الذى تم تسجيله بالعام الماضي، وهذه إشارة إلى أن مخزون القطن سيبقى كبيرا حتى بعد خفض الوزارة لتوقعاتها بشأن الإنتاج، ورفعت صناديق التحوط رهانات القطن المتفائلة لأعلى مستوى لها فى أكثر من عام، إلا أنها وجدت نفسها فى مواجهة أول هبوط أسبوعى للأسعار منذ أوائل نوفمبر الماضي.
وذكرت «بلومبيرج» أن القطن هو السلعة الأفضل أداء هذا العام نتيجة التهديدات التى تعرض لها المحصول الأمريكي، إلا أن المكاسب قد لا تستمر مع تباطؤ الطلب، كما أوضحت اللجنة الاستشارية الدولية للقطن أن الصين، أكبر مستهلك فى العالم، حدت من واردات القطن بأكثر من 30%، وهو ما ساعد على تقليص التجارة العالمية للعام الرابع على التوالي.
قالت فيونا بوال، مدير أبحاث السلع فى شركة «فولكروم أسيت ماندجمنت»، ومقرها لندن، والتى تشرف على أصول بقيمة 3.7 مليار دولار: «كما هو الحال مع معظم السلع الأساسية حاليا، ليس هناك نقص فى معروض القطن، ولكى يعود النشاط لأسواق القطن، نحتاج لرؤية تغيير فى أحوال الطقس أو شيء آخر لإثناء منتجي نصف الكرة الشمالى عن زراعة القطن، وخلاف ذلك، فإنه من الصعب أن نرى الأسعار تتحرك لأعلى بقدر كبير».
وأشارت بيانات هيئة تداول السلع الآجلة الأمريكية، التى صدرت منذ ثلاثة أيام، أن مديرى الأموال عززوا صافى حيازاتهم طويلة الأجل فى القطن بنسبة 26%، لتصل إلى حوالى 60.357 عقد فى الاسبوع المنتهى فى 8 ديسمبر الجاري، وهو أعلى مستوى لها منذ مايو 2014، وتراجعت الأسعار فى بورصة نيويورك بنسبة 1.5% الاسبوع الماضى لتصل إلى 63.71 سنت للطن.
الجدير بالذكر أن القطن يعتبر واحدا من اثنين فقط من السلع الرابحة العام الجارى ضمن «مؤشر بلومبيرج»، المكون من 22 سلعة، وانخفض المؤشر لأدنى مستوى له منذ 16 عامًا.
وبدأت الانتعاشة التى حققتها تلك السلعة فى التلاشى، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 5.7 فى المائة فى عام 2015، وهو ما أنهى معدل ارتفاع كان يصل إلى 13%.
عاقت الأمطار الغزيرة عملية جنى محصول القطن بالولايات المتحدة، أكبر مصدر له بالعالم، ومن المتوقع أن تخفض الصين والهند انتاجهما أيضًا، ولكن هذا ليس كافيا لتخفيض المخزون العالمى بقدر كبير، والذى تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية أن ينخفض بنسبة 6.8% عن أعلى مستوياته العام الماضي، كما أن المخزونات ستكون أعلى أيضًا بنسبة تتجاوز الـ 35% من متوسط معدل 10 أعوام.
وهناك دلائل أخرى على أن الإنتاج سينتعش، خاصة وأن تقريرا لوزارة الزراعة الأمريكية، الجمعة، بيّن أن المزروعات سترتفع بنسبة 13% لتصل إلى إلى 9.5 مليون فدان فى العام المقبل، كما يتوقع بنك «سوسيتيه جنرال إس ايه» أن متوسط الأسعار سيبلغ 62.9 سنت فى الربع الأول و62.7 سنت فى الربع الثانى من العام المقبل.
وقال كريستوفر نارايانان، رئيس قسم البحوث الزراعية بـ«سوسيتيه جنرال» فى نيويورك، خلال اتصال هاتفى مع الوكالة الأسبوع الماضي، إن الأسعار ستنخفض أكثر جراء تباطؤ الاقتصادات العالمية وتغير أذواق المستهلكين نحو الألياف الاصطناعية.
ومع ذلك، يعد انتاج الولايات المتحدة أسوأ مما كان متوقعًا بعد تراجع حالة المحصول طوال موسم النمو، وخفضت الحكومة، الاسبوع الماضي، توقعاتها بشأن الانتاج المحلى بنسبة 1.9% ليصل إلى 13.03 مليون بالة، فى ضوء انخفاض الإنتاج فى شمال وجنوب ولاية كارولينا، وكان محللون قد توقعوا الوصول إلى 13.17 مليون بالة، وتزن البالة 480 رطلاً (218 كجم).
وقال تريسى ألين، كبير محللى قسم السلع الأساسية فى «رابو بنك» فى لندن خلال مكالمة هاتفية: «تعرض المنتجون لمخاطر الطقس، وهذا من شأنه دعم الأسعار مع الانخفاض البطىء للمخزونات، ولكن أرى التحديات التى تواجه القطن فى الوقت الراهن، تكمن فى ضعف الطلب نسبيًا».