بقلم: إيلى ليك وجوش روجين
كان الأعضاء فى الكونجرس الأمريكى يعلمون، أن الاتفاق النووى مع إيران يأتى معه بقيود، ولكنهم لم يعرفوا حجمها.
وعندما قدمت الحكومة الأمريكية الاتفاق إلى الكونجرس، قيل للمشرعين أن أى عقوبات جديدة ستنتهك الاتفاق، والآن، تحاول الحكومة تهميش مشروع قانون تم تمريره حديثاً ويتعلق بتضييق القواعد على تأشيرات من زاروا إيران من قبل.
ومنذ التوصل لاتفاق الصيف الماضى، كان تركيز الولايات المتحدة على إتمام الاتفاق أكبر بكثير من جهودها للضغط على إيران، ومنذ ذلك الوقت، احتجزت السلطات الإيرانية 2 يحملان جنسيتين من بينهما الجنسية الأمريكية، وحكمت على الثالث بتهمة التجسس، وقال معظم المراقبين، إن التهم ملفقة.
كما قام الجيش الإيرانى باختبارين للصواريخ، أحدهما قالت عنه الأمم المتحدة، إنه ينتهك العقوبات، كما اشتركت فى هجمات مع روسيا فى سوريا لدعم ديكتاتور الدولة، بشار الأسد.
وفى أحدث الأمثلة على جهود الولايات المتحدة لطمأنة إيران، تحاول وزارة الخارجية جاهدة على التأكيد لإيران أنها لن تفرض قوانين جديدة من شأنها زيادة التدقيق فى تأشيرات الأوروبيين الذين زاروا إيران ويخططون للمجىء للولايات المتحدة.
وتوجد مخاوف فى إيران من أن تؤدى القواعد الجديدة المتعلقة بنظام الإعفاء من التأشيرة «الذى يسمح للمسافر البقاء فى دولة ما لمدة 90 يوماً أو أقل دون تأشيرة»، إلى إعاقة رجال الأعمال الراغبين فى افتتاح مشروعات جديدة فى إيران بمجرد رفع العقوبات.
وأكد المسئولون الأمريكيون، أن وزير الخارجية، جون كيرى، أرسل إلى نظيره الإيرانى، جواد ظريف، خطابًا يتضمن وعداً باستخدام السلطات التنفيذية للتخلى عن القيود الجديدة المفروضة على هؤلاء الذين زاروا إيران، وهم أعضاء فى برنامج الإعفاء من التأشيرة.
وأحد البنود المثيرة للجدل فى القانون الجديد، ذلك البند الذى يطالب المسافرين الذين زارو دولاً بعينها – بما فيها إيران، السودان، سوريا، والعراق – التقدم بطلب للسفارة الأمريكية للحصول على تأشيرة قبل القدوم للولايات المتحدة، حتى وإن كانوا من الدول التى عادة تتمتع بإعفاء.
وقال العاملون فى البيت الأبيض الذين تحدثوا معنا، إن إدراج إيران فى قائمة تلك الدول يأتى لأسباب وجيهة، وهى أنها لاتزال على قائمة الدول الراعية للإرهاب لدعمها الصريح لحزب الله وحماس.
ولم يعترض البيت الأبيض على القانون الجديد، إلا عندما قالت الحكومة الإيرانية لنظيرتها الأمريكية إن القانون سينتهك الاتفاق النووى، وفقًا لمراسلات بشأن هذه المفاوضات اطلعنا عليها.
ومنذ 2013، عندما بدأت المفاوضات العلنية مع إيران، قالت الحكومة الأمريكية مراراً وتكراراً للكونجرس، إن أى عقوبات إضافية على الجمهورية الإسلامية ستدمر المفاوضات، ويلزم الاتفاق الغرب برفع العقوبات عن إيران مقابل المزيد من الشفافية والقيود على برنامجها النووى، ويبدو أن إيران والبيت الأبيض يفسران «رفع العقوبات» بشكل أكثر عمومية، مما توقع الآخرون.
وقال جواد ظريف الأسبوع الماضى، فى حوار له مع موقع «المونيتور»، إن ضم إيران لقائمة الدول الراعية للإرهاب ينتهك الاتفاق، ووصف القيود الجديدة بأنها «سخيفة»، لأن لا أحد له صلة بإيران تورط فى الهجوم على «سانت بيرناردينو» أو «باريس».
كما قال إن القانون الجديد يرسل رسالة سيئة للغاية للإيرانيين مفادها أن الولايات المتحدة مصرة على السياسة العدائية تجاه إيران.
ويعد الأمر حساساً بشكل خاص لوزارة الخارجية لأنه يتعين على إيران تنفيذ جانبها من الاتفاق، وسوف تبدأ القيود على برنامجها النووى والشفافية بشأنه فى الأسابيع المقبلة، ويقول المسئولون فى الوزارة إنهم يخشون من أن تحاول العناصر المتشددة بالنظام فى طهران، أن تحبط الاتفاق لتحقيق فوز سياسى على الرئيس، حسن روحانى، الذى تفاوض مع الحكومة الأمريكية على هذا الاتفاق.
وفى فبراير المقبل، ستجرى انتخابات برلمانية وانتخابات فى مجلس صيانة الدستور، وهو عبارة عن لجنة من رجال الدين الذين يختارون القائد الأعلى لإيران بعد وفاة على خامنئى، وإذا فاز المتشددون فى الانتخابات، سيكون مصير الاتفاق النووى مشئوماً.
وهذه العوامل تشرح لماذا يغض كيرى الطرف عن الأعمال الاستفزازية الإيرانية، وفى الوقت نفسه، يحاول أن يهدأ إيران بشأن ما تراه استفزاز من طرف الكونجرس الأمريكى، كما أنها تشرح لماذا تبدو إيران مصرة على إثارة حفيظة الولايات المتحدة، فى الوقت الذى من المفترض أن تنفذ فيه الاتفاق الذى وافقت عليه.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبيرج»