فى كل مرة يفتح رجل أعمال محفظته للاستثمار فإنه يدخل فى مخاطرة والقرار الخطأ فى هذه اللعبة قد يساوى المليارات من الدولارات ففى عام 1976 قرر رونالد واين الشريك الثالث لستيف جوبز وستف وازنيك فى تأسيس شركة أبل بيع حصته البالغة %10 بعد 13 يومًا من بدء العمل معتقدًا أن الشركة سوف تخسر لقلة خبرة شريكيه وصغر سنهما فباع حصته مقابل 800 دولار ثم حصل على 1500 دولار كمستحقات خاصة، واليوم تتخطى قيمة حصة الـ%10 نحو 70 مليار دولار فيبدو انه القرار الخاطئ الأعلى تكلفة فى تاريخ البشر.
واليوم كلف قرار منظمة أوبك بعدم خفض الإنتاج أوبك نفسها خسارة 200 مليار دولار بعد هبوط سعر البرميل لأقل من %50 من سعره منذ منتصف 2014.
لكن المخاطرة الحقيقية لأى مستثمر هى عدم الدراية الكاملة بالظروف المحيطة فالاستثمارات المثيرة للشكوك قد تكون فى اى مكان لكن اخطرها تقع فى جانب حزام المخاطر.
ويرى المراقبون، أن مناطق التوتر للمستثمرين فى 2016 قريبة من الصراع فى الشرق الأوسط، حيث المخاطر الجيوسياسية، بالإضافة الى السياسات الخاطئة للبنوك المركزية وازمات سيولة متوقعة.
وتتسم ممرات المخاطر الاقتصادية العام المقبل بأنها وعرة ليس لأنه لا يمكن تحديد موقعها او تقدير حجمها بل لأنها مرتبطة بأنظمة إدارة الأصول كارتفاع نسبة ديون القطاع الخاص فى الصين او قوة الدولار أمام العملات العالمية أو انهيار اسعار البترول.
ومما يزيد من صعوبة المواجهة هو اتساع نطاق تأثير الأزمات فانهيار سوق الائتمان الصينى ينذر بكارثة للقطاع المالى العالمى، وتحول الصراع فى الشرق الاوسط الى حرب عالمية ثالثة يعنى هدر تريليونات الدولارت فى القتال المسلح وقد نرى سقوط قنبلة نووية جديدة فوق رؤسنا.
يرسم هذا المف مسار حزام المخاطر والنقاط الملتهبة فيه.
الصراعات السياسية المصدر الرئيسى لمخاطر بيئة الأعمال
المستثمرون يخشون جنون بوتين واستعراض العضلات الأمريكية
زيادة التوتر العالمى جراء عسكرة سياسة الصين الخارجية وتنظيم الدولة
المخاطر السياسية هى التهديد المؤكد الذى يعطل سلاسل التوريد العالمية، وكان تأثيرها هذا العام واضحًا على الأعمال بداية من العقوبات الغربية على روسيا إلى هجمات باريس والأزمات السياسية المستمرة فى منطقة اليورو.
وفى تقرير لمجلة فروبس، قال جونثان وييب، إنه ناقش خلال مقابلاته مع مجموعة من المحللين التهديدات الناجمة عن المخاطر السياسية التى قد تؤثر على الأعمال التجارية فى 2016.
تحول أمريكا الجنوبية نحو اليمين
تنبع التقارير الإعلامية فى أمريكا اللاتينية عند مناقشة الاقتصاد من رؤية يسارية واضحة فى وقت تمر الاقتصادات ذات الطابع الاشتراكى باوقات صعبة خصوصًا الرئيسة منها مثل بوليفيا وكوبا وفنزويلا، ومع ذلك يعتقد لبن هوكمان مستشار إدارة المخاطر الأمنية المقيم فى كولومبيا، أنه كما تشعر الاقتصادات الإقليمية بأزمة يميل المشهد حاليًا إلى التخلى عن الرؤية الشعبوية واليسارية، حيث تتحول الحكومات إلى اليمين السياسى أكثر من أى وقت مضى، لكن فى دولة مثل كولومبيا ينتظر الجميع توقيع اتفاق سلام مع متمردى فارك والذى سيؤدى فى نهاية المطاف، إلى تزايد وجود اليساريين بشكل اكبر بكثير فى الحكومة الوطنية.
عدم الاستقرار الاقتصادى يواجه قارة أفريقيا
رغم ان المناسبات الانتخابية فى 2016 ستكون أقل من العام الجارى، وهو ما قد يقلل من العنف السياسى فى أفريقيا، إلا أن قوى السوق قد تعمل على زيادة المخاطر المستقبلية فى القارة، ويقول مايك ديفيس، مدير المخاطر السياسية فى شركة كيجود لاستشارات الاستثمار إن هناك خطرًا كبيرًا فى عدة بلدان جراء احتمال ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذى قد يشعل الاحتجاجات الشعبية، مشيرًا إلى ظروف الجفاف فى أجزاء من جنوب القارة التى تسببت بالفعل فى ارتفاع الأسعار، حيث تؤكد التوقعات أنه سيكون له تأثير كبير على السلع الأساسية فى عام 2016، وسط تباطؤ فى النمو الاقتصادى.
دور أكبر للعضلات فى السياسة الخارجية العالمية
تشير كثير من الدراسات إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية التى اعتمدتها إدارة الرئيس الامريكى باراك اوباما المعروفة بنهج القوة الناعمة قد شجعت المنافسين لاستغلال الضعف المتصور عن حكومته.
وقد ظهر ذلك جليًا فى مناقشات المرشحين فى السباق الرئاسى من كلا الطرفين الديمقراطى والجمهورى، حيث أجمعوا على أن السياسة الخارجية تحتاج لأن تكون أكثر قوة لمعالجة الامر العام المقبل.
وبحسب اندرس كور، مدير مؤسسة كور للتحليلات فإن الصين وروسيا يراقبون معارضة أوباما للعمل العسكرى كأسلوب لحل المشكلات الخارجية وكلاهما استغل ذلك بشكل كامل مضيفًا أنهم كانوا واضحين فى عزمهم للقيام بكل ما يريدونه قبل أن يغادر أوباما البيت الابيض بنهاية العام المقبل فمن المرجح أن يؤدى ذلك إلى عدم استقرار أكثر خلال الأشهر المقبلة.
الصين أكثر تشددًا
تتحول الصين بمرور الوقت إلى دولة أكثر حزمًا فى السياسة الخارجية والعسكرية، ويتجلى هذا بشكل أكثر وضوحًا من سلوكها فى بحر جنوب الصين تلك المنطقة التى باتت بؤرة توتر سياسى كبير بسبب خلافات السيادة مع اليابان واستعراض بكين لقوتها العسكرية فيها.
هذا النهج المتزايد يمثل صعوبة مبطنة لنشاط الشركات الغربية العاملة فى البلاد، فالدولة التى مازالت تتبنى فى صورة نادرة مبادئ الشيوعية التى جرى تلميعها ببعض السياسات الاقتصادية المنفتحة هى بالفعل شريك بالغ الصعوبة بالنسبة للشركات الأجنبية، ويحذر كور من أن الساحة الصينية تميل كثيرًا جدًا ضد الاستثمارات الغربية وأن الوضع سيزداد سوءًا.
جنون بوتين.. خطوة روسيا غير المتوقعة
ينقسم المحللون بشأن كيفية تحرك الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى العام المقبل فعلى سبيل المثال يرى إدوارد سمبل، العضو المنتدب لشركة اس اى تى الاستشارية انخفاض التوترات بين روسيا والغرب، ومما يسهل ذلك جزئيًا هو تزايد الأهداف المشتركة فى سوريا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعتمد على روسيا لإقناع الأسد فى نهاية المطاف بمغادرة السلطة بينما بوتين يحتاج القوة العسكرية الأمريكية لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، ومن الموتوقع أن أن هذا الاعتماد المتبادل سيضع الأساس لإنعاش التعاون بين روسيا والولايات المتحدة فى عام 2016.
وبالنسبة لآخرين، فإن بوتين “الغازى” فى أوكرانيا يمثل استمرارًا للتوتر، وبحسب المحلل كور فإن بوتين يتصرف بطريقة غريبة جدا فلا يمكن التنبؤ بخطوته المقبلة بطريقة صحيحة مضيفًا ان الرجل غريب الأطوار وعلى استعداد لاتخاذ الكثير من المخاطر، لكن المخاطر فى كثير من الاحيان يمكن ان تخرج عن نطاق السيطرة. ويخشى كور من أن هناك خطرًا من أن تتحول لروسيا إلى دولة مارقة بحسب المصطلح الامريكى خصوصًا وان بوتين أصبح أكثر ضراوة وهذا يمكن أن يؤدى إلى المزيد من العمل غير المنطقى والغريب من جانبه.
حرب أسعار البترول
فى اجتماع أوبك الأخير، أقنعت المملكة العربية السعودية الأعضاء الآخرين بالحفاظ على مستويات الإنتاج العالية كجزء من استراتيجية للضغط على المنتجين مرتفعى التكلفة لإخراجهم من السوق، وتوقع بعض المحللين أن سعر تداول الخام الاسود سوف يذهب إلى أقل من 20 دولارًا للبرميل، ويحمل تعبير سمبل تلخيصًا لهذه المخاطر، حيث قال إن اسعار البترول سوف تشكل العالم فى عام 2016.
وأشار سمبل إلى ان النظام السعودى يتكىء على مخزون نقدى هائل يعتمد عليه لتجاوز هذه المرحلة التى يتعقد انها مرحلة تنتهى عندما تكتمل من تحقيق اهدافها وهو خفض دور منتجى البترول الصخرى فى الولايات المتحدة لاقصى درجة والتى تناضل بسبب تتراكم ديونها.
هجمات تنظيم الدولة الإسلامية فى الغرب
عانت أوروبا بالفعل من سلسلة هجمات على أراضيها فى عام 2015، ومازالت تواجه هذا التحدى فى 2016، ولذلك تظهر هيمنته على السياسة الخارجية فى العام المقبل لبناء تحالف دولى لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والمعروفة إعلاميًا بداعش.
وتعد المشاركة فى هذا الحلف العسكرى سببًا لتزايد خطر التعرض لهجمات فى قلب الدول التى شكلته بما فى ذلك أوروبا وروسيا والولايات المتحدة وكذلك الدول الداعمة له فى الشرق الأوسط.
ونظرة شاملة لهذه الحملة العسكرية تكشف هيكل المخاطر الجيوسياسية، وصعوبة بيئة الاعمال التى لا يمكن التنبؤ بمستقبلها فلا أحد يتوقع أين ستكون الطعنة المقبلة؟.
ويعتبر محمود مرسى المحلل الاستراتيجى المصرى، أن تورط روسيا فى الشرق الأوسط خطوة خطيرة لأنها سوف تعيد للأذهان الصور القديمة للحرب الباردة، كما أنها لها آثار خطيرة على أوروبا والغرب أيضًا حيث تغيرت قواعد الاشتباك بشكل كبير لجميع الشركاء بدءًا من الشرق الأوسط نفسه فى اشارة إلى ما حدث بين موسكو وانقرة عقب اسقاط الطائرة الروسية لدى اختراقها المجال الجوى التركى والمناوشات بين السفن البحرية للبلدين فى البحر المتوسط.
قد تكمن القضية الرئيسية لسياسة كل دولة فى التعامل مع النتائج غير المتوقعة، حيث يشير سيمبل إلى أن أزمة اللاجئين تشكل تهديدًا كبيرًا فى القارة الأوروبية فالكم الهائل من اللاجئين يسبب ضغطًا كبيرًا على الموازنات العامة للحكومات.
هذه الضغوط قد تؤدى إلى حدوث رد فعل عنيف من جانب اليمين المتطرف وظهر ذلك فى النتائج الإيجابية لليمين المتطرف فى الجبهة الوطنية فى فرنسا، الذى فاز فى الجولة الاولى من الانتخابات الاقليمية.
فى الوقت نفسه فإن تبنى سياسة غلق الباب فى وجه المهاجرين قد يزيد من الشعور باليأس بين شباب المهاجرين الساخطين الأمر الذى يمكن أن يكون له آثار خطيرة على أوروبا.
الهجمات الإلكترونية على الشركات
أحد التهديدات الأقل جذبًا للاهتمام بالنسبة لأصحاب الأعمال التجارية والتى تستغل الثغرات التكنولوجية، لكن احتمال تزايد الهجمات يجعلها تستحق اهتمامًا أوسع.
وبالنسبة لدان سليمان، مدير اوبتمبال لإدارة المخاطر فإن الشركات تواجه تهديدات القرصنة الإلكترونية بشكل اكبر العام المقبل، لاسيما تلك الهجمات التى تستهدف سلامة البيانات والنظم التى تتعامل مع البيانات مضيفًا أن معظم الشركات تشعر بالرضى تجاه اسلوبها فى التعامل مع الخطر.
وتتعلق سلامة النظام بالتحكم فى الوصول إلى بيانات الشركة ففى الماضى كان الشغل الشاغل الاحتياطات الأمنية المتعلقة بسرية المعلومات تجنبًا لابتزاز القراصنة الذين يطلبون فدية من المنظمات مقابل عدم نشر المعلومات، ولكن الهجمات أصبحت أكثر دهاءً حاليًا.
وأوضح سليمان أنه اذا كانت الشركة لا تعرف انه تم اختراق نظام السلامة الخاص بها فإن القراصنة سيكون لديهم فرصة لجمع الكثير من المال عن طريق استغلال البيانات الخاصة به كما يمكن لصاحب العمل اتخاذ الكثير من القرارات السيئة بناءً على معلومات خاطئة.
وهناك نوع ثانى من الهجمات وربما يكون أكثر خبثًا للهجوم على الأعمال التجارية وهو “التخريبية”، حيث تهدف إلى تدمير كل من الأصول الرقمية والمادية عن طريق القرصنة. وعادة ما يكون الجناة الرئيسيين من الجهات التى ترعاها الدول ويمكن أن يكون وكلاء لجماعات المسلحة، ولا يتوقع سليمان زيادة حجم هذا النوع بشكل كبير فى العام المقبل، لكنه يعتقد ان المحاولات المقبلة سوف تركز على تخريب الشركات ذات الاسماء الكبيرة.
وبغض النظر عن عدد الهجمات من النوع التخريبى والتى تعد قليلة نسبيًا لأن منفذه لا يبحث عن الربح المالى فإن الآثار المكلفة لأى هجوم قد تصل إلى حد التدمير للشركات الكبرى، ولا يستبعد الخبراء أن يكون تنظيم الدولة الإسلامية أو أى جماعة أخرى لديها القدرة المتقدمة والرغبة فى تنفيذ مثل هذه الهجمات، ويبقى الشئ المؤكد أن العالم سيرى هجومًا كبيرًا من هذا النوع التخريبى فى العام المقبل على الشركات رفيعة المستوى.
تنفيذ الجماعات المسلحة لهجمات نووية
قال أستاذ فى جامعة هارفارد للكونجرس الأمريكى فى عام 2008 إن هناك احتمالًا %29 من حصول الجماعات المسلحة على قنبلة نووية فى العقد المقبل، وتعد حيازة جماعة مثل تنظيم الدولة الإسلامية لقنبلة نووية كافية لتغيير العالم ومجرد التهديد بمثل هذا الهجوم سيكون له تأثير كبير.
وحذر كور من أى جماعة مثل تنظيم الدولة الإسلامية من المحتمل أن تحصل على أسلحة الدمار الشامل من جنرال روسى أو باكستانى ساخط مقابل حصوله على 10 أو 20 مليون دولار.
وأضاف أن خطر هذا الاحتمال ضعيف، لكنه اذا تحقق سيكون له تكلفة عالية، وفى حال استخدام السلاح النووى من قبل جماعة مسلحة فإن قيمة الأصول الحضرية سوف تنهار.
أعد الملف: ربيع البنا