عمليًا يذهب جميع الشباب الآن إلى المدارس، لكن من يتعلم منهم قليل، وقد كان “تنج بينجيفى” – 16 عامًا – من بين هؤلاء القليل عندما طلب من أبيه المال للسفر فى جولة فى جميع أنحاء الصين، حيث تربى على حب بلاده فرفض والديه خوفًا عليه، وهددهم بالسفر لمئات الأميال على دراجته الهوائية إلى العاصمة بكين على أى حال فدفعوا له، وقال لهم فى رسالة واضحة: “أنتم لا يمكن أن توقفونى”.
وصراع الأجيال جزء من مفهوم تعاقب الحياة، لكن الألفية الثالثة التى اصطبغت بالعصر الرقمى وتكنولوجيا المعلومات أضفت على الصراع طابعًا خاصًا، حيث يتمتع شباب هذه المرحلة بألمع العقول فهو الجيل الأفضل تعليمًا أكثر من أى وقت مضى، لكنه ينظر لكبار السن على أنهم عائق بينه وبين استغلال إمكاناته الكاملة حتى أن بعض التقارير تشير إلى أن الشباب يرى نفسه كأقلية مقهورة رغم أنه يمثل أكثر من ربع سكان العالم وأكثر من نصف القوى العاملة، لكن هذا الشاب المتعلم أحيانًا يصطدم بواقع بئيس لا يجد لنفسه فيه موطئ قدم بسبب فشل السياسات الحكومية فى خلق البيئة المواتية لاحتضانه، فإذا حضر الفقر فى المشهد فلابد أن الساحة ستكون مهيئة للأفكار الشيطانية، حيث كان الشبان اليافعون وقود الحروب والنزاعات على مر التاريخ.
وقد يكون الشاب ثريًا، لكن سوق العمل لم يستوعب قدراته ومهاراته التى اكتسبها عبر سنوات دراسة طويلة لأسباب كثيرة منها الأزمة المالية العالمية فيكون مصيره إلى مجالات تهدر طاقته أو لعله يقود ثورة.
وفى بعض الحالات يكون قتل الشباب المتمرد أسهل وسيلة للتخلص من إزعاجه، لكن قتل أحلامه مسألة فى غاية الصعوبة ومحاولة شغله ببعض الألعاب مثل تويتر وفيسبوك يعنى أنك تبنى مصنعًا للألعاب النارية قد ينفجر فى أى لحظة.
الملف التالى يناقش مستقبل شباب الألفية ومشكلاته
أحلام الشباب فى مهب سياسات الحكومات الخاطئة
يمثلون أغلب سكان الأرض ويطالبون بحقوق الأقليات!
%25 نسبة البطالة فى جيل الألفية الأفضل تعليمًا
تروى مجلة الإيكونوميست الاقتصادية البريطانية قصة شين شيان ذاك الشاب الذى يعيش فى قفص شحن فى موقع بناء فى شنجهاى، الذى يتقاسمه حاليا مع سبعة على الأقل من العمال الشباب الآخرين. ينام فى سرير ويستخدم دلوا لغسل ملابسه، لكنها طريقة مثلى بالنسبة له لتجنب دفع الإيجار والبقاء قريبا من عمله، حيث يمشى خطوات قليلة دون أن يضطر دفع تكلفة الانتقال عبر وسائل المواصلات.
ولد شين عام 1989 فى قرية غنية بالأشجار على سفح جبل يطل على أحد الأنهار، لكنه أصبح عاملا مهاجرا، وهو ابن لاثنين من المهاجرين مما جعله يشعر أنه دائما مواطن من الدرجة الثانية فى بلاده.
ففى الصين معظم الخدمات العامة محجوزة لذوى الإقامة الأصلية، وعلى الرغم من الإصلاحات الأخيرة، فإنه لا يزال من الصعب على المهاجرين الريفيين الحصول على هذه الإقامة فى المدن الكبرى، ولم يسمح لشين بالدراسة فى مدارس الحكومة فى شنجهاى على الرغم من أن والديه يعملان هناك.
ويعمل حاليا فى دهان الفنادق بأجر 300 يوان (47 دولارًا) مقابل 11 ساعة عمل يوميًا، وهى الوظيفة الرائجة فى شنجهاى أكثر من الريف، حيث يحلم بالزواج سريعا، لكنه لا يستطيع تحمل تكلفة ذلك، وقد ارتفعت المهور بسبب نقص عدد الإناث، حيث أدت سياسة الطفل الواحد إلى ظاهرة إجهاض الأجنة الإناث فى العقود السابقة، ولم يفلح فى العثور على عروس إلا مرة واحدة لكن عائلتها طلبت منزلا تمليكا.
هناك 1.8 مليار شاب فى العالم، وهو ما يقرب من ربع مجموع سكان المعمورة بين سن 15 و30، وتختلف ظروف الشباب من الصين إلى الولايات المتحدة إلى بوروندى، لكنهم يشتركون فى كثير من المشكلات والعادات أيضا، حيث نشأوا فى عصر الهواتف الذكية، فالجميع يعانى من أجل الحصول على تعليم جيد ووظيفة ثابتة ومنزل وفى النهاية الزواج لتأسيس عائلة خصوصا فى أعقاب الأزمة المالية العالمية.
وأصبح هاجس الشركات هو فهم كيفية يفكر “جيل الألفية” سواء بهدف توظيفهم أو بهدف البيع لهم كزبائن فى وقت يعيش فيه %85 من الشباب فى البلدان النامية.
ويرى البعض أن شعور الشباب بالاضطهاد غير مبرر خصوصا فى بعض النواحى فهم أكثر الاجيال ثراء واطولهم عمرا بالنسبة للجيل السابق ومن خلال هواتفهم الذكية يمكنهم العثور على جميع المعلومات فى اى جزء من العالم، كما ان الفوارق تراجعت بين الأناث والذكور حتى المثليين جنسيا يتمتعون بحقوق كبيرة فى مناطق كثيرة من الكرة الأرضية على عكس أسلافهم. كما أن هذا الجيل اكثر ذكاء، حيث ترتفع متوسط الدرجات فى اختبارات الذكاء بالمقارنة بعشرات السنين الماضية فى العديد من البلدان، وذلك بفضل تحسن التغذية والتعليم الشامل.
لكن مواهب الشباب متبددة بسبب البطالة فى صفوفهم التى تصل إلى %25 فى الدول ذات الدخل المتوسط و%15 فى الدول الغنية وتعولهم أسرهم فى التعليم والعمل أو التدريب ليخرجوا لمنافسة غير عادلة فى سوق العمل.
كما أن الشاب يقضى فترة نبوغه فى التعليم والبحث عن عمل وتوفير المال اللازم لتأسيس الأسرة، حيث يظل فى الدراسة إلى سن الـ25 عاما والبحث عن الاستقرار الوظيفى ثم الزواج يمتد فى المتوسط إلى سن الـ30.
وغالبا ما يضطر الشباب من الهجرة من المدن إلى الريف أو من بلد إلى آخر بحثًا عن تعليم افضل أو فرص عمل أوفر تحقق له الثراء السريع.
وعلى الصعيد السياسى وحتى فى الديمقراطيات التى تتمتع بثقافة الاستماع إلى الناس نادرا ما يصوتون، فـ%23 فقط من الأمريكيين بين 18 و34 أدلى بصوته فى الانتخابات النصفية 2014 للكونجرس مقارنة بـ%59 لمن فوق سن الـ65. وفى عام 2015 شهدت الانتخابات العامة البريطانية مشاركة %43 فقط من سن 18 إلى 24 مقابل %78 فوق سن الـ65.
وتحذر مجلة الإيكونوميست من أن جميع حكومات العالم تحتاج إلى العمل بجد لإعطاء الشباب نصيبه العادل فإذا لم يفعلوا ذلك، يمكن أن تضيع مواهب جيل بأكمله، وهذا لن يكون أخلاقيا. ومن شأنه أيضا أن تكون له آثار خطيرة، فالشباب الغاضب أحيانا يشعل الثورات، كما حدث وأطاحوا بطغاة الربيع العربى.
البطالة ثقب فى دولاب العمل الدولى
البنك الدولى: %90 من الوظائف فى القطاع الخاص العقد المقبل
بطالة الشباب مضيعة لموارد هائلة لكن جيل الألفية أكثر قدرة على مواجهتها فكثير ممن يفشل فى العثور على وظيفة يسارع إلى تأسيس عمله الخاص حتى لو واجه صعوبات فى البداية قد تصل إلى حد الفشل.
استفاد نخبة الشباب اليوم ممن يجيد التحدث بعدة لغات عالمية من العصر الرقمى حتى قبل ان يكمل عامه الثلاثين، حيث غير الإنترنت وجه الحياة ومنهم فى فيسبوك “مارك زوكربيرج” وسيرجى برين مؤسس “جوجل” مع لارى بيج، واسس كيفين سيستروم إينستاجرام ولذلك استفادوا جميعا من تطور الاقتصاد العالمى.
لكن الأمر يبدو اكثر صعوبة للشباب العادى، حيث كانوا ضحية تسريح العمالة فى 2008 فى أعقاب الأزمة المالية العالمية ووصلت البطالة فى فرنسا مثلا بين الشباب من 15 إلى 24 عامًا %25.
وتسببت قواعد العمل الصارمة فى تردد أرباب الأعمال فى تعيين الشباب بدوام كامل بسبب تشدد موقف النقابات العمالية فى تطبيق العقود والتعويضات بحسب مجلة الإيكونوميست.
ووصلت البطالة فى منطقة اليورو فى دول اليونان وإسبانيا وإيطاليا بين الشباب %48، و%48 و%40 على التوالى. وفى البلدان النامية %16 من الشباب البرازيليين عاطلون مقابل %63 بجنوب أفريقيا. وعلى الصعيد العالمى يبلغ متوسط البطالة بين الشباب %13 مقارنة بنسبة البالغين %4.5.
وتمثل السنوات العشر الأولى للشاب فى سوق العمل ضرورة لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل، حيث يكتسب الشاب مهاراته، التى لم يلتقطها فى المدرسة أو الجامعة.
وتتمثل خطورة البطالة فى انها مصدر اليأس للشباب وحياة البؤس ثم هى إهدار للإمكانات البشرية، حيث يضيع أفضل فترات أعمارهم فى البحث أو التنقل بين وظائف مؤقتة.
كما تؤدى البطالة إلى تأخر سن العمل والأقدمية بحيث يقل حجم المعاش المستحق عندما يبلغ سن التقاعد، وقد تصبح حالة مزمنة فيفشل الإنسان معظم حياته فى الحصول على عمل دائم فيعيش عالة على البلاد.
على مدى العقد المقبل، أكثر من مليار شاب سوف يدخلون سوق العمل العالمية، وسيتم إلحاق %40 فقط بوظائف موجودة حاليا، فيما يعد القطاع الخاص بحسب البنك الدولى مصدر %90 من فرص العمل الجديدة فأفضل شىء لخلق فرص العمل هو النمو الاقتصادى، ويدعو الخبراء الى الغاء التمييز بين العقود الدائمة والمؤقتة لتشجيع القطاع الخاص على توفير الفرص الدائمة لمنع استغلال حاجة الشباب للعمل، وهو ما سيزيد بالشعور بالأمن لديهم.
ومن سبل علاج البطالة تسهيل بدء الشباب لمشاريعهم الخاصة عن طريق فتح الباب للأفكار الجديدة كما يجدون صعوبة فى توفير رأس المال، لأن فئتهم العمرية لديهم عموما أضعف تاريخ ائتمانى وأقل الضمانات.
ويعد شباب دول صحراء جنوب أفريقيا أكثر إقبالا على المشاريع الخاصة بهم، وتبلغ نسبة الراغبين فى ذلك %52 مقارنة بـ%19 فقط فى البلدان الغربية الغنية، ويرجع ذلك جزئيًا لأن الأفارقة يمتلكون فرصًا أقل من الوظائف الجيد.
الزواج فى زمن الهاتف الذكى
انتشار التعليم وراء تراجع إنجاب الأطفال
2.6 طفل معدل الخصوبة العالمى
تمر تجربة الشباب حيال الجنس والحب والزواج بتحولات هائلة تبدو جلية، حيث يتصفح الشباب مواقع الزواج حتى للمحجبات فى بعض الأحيان عبر الهواتف الذكية.
بيد أن هناك ثلاثة مظاهر غير واضحة فعلًا، لكنها أكثر أهمية تفشت أخيرًا، فأولًا تراجعت المواقف المتزمتة إزاء الجنس حول العالم، وثانيًا أصبح الزواج مرتبطًا بتوافق الزوج والزوجة أكثر من توافق أسرتيهما، وثالثًا حرص الأزواج على الحصول على عدد أقل من الأطفال.
لكن هناك أماكن فى العالم بحسب تقرير لمجلة الإيكونوميست لا تزال الأمور التقليدية مهيمنة، مثل رفض الجنس قبل الزواج إلى حد الحظر كما فى الدول الإسلامية، كما يتم ترتيب الزيجات بين الأسر وأحيانًا من دون موافقة العروس لكنه أمر غير شائع، كما يجرى الزواج فى سن مبكرة مع تكرار الولادة.
وقد انخفضت نسبة الشابات اللواتى تزوجن قبل بلوغهن سن 15 من %12 فى جميع أنحاء العالم فى عام 1985 إلى %8 فى عام 2010، وفقًا لليونيسف، وهبط معدل اللواتى تزوجن قبل بلوغهن سن الـ18 من %33 إلى %26، وأصبحت المرأة أكثر تعليمًا، ما يجعلها أقل عرضة للزواج القسرى أو المبكر.
فى بداية القرن الـ20 كانت الأسر ترتب ما لا يقل عن %72 من حالات الزواج فى آسيا وأفريقيا، وقد انخفض هذا الرقم بنسبة %40 أو أكثر، وبحسب بعض الدراسات اختفت تمامًا من بعض البلدان، مثل الصين واليابان وإندونيسيا.
لكن مازال قرار الزواج بيد الأسرة فى دول مثل الهند وباكستان وبنجلاديش، بما لا يقل عن %95 من الزيجات لكنها تطورت حاليًا.
وكثيرًا ما تكون رغبة الأسر فى الارتباط بين زوجين مرتبطًا بخلق أو توطيد مصالح اقتصادية مثل المشاركة فى مزارع الماشية أو زراعة الأرز.
وبسبب انتشار التعليم خفض الأزواج معدلات الإنجاب، خصوصًا أن بعضهم يكمل تعليمه بعد الزواج، كما أن حرصهم على التعليم يجعلهم أكثر التزامًا بإنجاب طفل أو اثنين لكى يتمكنوا من تعليمهم بشكل متطور.
وهبط معدل الخصوبة عالميًا بما فى ذلك الدول الفقيرة منذ عام 1960 من خمسة أطفال لكل امرأة إلى 2.5، ووصل المعدل فى ماليزيا مثلًا إحدى أكبر الدول الإسلامية من حيث عدد السكان إلى طفلين بدلًا من 6 فى 1960.
لكن فى الغرب لم تعد الأسرة نواة المجتمع، فتضاعف ثلاث مرات عدد الأطفال المولودين خارج إطار الزواج فى بلدان منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية بين عامى 1980 و2007، من %11 إلى %33، وتضاعفت معدلات الطلاق بين عامى 1970 و2009.
ويرتفع الفقر بين الأفراد الذين يتربون خارج إطار الأسرة، حيث نمت الطبقة العاملة مثلًا فى الدول الغنية، لكنها لم تشهد نمو الطبقة الوسطى و%9 فقط من الأبناء خارج الزواج يصلون للمرحلة الجامعية، و%57 نسبة تسربهم من التعليم الثانوي.
آمال كبيرة تواجه الأسوار العالية
صراع الحياة فى المدن الكبرى مستمر لأجل غير مسمى
شباب الدول النامية يفرون من الفشل الحكومى على متن قوارب الموت
تخرج شاب صينى فى جامعة جريفيث فى أستراليا، وكان الطفل الوحيد لوالديه وقدموا له الدعم المالى فى البداية، ولكن فى نهاية المطاف حصل على ما يكفى من وظائف بدوام جزئى لدفع فواتيره الخاصة.
استورد آلات ممارسة التدريبات البدنية من الصين وقام ببيعها على موقع إيى باى، مما جعله يجمع الكثير جدًا من المال.
عاد ذلك الشاب إلى الصين لأن والديه كانا على غير ما يرام وهو سبب شائع للعودة وقد عثر على وظيفة فى أحد البنوك، لكنه لم يحبها حتى أنه تركها وبدأ شركته الخاصة لإدارة شركة “تى أن تى” المتخصصة للتواصل مع الطلبة فى الولايات المتحدة للعثور على وظيفة محلية عند العودة.
ويتصف الشباب فى الجيل الحالى بالرغبة فى الاستقلالية والتنقل من مكان لآخر فبحسب استطلاع لمؤسسة جالوب البحثية فإن %19 من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة، يريد الانتقال بشكل دائم إلى بلد آخر وهو أكثر من ضعف نسبة الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 سنة وأربعة أضعاف من تخطوا سن الـ65.
الشباب هم أكثر إقبالًا إيضًا على الهجرة الداخلية فتغير المسكن لدى الأمريكيين يصل إلى 4.6 مرة بين فئة عمر بين 18 و45 سنة، ولكنها تقل إلى 2.7 مرة بعد ذلك، وفى البلدان النامية يهاجر الشباب بنسبة %40 أكثر من الكبار من الريف إلى المدينة.
ويؤدى التنقل لجعل الناس أكثر إنتاجية، لاسيما إذا كان من بلد فقير إلى بلد غنى حيث يكسب من 3-5 أضعاف ما يكسبه فى وطنه ويتطلب طبعًا ذلك تعلم مهارات جديدة وقد يكون هذا التنقل مغامرة خطرة تكلف الشاب حياته مثل هجرة الشبان الأفارقة على متن قوارب غير شرعية إلى أوروبا، لكن الاعتداءات المسلحة على غرار هجمات باريس الأخيرة التى نفذها تنظيم الدولة الإسلامية تثير عداء السكان المحليين رغم إسهامات المهاجرين فى التنمية حتى أن بعض الدراسات قدرت أن فتح الحدود الدولية أمام تنقل الشباب سوف يؤدى إلى زيادة الناتج المحلى الإجمالى العالمى %100.
وأدت هجرة الشباب الداخلية إلى التوسع فى المناطق الحضرية لـ%54، حيث يعيشون فى المدن مرتفعة من %30 فى عام 1950، وتتوقع الأمم المتحدة أنه بحلول عام 2050 سترتفع هذه النسبة إلى %66 بسبب تطور البلدان الفقيرة بشكل أسرع.
فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يكافح %64 من الشباب بالكاد لكى يبقون على قيد الحياة مقابل %45 تقريبًا فى آسيا معظمهم فى الريف وبالتالى فأى وظيفة فى المدينة ستكون أفضل حالًا حتى لو اضطر للسكن فى المناطق العشوائية أو ما يطلقون عليها مدن الصفيح المزدحمة على أطراف العاصمة الكينية نيروبى أو العاصمة الفلبينية مانيلا.
ففى البلدان النامية، يكسب العمال غير الزراعيين أربعة أضعاف قيمة نظرائهم الزراعيين، وفى الصين تبلغ الأجور فى الحضر ثلاثة أضعاف المناطق الريفية.
وتجذب المدن الكبرى فى البلدان الغنية نوابغ الشباب ففى لندن تبلغ نسبة الشباب %25 من سكان العاصمة الإنجليزية النابضة بالحياة، وهو ما يقرب من ضعف النسبة المماثلة فى بقية مدن إنجلترا.
ووجدت دراسة الطلبة فى جامعة هارفارد، أن %26 فقط خططوا للعودة إلى وطنهم بعد التخرج، و%64 يخططون للعمل فى نيويورك، وكاليفورنيا وماساتشوستس أو واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة.
وتجذب المناطق التى بها شباب نابه المهاجرين الأجانب وكذلك الشباب المحلى المبدع، حيث يتشجع على الذهاب للمدن الكبرى التى تضم مشابه له فما يقرب من نصف المهاجرين فى كندا يعيشون فى تورونتو، وعلى سبيل المثال %40 من أمريكا يعيشون فى نيويورك ولوس أنجلوس وميامى وشيكاغو وسان فرانسيسكو كما تتميز المدن الكبرى بالشباب الأعزب ومن السهل أن يجد شريكة حياته فيه فيرتبط بالمكان أكثر.
وتعد جهود الحكومات فى الحد من الهجرة الداخلية فضلًا عن الهجرة الأجنبية، عائقًا أمام أحلام الشباب وأبشعهم نظام “هوكو” الصينى الذى يميز بين المواطنين المولودين لآباء فى المدينة والقادمين من خارجها.
وبحسب الأمم المتحدة %80 من الحكومات لديها سياسيات الحد من الهجرة من الريف إلى المدن بين 185 فى دولة فى 2013.
لكن هناك أنظمة أكثر ذكاء من الهند التى تمنع الوظائف العامة للمهاجرين الداخليين أو إندونيسيا التى تنقل السكان من جاوا المزدحمة لأماكن بعيدة أقل كثافة إجباريًا قبل أن تتوقف فى منتصف 2015.
وهذه الحكومات الماكرة تقوم بالحد من بناء مساكن الشباب فى المدن الكبرى ليكون غير قادر على الإقامة الدائمة وأدى ذلك مثلًا إلى بقاء السيدات الأمريكيات غير المتزوجات فى السكن مع الوالدين فى سن 18-34 أكثر من أى وقت مضى منذ عام 1940 وهو نفس الحال بالنسبة لسكان لندن.
متلازمة العنف.. الوظيفة أو الفوضى!
فرصة العمل الدائم والزواج أسهل سبل ترويض الشباب
غير المتزوجين وقود التمرد والجماعات الشيطانية والجهادية
شاب يافع، وحيد، عاطل، 3 صفات تصنع خلطة خطيرة، لكن يمكن ترويضه بالعمل والزواج، ملخص نصيحة الخبراء للحكومات التى تخشى ثورة الشباب.
فلو أن الشباب اليافع الوحيد العاطل الذى قام بثورة الياسمين فى تونس وجد عملًا وزوجة لما أشعل موجة ثورية ثانية فى شهر يناير الجارى إبان احتفاله بالذكرى الخامسة لثورته التى اندلعت إثر موت الشاب بوعزيزى بعد أن أشعل النار فى نفسه لعدم وجود وظيفة مناسبة.
وتقول مجلة “الإيكونوميست” أنه ليس هذا الحال فى دول الربيع العربى فقط، ولكن فى الدول الأفريقية يعتبر عدم تمكين الشباب من تحقيق حلمهم سببًا فى الانضمام إلى الجماعات الجهادية مثل بوكو حرام وهى تعنى بالعربية “الحكومة حرام” فى إشارة إلى تحريم التعامل مع مؤسسات الدولة بما فى ذلك التعليم وقد تكررت هجماتهم ضد المدارس خصوصًا مدارس البنات لأنها تستقى مناهجها العلمية والتربوية من الغرب لجلب الثقافات الأجنبية المخالفة للإسلام.
ويقول داينال مرتديا قميصًا خشنًا رغم حرارة الجو الشديدة، أنه كرجل راشد يحمل عار أنه غير قادر على إعالة أسرته ماديًا، وهى مسألة مشينة اجتماعيًا قائلًا: “المال نو داى” (تعنى لا يوجد مال)، “الغذاء نو داى”، “الملابس نو داى”.
وأشار إلى أن هذه الأوضاع المهينة للشباب تدفعهم للانضمام إلى الجماعات المسلحة من أجل حفنة أموال قليلة جدًا، وربما يحصل على زوجة، موضحًا أنهم اختطفوا أخته فى إحدى الهجمات على المدارس وقد تكون قتلت أو أجبرت على الزواج.
وبالفعل يوجد بعض الشباب الثرى يتجه للعنف لتحقيق حلم الخلافة الإسلامية أو جنة الاشتراكية بحثًا عن العادلة الاجتماعية، بينما غالبية أثرياء العاطلين يتجهون إلى جماعت متطرفة أخرى تعيش حياة ماجنة كعبدة الشيطان وغيرها ومن بين هؤلاء من يتمتع بوظائف جيدة.
لكن الفقر يعد العامل الأساسى فى الانضمام إلى الجماعات المسلحة حتى فى دولة غنية بالبترول مثل نيجيريا، لكن الفساد يحول دون توزيع عادل للثورة فتجد رجل ثرى يعدد الزوجات بينما شاب لا يمكنه الحصول على واحدة حتى أن %40 من السيدات المتزوجات فى نيجيريا يشتركن مع أخريات فى زوج واحد، لكنه ثرى يمكنه تحمل نفقاتهن.
وتشير دراسة هنريك أوردال من كلية هارفارد كينيدى إلى أن الحروب الأهلية وحركات التمرد فى جميع أنحاء العالم بين عامى 1950 و2000، وقعت سواء فى دول غنية أو فقيرة، لكن هذه الدول تتمتع بارتفاع نسبة الشباب لأنهم أكثر عرضة للفتنة، حيث تراوحت أعمارهم بين 15 و24 سنة ومثلوا أكثر من %35 من السكان البالغين بيد أن مخاطر الصراع جراء انتشار الفقر بالبلدان النامية %150 بالمقارنة بالغنية.
ويعنى وجود الوظيفة والمال تيسير أمر الزواج فعلى مر التاريخ نسبة الرجال الذين قتلوا فى الصراعات وليس لهم زوجات %97 بالنسبة لمن لهم زوجات، حيث يكون الشباب فى سن الزواج فى العشرينيات أكثر استعدادًا للمخاطرة لأنهم لا يتحملون مسئولية الأسرة وليس لديهم أمل فى حياة أفضل فى الوقت القريب.
وتمثل الحروب خصوصًا الأهلية كما حدث فى أفريقيا فرصة مؤسفة لقتل المنافسين المحتملين من الرجال الآخرين وللاستيلاء على النساء أو اغتصابهن، كما حدث مع جيش الرب فى أوغندا.
وفى الولايات الهندية والصينية التى تشهد ارتفاع عدد الذكور، نتيجة قتل الأجنة الإناث وجدت الدراسات أنها عرضة للصراع المسلح، حيث يعيش الملايين من الشبان محكوم عليهم بالعزوبية الأبدية ويلجأ الثرى منهم لجلب زوجة من الفلبين أو بنجلاديش وبلدان أخرى مجاورة.
وتشهد هذه المناطق أيضًا انتشار جريمة الأخفاء القسرى والاغتصاب الجماعى كما يحدث فى المواصلات العامة الهندية.
وتسعى نيجيريا إلى الاستفادة من تجربة الأمم المتحدة فى إعادة دمج المسلحين الليبراليين وغيرهم فى المجتمع عبر تطوير برامج تعليمية لهم وتدريبهم على مهارات حرفية وزراعية ودعمهم للحصول على طريقة عيش مناسبة تجلب لهم المال الوفير مثل القتال مع المسلحين.
وكان المقاتلون الليبراليون يعبرون الحدود فى ساحل العاج للقتال مقابل ما يقرب من 1500 دولار وهى ثروة لرجال كان متوسط دخلهم 47 دولارًا فى الشهر، كما استعانت حكومة لاجوس بأئمة المساجد فى حرب الدعاية المتبادلة مع بوكو حرام.
وبالنسبة للدول الغربية فقد انتهت عصور الحروب الأوروبية، حيث بدأت أعمار سكانها تدخل فى مرحلة الشيخوخة، فضلًا عن مستوى المعيشة العالى لديها ووجود نظام إعانات البطالة وارتفاع سقف الحريات.
صناعة الأدمغة تبدأ بمناهج تعليم تطور مهارات الشباب
توجيه الطلاب إلى التعليم المهنى وراء تراجع البطالة فى ألمانيا
توثيق العلاقات بين الحكومات والشركات ضرورة لتوفير التدريب
كان جاسشار دوكار يقف فى حفل موسيقى أوبرالى، حيث يعمل كهربائيًا لحل المشكلات التى ستواجه المسئولين عن الحفل فى النمسا فى مهرجان سالزبورج، فهو ليس من جمهور الأوبرا بطبيعة الحال.
لكن حياته المهنية بدأت فى مدرسة مهنية، وعمره 18 عامًا تطبق المنهج النظرى بجانب التطبيق العملى لإصلاح ماكينات مثل غسالة الأطباق أو فرن كهربائي.
ومن بين التدريب، العمل على نموذج خط إنتاج، بينما يقوم آخرون بتخيل التحكم فى “مبنى ذكى” وهمى.
تمتلك المدارس المهنية فى ألمانيا والنمسا سمعةً طيبةً، لسبب وجيه هو أن القائمين عليها يدركون أنه لا يمكن لكل شاب وشابة الاستفادة من التعليم الأكاديمى البحت. وبحسب المجلة فإن البطالة فى البلدين نصف المتوسط فى منطقة اليورو المتعثرة حاليًا.
وفى قرى كثيرة فى الهند مثلًا تمر خمس سنوات دون أن يتمكن التلميذ فى الغالب من قراءة قصة بسيطة، وكثير منهم لا يمكن التعرف على الحروف الأبجدية.
ويشكو الآباء أن المدرسة لم تحول التلاميذ إلى مدارس مهنية بدلًا من الوصول إلى سن 13 عامًا دون تعلم شيء، ولو حتى حرفة.
وبحسب خبراء أمريكيين، فإن المدارس الهندية لا تخضع لأى مساءلة، حتى أنه بعد ثمانى سنوات من الدراسة، %60 من الأطفال الهنود لا يمكنهم استخدام مسطرة لقياس وقلم رصاص.
لكن الخبر السار، أن جميع البلدان، الغنية أو الفقيرة، سواء ديمقراطية أو استبدادية، جعلت فى أولوياتها خلال العقود الأخيرة هى حصول الشباب على التعليم الجيد.
فى عام 1950 كان البالغون عند عمر 15 عامًا يتلقون متوسط ثلاث سنوات فقط من التعليم، وبحلول عام 2010، ارتفع الرقم إلى ثمانية أعوام. وفى البلدان الغنية صعد من 6 إلى 11 عامًا خلال تلك الفترة، وقفزت فى الدول الفقيرة من عامين إلى سبعة. ولم تعد الجامعة للأثرياء فقط، حيث عبرت الطبقة الوسطى إليها، فـ%41 من الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا فى الدول الغنية لديهم الآن نصيب من التعليم العالى فى 2016، ارتفاعًا من %26 فى عام 2000، والدول النامية تسير فى الركب بسرعة.
الأخبار السيئة هى أن الكثير من الناس لا يحقق تحصيلًا علميًا مناسبًا، وفى معظم البلدان النامية تشير مؤشرات التصنيف إلى أن أكثر من نصف الطلاب لا يحقق الكفاءات الأساسية جدًا فى الرياضيات، فضلًا عن ضعف مستوى القراءة.
وعادة يفشل أولئك الذين لا يستطيعون القراءة أو التعامل مع الأرقام فى تحقيق دخل جيد. تؤكد دراسة لروبرت بارو من جامعة هارفارد وجونج وا لى من جامعة كوريا، فإن المتوسط العالمى لأجور الذين أكملوا المدرسة الثانوية أعلى حوالى %77 من الأشخاص الذين تلقوا التعليم الابتدائى فقط، وخريجو الجامعات يتفوقون عليهم %240.
وتشير الدراسات إلى أن الدول الغنية ضاعفت ثلاث مرات الإنفاق على المدارس منذ حوالى عام 1970، دون تأثير يذكر وتنفق أمريكا ضعفى بولندا، لكن تقييم التحصيل الدراسى لطلاب متوسط أعمارهم 15 عامًا فى البلدين يعطى نتائج مماثلة وتنفق جنوب أفريقيا أكثر من كينيا، ولكن فارق التحصيل بينهما لصالح الثانية بفارق ليس بالقليل.
وأجرت الدول تجارب عدة على أنظمة تعليمية، لكن أفضل الأثر كان فى فنلندا حيث خلقت نظامًا يسمح بأن يكون أفضل الأشخاص فى البلاد يذهبون الى مهنة المعلمين وكذلك فى الولايات المتحدة تعطى دورات تدريبية للأشخاص أصحاب المواهب فى التعامل مع الأطفال للالتحاق بالمدارس للعمل كمدرسين.
وبحسب الخبراء، فإن كل أسلوب تعليم فى بلد لا يمكن نسخه تمامًا لبلد آخر، كما أن التعليم المهنى يحتاج لعلاقات وثيقة مع بين الحكومات والشركات والنقابات.