ولاية الأراضى والشباك الواحد معارك «سالمان» مع البيروقراطية وأصحاب المصالح
لا يجب أن نقارن أداء «سالمان» بمن قفز من المركب فى ظروف أحسن حالاً من الآن
«سالمان» مُطالب بطرح أفكار وأدوات مالية جديدة للسوق
لا أعتقد بقدر معرفتى بالوزير أشرف سالمان أنه كان يوماً «عبده مشتاق» لمنصب وزارى أو حكومى.. وأن منطقه فى قبول الوزارة هو أنه واحد من أبناء هذا البلد وعليه أن يخدمه إذا ما طلب منه هذا ولم يرفض مثل غيره بسبب صعوبة المرحلة.. ترك الرجل منصبه فى القطاع الخاص وذهب إلى المنصب الحكومى الذى لم يكن مغرياً من الناحية المادية وانه يعلم انه سيواجه بيروقراطية عفنة متأصلة فى الجهاز الإدارى للدولة.. ولكنه كانت لديه رغبة فى أن يشارك فى إصلاح حال هذا البلد وهو أحد أبنائها رأى أن لديه فكراً يمكن أن يغير به آليات العمل فى وزارته على الأقل.. فى الحد من البيروقراطية وتحديداً فى التعامل مع المستثمرين.. ولذلك كانت يسعى بنفسه لحل مشكلات أى من المستثمرين لدى وزراء أو محافظين.. لا ينتظر الإجراءات بل يحمل ملف المستثمر بنفسه ويتجول لدى هذا الوزير وهذا المحافظ لحل مشكلة مستثمر وكانت قضيته الأولى تحسين مناخ الاستثمار بتبسيط الإجراءات لتأسيس أى مشروع والحد من قائمة الموافقات التى يجب أن يحصل عليها المستثمر لإقامة مشروعه وهى مشكلة يعرفها وعانى منها منذ أن كان يعمل بالقطاع الخاص.. ولكنه لم يدرك أنه دخل فى عش الدبابير عندما فكر فى تعديل قانون الاستثمار وحديثه عن تطبيق الشباك الواحد لإنهاء إجراءات المستثمرين، فالخطوات التى كان يسعى إليها أشرف سالمان لتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين ستكون نتيجتها سحب صلاحيات وسلطات وزارات وجهات حكومية والمحافظات من التعامل المباشر مع المستثمرين وهو الأمر الذى لم يرضِ ممثلو هذه الجهات.. فمن هو الموظف أو المسئول الحكومى الذى يوافق على سحب سلطة منه.. ولعل المعركة حامية الوطيس الآن بين سالمان والوزارات والمحافظات بشأن الولاية على الأراضى المخصصة للمشروعات الاستثمارية؟
وأذكر أنه فى حديثى معه منذ ما يقرب من عامين بحضور زميلى الأستاذ مصطفى صقر رئيس التحرير أن قلت له عندما تحدث عن الشباك الواحد إن مسئولى الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى لن يسمحوا لك بتطبيقه ولن يتنازلوا عن سلطاتهم من أجل عيون المستثمرين.. وليس لدى أشرف سالمان خبرة كبيرة بالعمل الحكومى لذلك إذا نظرت إلى الجهاز الإدارى بوزاراته تجد عدده قليلاً جداً بالمقارنة بوزارات أخرى حتى إنه لم يأتِ بمستشارين أو موظفين جدد من خارج الوزارة مثل غيره ممن تولوا هذه الوزارة قبل 25 يناير مثلاً.. بل انه عمل مع الجهاز الموجود بالوزارة ولم يصنع جهازاً إعلامياً جيداً له فوقع فى كثير من المشكلات بل تجده أقل من غيره من الوزراء المنتشرين فى وسائل الإعلام والفضائيات.. رغم انه بارع فى الحديث وقادر على الإقناع ولكنه ليس لديه ما يقدمه للجهاز الإعلامى. خاصةً أن وزارته تشترك وتتداخل وتشتبك أحياناً مع سلطات واختصاصات وزارات أخرى لها علاقة بالاستثمار.. فيما يجعله يطرح رأياً أو فكراً لا يناسب هذا الوزير أو المسئول عن هذه القضية.. وكثيراً ما حدث، وتكون النتيجة أن يدخل «سالمان» فى معركة إعلامية ينجح فيها الطرف الآخر لأنه استطاع أن يوجه المعركة لصالحه إعلامياً.
أقول ذلك لأننى أعرف قدر هذا الرجل وقدرته على العمل الشاق وقدرته على الابتكار، فطبيعة عمله السابق بالقطاع الخاص هو ايجاد حلول لمشكلات التمويل للمشروعات وابتكار أدوات جديدة للاستثمار وإدارة الأموال. انظروا إلى تجربته فى قطاع الأعمال العام عندما سعى لحل مشكلات التمويل للشركات التابعة بمشاركتها للقطاع الخاص فى إقامة مشروعات على الأراضى والأصول غير المستغلة بهذه الشركات لتدر لها عائداً توظفه فى التطوير وحل مشاكلها التمويلية. فلا يجب أن نشارك جميعاً فى جلد كل من يريد أن يفعل شيئاً لصالح هذا البلد فى هذه الظروف الصعبة، وليضع كل منا نفسه مكان أى مسئول الآن.. ما أسهل التنظير وأحاديث المقاهى وما أصعب العمل على أرض الواقع.
ولا يجب أن نقارن أشرف سالمان بمحمود محيى الدين، وزير الاستثمار الأسبق، فالظروف مختلفة.. فالظروف حالياً أصعب وأعقد والعقبات كثيرة، ولكن لم يقفز أشرف سالمان من المركب مثل غيره، ولا يجب أن نقصر فى لفت انتباه الوزير إلى ضرورة التركيز فى مشروع ما وأن ينتبه لتصريحاته فى القضايا ذات الصلة بالاقتصاد والاستثمار.. عليه أن يدافع عن أفكاره ويناقشها مع أصحاب الشأن من منظمات الأعمال فى لقاءات دورية.. عليه أيضاً ألا ينسى أنه مسئول عن سوق المال وأنه يحتاج لبضاعة جديدة وأدوات مالية واستثمارية جديدة قد يكون لدى الوزير الكثير منها قبل عمله بالوزارة لماذا لا يطرح هذه الأدوات الآن؟