انتشرت تكهنات لا نهاية لها، فى الأسابيع الأخيرة، حول ما إذا كانت الولايات المتحدة، والعالم على وشك الغرق فى الركود بسبب مشكلة ديون الشركات.
وتستند تلك التكهنات إلى تزايد القلق حول القيمة غير المسبوقة التى وصلت لها سندات الشركات العالمية عند 29 تريليون دولار، ما جعل العديد من الشركات مثقلة بالديون أكثر من أى وقت مضى.
وقالت وكالة “بلومبرج” للأنباء، إن الضغوط آخذة فى الظهور فى كل ركن من أركان سوق الائتمان العالمي؛ حيث يمكن الجزم بأن عدد الشركات التى تعرضت لخفض التصنيف الائتمانى لديونها هو الأكبر على الإطلاق منذ عام 2009.
وتقف مديونية الشركات عند أعلى مستوى لها منذ 12 عاماً، وربما يكون هناك ما هو أكثر مدعاة للقلق، مثل إخفاق أعداد متزايدة من الشركات، ثلث الشركات حول العالم، فى تحقيق عوائد مرتفعة بشكل كافٍ من استثماراتها لتغطية تكلفة تمويلها.
وقال بونى بها، مدير قسم المال فى مؤسسة “دوبل لاين كابيتال”، والتى تدير أصولاً بقيمة 80 مليار دولار: “لم نشهد أبداً مثل هذا الوضع فى السابق، والذى ينذر بانعطاف غير محمود”.
وأكدت وكالة “ستاندرد آند بورز“، أن حجم الدين لدى شركات عالمية بلغ ثلاثة أضعاف الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك فى عام 2015، وهو أعلى مستوى مقارنة بالبيانات التى يرجع تاريخها إلى عام 2003؛ حيث ارتفع الدين 2.8 ضعف فى العام الماضي، وارتفع إجمالى الديون لدى الشركات المدرجة، بالبورصة، فى الصين، ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، إلى أعلى مستوى فى ثلاث سنوات، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة “بلومبرج”.
وقالت وكالة التصنيف، إن البيانات المتعلقة بتفاقم الديون لدى 863 من المؤسسات المالية، العام الماضي، ساهمت فى تخفيض تصنيفها الائتماني، وهو أكبر عدد من المؤسسات منذ عام 2009.
وبينت الوكالة، أيضاً، أن أكثر من ثلث شركات السلع والطاقة العالمية موضوعة على النظرة السلبية، ما ينذر باحتمالية تخفيض تصنيفها.
وأكدت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتمانى، أنها خفضت ائتمان ما يقرب من 6% من سندات الشركات الأمريكية خلال الربع الثالث، وهى أكبر نسبة منذ عام 2009، وأضافت المؤسسة فى تقرير لها فى نوفمبر من العام الماضى، أنها خفضت ائتمانها لسندات ديون بحوالى 94 مليار دولار لشركات أمريكية ذات التصنيف دون الدرجة الاستثمارية، وذلك مع رفعها ائتمان شركات أخرى بواقع 89 مليار دولار فى الأشهر التسعة الأولى من 2015.
وأُنفق الكثير من الائتمان الرخيص على عمليات دمج واستحواذ قيمتها 3.8 تريليون دولار، ولتمويل إعادة شراء الأسهم ودفع الأرباح.
وفى حين أن هذا الإجراء يميل إلى رفع أسعار الأسهم فى المدى القصير، فإن مستثمرى السندات سيرون نتائج الأموال التى أنفقت على تعزيز الأعمال التجارية على المدى الطويل.
وقال يروين فان دن بروك، رئيس قسم استراتيجية الائتمان للأسواق المتقدمة والبحوث فى بنك “آى ان جي” الهولندى: “إن هذه البيانات تعد مؤشراً بأننا نشهد مناخاً مختلفاً من التوسع، بدلاً من التزام التعقل والحذر، ويلقى هذا بثقله على المساهمين والمديونية، وأصحاب الائتمان”.
وترى وكالة “ستاندرد آند بورز”، أن التوقعات بشأن سوق الائتمان العالمى مستقرة، وتطرق تقرير صادر عن شركة سيتى جروب الشهر الجارى إلى أن شركات الاستثمار راكمت كميات قياسية من النقد، ما سيحميها تماماً من أى اضطراب بالسوق.
وقال سوكى مان، رئيس سابق لقسم استراتيجية الائتمان الأوروبية فى بنك “يو بى إس”، مؤسس موقع “كريديت ماركت دايلي” لتحليل سوق السندات، إن مديونية الشركات فى أعلى مستوياتها، ولكنها لن تمثل مشكلة إلا إذا كانت الشركات غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، مضيفاً: “بالنهاية لا تزال قدرة الشركات على تلبية تلك الالتزامات فى مستوى جيد جداً”.
ولا تزال تكاليف الاقتراض الإجمالية للشركات فى جميع أنحاء العالم عند متوسط 3%، وهى أقل من 4.5% خلال العقدين السابقين حتى مع اتساع هوامش الإقراض.
ومع ذلك، تمثل مستويات الرفع المالى العالية وتباطؤ الاقتصاد العالمي، بالنسبة للكثيرين فى السوق، مصدر قلق كبير.
وأوضح البنك الدولى، أن النمو العالمى سينخفض العام الجارى، متأثراً بتباطؤ الصين والذى يطيل أمد حالة تراجع السلع والركود فى كل من البرازيل وروسيا.
وقال محللون بالبنك، إن تكلفة الديون للشركات العالمية وصلت إلى مستويات عالية جديدة، واعتباراً من الربع الثاني، تكبدت شركات عالية الجودة 119 مليار دولار كمصروفات فوائد للقروض خلال العام الماضي.