نادراً ما نجد نقدية من فئات الخمسمائة يورو، أو المئة دولار، أو الخمسين جنيهاً إسترلينياً فى محفظة جيب المستهلك العادى، خاصة فى عالم اليوم الذى يتسم بالدفع الرقمى.
ومع ذلك، لا تزال النقدية هى الملكة فى العالم السفلى للإرهابيين، وتجار المخدرات، والمتهربين من الضرائب، وطالبت دراسة جديدة بإلغاء “عملة النخبة الفاسدة”.
وقال بيتر ساندس، المدير التنفيذى السابق لبنك “ستاندرد تشارترد” فى بريطانيا، إن منع الحكومات التعامل بمثل هذه الفئات العالية من النقدية، سيجعل الأمور أكثر صعوبةً على المجرمين.
وقدرت الدراسة، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن التدفقات النقدية غير الشرعية تصل إلى 2 تريليون دولار سنوياً، وأن التهرب الضريبى يحرم الحكومات مما يصل إلى 70% من دخلها.
وقال ساندس، إن الأوراق النقدية عالية القيمة ليس لها دور كبير فى الاقتصاد الرسمى، إنما تلعب دوراً حيوياً فى الاقتصاد غير الشرعى، وحث مجموعة العشرين على التعامل مع الأمر قبل القمة المقبلة فى الصين فى سبتمبر.
وتأتى دراسة ساندس فى وقت تتزايد فيه المجهودات من قبل الاتحاد الأوروبي، ووكالات أخرى متعددة الجنسيات لتقنين استخدام الفئات النقدية العالية.
وحتى الآن، اقتصرت مبادرات الحد من تداول الأوراق النقدية عالية الفئة على دول قليلة مثل بريطانيا التى طلبت من بنوكها فى 2010 التوقف عن التعامل بفئات الخمسمائة يورو بعد دراسة حكومية أثبتت أنها تستخدم بشكل أساسى من قبل المجرمين.
وقالت المفوضية الأوروبية، الأسبوع الماضى، إنها سوف تحقق فى دور فئة الخمسمائة يورو كجزء من حملتها على تمويل الإرهاب، مشيرة إلى أن الطلب على هذه الفئة مرتفع “نتيجة قيمتها العالية، وحجمها الصغير”.
ومع ذلك، قد تواجه هذه الحملة مقاومةً خاصةً من الأشخاص المتخوفين من أن يكون إلغاء الفئات القيمة خطوة أقرب تجاه مجتمع بلا نقدية، وهو ما سيعزز قبضة البنوك والحكومات على أموال الناس.
وقال يفز ميرش، عضو المجلس التنفيذى فى البنك المركزى الأوروبى، المحافظ السابق للبنك المركزى فى لوكسمبرج، إنه يريد أن يرى دليلاً على أن المجرمين هم أكثر المستخدمين لفئة الخمسمائة يورو.
وتعد لوكسمبرج واحدة من أكبر طابعى الأموال النقدية، وبلغ صافى إصداراتها لجميع الفئات 93.5 مليار يورو فى 2014، وهو رقم يعادل ناتجها المحلى الإجمالى مرتين.
وقال ساندس، إن إلغاء الأوراق النقدية ذات الفئات العالية لن يمنع التهرب الضريبى أو الجريمة أو الإرهاب أو الفساد، لأن الأشخاص السيئين سوف يلجأون سريعاً لتبنى أعلى فئة متاحة من العملة، أو حتى المواد القيمة مثل الذهب أو الألماس.
ولكنه أضاف أن هذه المواد تكون أثقل وأضخم، وأسهل فى التتبع، وأقل قبولاً، ما يعنى أن استخدامهم لها سيحمل المجرمين تكلفة أعلى ومخاطرة أكبر فى أن يلقى القبض عليهم.